ماذا تريد إسرائيل من غزة ؟ ألا تخرجي من هوائنا !!!/علاء المشهراوي


ربما يبدو هذا التساؤل ساذجا ، ولكن أهميته تنبع من بساطته وصعوبة فهم الإجابة عليه ، ولا نملك الا ان نقول الا كما قال شاعرنا العظيم محمود درويش اخرجوا من ملحنا ومائنا وهوائنا .

إن إسرائيل تعرف جيداً كم هو مؤلم لها أن تقدم ضحايا بشرية أمام شعبها وهي تعلم أن الأداة الوحيدة التي تضمن لجنودها سلامتهم هي اقتصار عملياتها العسكرية على القصف الجوي سواء بالطائرات أو الدبابات أو البوارج لأن أي محاولة توغل بري حتى لو كانت سرقة في جوف الليل معناها سقوط ضحايا وليست الحرب على غزة الفاشلة إلا خير دليل على ذلك.

لقد ذكرت في ثلاث مقالات سابقة عام 2008 قبيل الحرب على غزة الأول بعنوان : أتحدى أن تجتاح إسرائيل غزة ! والثاني بعنوان : حماس ممر إجباري، والثالث بعنوان : ماذا تريد إسرائيل من غزة ؟ بوضوح أن قواعد اللعبة تحول دون أي اجتياح وتحول دون أي حل بدون حماس ، وقد دفعت التطورات والقناعات المتواترة بجهود مصريه الى الوصول الى تهدئة غير معلنه .

فالمعادلة تعود مجددا فهاهي إسرائيل ترتكب المزيد من المجازر في قطاع غزة والبلدات الإسرائيلية تكتوي بصواريخ المقاومة وهذا سيستمر إذا ما استمر العدوان والحصار ، وهنا نعود للمربع الأول يجب فك الحصار لتحدث تهدئة ميدانيه حقيقية تمهد لتسوية سياسيه نهائيه .

فأمريكياً ، تعرف انه لن تكون هناك تسوية وإسرائيل ترتكب يومياً المجازر في قطاع غزة والبلدات الإسرائيلية تكتوي بصواريخ المقاومة وهذا سيستمر إذا ما استمر الحصار ، اذن فالتهدئة الميدانيه رغبة رسمية للإدارة الأمريكية لتحقيق تلك التسوية .

مصرياً ، تعرف مصر أن الانفجار الذي يوشك ان يقع في قطاع غزة عبر هجمات عسكرية متواصلة على القطاع يتبعها قصف البلدات الاسرائيلية وربما عمليات فدائية داخل اسرائيل والضفة الغربية وهذا سيدفع اسرائيل الى تشديد الحصار أكثر وربما اقفال كل المعابر وبطبيعة الحال هذا لا يحل المشكلة ربما سيقود الى الانفجار الأكبر وهنا ستكون مصر المتنفس الوحيد لشعب ينفجر ، وهذا الأمر لن يكون في مصلحة مصر ، اذن فالتهدئة وفك الحصار أمران يصبان أيضا في المصلحة المصرية بامتياز .

فتحاويا فالرئيس أبو مازن ، بصفته الطرف الفلسطيني المفاوض يجد غضاضة في استمرار مفاوضات مع عدو يقتل أطفاله ويجوع شعبه ويحكم حصاره على قطاع غزة ، عدا عن ذلك فهو لن يقبل أن يمارس الجيش الإسرائيلي عمليات أوسع في عمق القطاع وإلا سيستمر وقف المفاوضات منذ الحرب الأخيرة على غزة ، ومن هنا فان مصلحة هذا الطرف مع التسوية .

اما حركة حماس فتعتبر أن تحقيق تهدئة يفضي لفك الحصار وعودة الحياة الطبيعية سيمكنها من اثبات عدة أشياء أهمها انها لم تنكسر أمام الحصار وكذلك يعطيها فرصة لتثبت نفسها أمام ناخبيها بأنه بامكانها أن تنجز لهم شيئا وان ما لحق بهم من مصائب جاء لأنها لم تفرط بالثوابت والمبادئ التي أعلنت عنهم وخلاصة القول فان التهدئة وفك الحصار سيحققان أيضا مصالح حماس .

الان اتفقنا أن فك الحصار والتهدئة هي مصلحة أميركية مصرية فتحاوية حمساوية وهذا أيضاً يتطلب تعميق الحوار بين الأشقاء الفلسطينيين كي يتمكن الرئيس أبو مازن من تمرير أي تسوية مستقبلية مع اسرائيل وهذا لا يمكن بدون حوار حماس ومصالحتها .

وهنا السؤال الأكبر : هل تلتقي مصلحة اسرائيل مع مصالح هذه الأطراف ؟
والجواب السريع : نعم ، فكما قال شيمون بيرس بعد توقيع اتفاق اوسلو : لا يضمن أمن دولة اسرائيل الا دولة فلسطينية مجاورة ، وهذا في ظني صحيح لأن نظرية الأمن الصهيونية تغيرت مع تمكن صواريخ المقاومة الاسلامية في لبنان من اصابة حيفا وما بعدها وصواريخ المقاومة الفلسطينية من الوصول الى المجدل وعسقلان وعزاتا بل والسبع وشل جنوب اسرائيل ونقل المعركة الى داخل البيت الاسرائيلي ، فلا عمق جغرافي يحفظ أمنها وليس أمامها سوى العيش بحسن جوار مع جيرانها وهذا لا يتم الا بدولة فلسطينية مستقله حقيقية السياده ، وهذا يتطلب تسوية مع الفلسطينيين ولا تسوية بدون تهدئة ولا تهدئة مع الحصار ولن تمرر تلك التسوية بدون رضا حماس ومن هنا فالمعادلة تكون الان أكثر نضجا ووضوحاً .

ويعود السؤال الملح : ماذا تريد اسرائيل من قطاع غزة ؟ فلا احتلال له استمر ولا اجتياح له من جديد يثمر ، ولا حصار عليه انتصر ، فلا غير تفوق جوي تكنولوجي لا يحقق كل الأهداف وليس سوى حرب استنزاف تكوي الجميع ولا سيما هذا الشعب المغلوب على أمره ، ولا يظهر في الافق استكانة للمقاومة في قطاع غزة أو تباشير بانهزامها أو نجاح عملية كي وعيها لا سيما بعد ان احسنت واحصنت سلاحها بفضل الانفاق باعتراف اسرائيل .
أعتقد أن اسرائيل فعلاً لا تعرف ماذا تريد من قطاع غزة ؟ وأتحدى نتنياهو كما تحديت من قبل أولمرت وباراك وبيرس وشارون ان كانوا يملكون الجواب كما كان رابين يملكه وقاله بصراحه لا تخلو من الوقاحه : اتمنى ان تغرق غزة في البحر !

ارجو ان تكون اسرائيل تمتلك اجابه شافيه لممارساتها الرعناء الغبية حتى نتمكن من معرفتها اولا ثم فهمها ثانيه ، وعليها الا تطيل المماطله بتلك الاجابه لان قواعد اللعبه حتما ستتغير مع الربيع العربي والمد الجماهيري العارم الذي يعشق فلسطين ويحبها حبا اختلط بحليب رضاعتهم من امهاتهم .
انتهى

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت