"إن التهديد الإيراني ما زال يواجهنا بمنتهى القوة إذ أن أكبر خطر بالنسبة لإسرائيل ومنطقة الشرق الأوسط والعالم أجمع يتمثل بهذا اللقاء بين الإسلام المتشدد والسلاح النووي".
وقد تحدث نتنياهو ذلك صراحة مع الرئيس الأمريكي باراك أُوباما وكان حديث مضني بينهما إذ ركز نتنياهو على التحريض لضرب إيران والتهويل من قدرتها إنتاج سلاح نووي في المنظور القريب وحاول إقناع الإدارة الأمريكية القيام بشن حرب عليها أو حتى ضرب منشئاتها النووية. وفي حالة عدم موافقة الإدارة الأمريكية لتلك الخطوة ما المكاسب التي سوف تجنيها إسرائيل جراء عدم قيام الولايات المتحدة بضرب إيران في الوقت الراهن.
فهل خطوة نتنياهو تجاه ملف إيران النووي هي من أجل ضمان أمن "إسرائيل" فحسب أم أن هذه مناورة منه للتهويل من قدرة إيران النووية للهروب من الإدارة الأمريكية الداعية لإحياء عملية السلام مع الفلسطينيين، ولاحظنا ذلك في إصرار الرئيس الأمريكي أوباما وحثه الجانب الإسرائيلي البدء في المفاوضات الثنائية مع الفلسطينيين والتوصل إلى حل للقضايا العالقة بينهما والإسراع في قيام دولة فلسطينية على حدود عام 1967 وفق رؤية الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش "الابن".
فلقد طالبت القيادة الفلسطينية الرئيس أوباما بإلزام نتنياهو وحثه خلال لقاءه السابق معه في البيت الأبيض على البدء في المفاوضات الثنائية وإحلال السلام مع الفلسطينيين وإنهاء احتلال الأراضي الفلسطينية كي يسود السلام منطقة الشرق الأوسط وأن نتنياهو يقرع طبول الحرب على ايران واختار الاستيطان واستمرار الاحتلال.
في حين نجد نتنياهو يهدد القيادة الفلسطينية بعدم التوصل إلى حل بخصوص القضايا العالقة (الحدود والقدس) في حال دخول حركة حماس في الحكومة المقبلة، وتارة يتذرع بالملف النووي الإيراني ولا يريد الاستمرار في عملية السلام والتوصل إلى حل للصراع العربي - الإسرائيلي ونجده يراوغ لكسب المزيد من الوقت لكي يغير الواقع الديمغرافي على الأرض وبناء مزيد من البؤر الاستيطانية واستكمال بناء الجدار العازل وطرد المزيد من المقدسيين من بيوتهم.
فلقد استبق نتنياهو اللقاء مع الرئيس أوباما بهجوم لاذع إزاء موقف الأخير المؤيد لاستمرار المفاوضات بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي وأن نتنياهو كما اسلفنا يسعى إلى معرفة الامتيازات التي ستقدمها الولايات المتحدة لإسرائيل لضبط خياراتها أمام التهديد الإيراني وما هو الخط الأحمر لدى الإدارة الأمريكية الذي يجب على ايران أن لا تتخطاه وانه في حالة تنازلت إسرائيل عن ضرب إيران ما الدوافع التي ستقود الولايات المتحدة إلى مهاجمة ايران.
وهكذا نجد أن نتنياهو يحاول في كل مرة أن يهرب إلى الأمام (عن طريق القيام بعملية عسكرية محدودة في غزة – اغتيال عدد من قيادات العمل الوطني في غزة) أو (القيام بضرب بعض المنشئات النووية الإيرانية) من أجل مواجهة الضغوط الأمريكية عليه للاستمرار في المفاوضات والتوصل إلى سلام مع الجانب الفلسطيني، فهو يتخذ المفاوضات من أجل المفاوضات وليس من أجل الحل أي من أجل كسب المزيد من الوقت لإحداث التغيير على الأرض وابتلاع المزيد من الأراضي الفلسطينية وطرد سكانها الأصليين منها واستكمال بناء الجدار العازل وطرد السكان المقدسيين من منازلهم مستغلا في ذلك حالة الانقسام الحاصل بين الفلسطينيين فهل يعي المفاوض الفلسطيني لهذه النقاط السالفة الذكر وينهي ملف المصالحة بأسرع وقت ممكن حتى يتمكن من مجابهة ذلك التغول الصهيوني ضد مقدساتنا وضد الأراضي الفلسطينية المحتلة.
دكتور/ كمال محمد الشاعر
[email protected]
رفح في 09/03/2012
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت