دلال المغربي .. لوزة آذار والشهيدة الأسيرة تطالب بمحاكمة الاحتلال/ نشأت الوحيدي

12 آذار 2012م - كتب نشأت الوحيدي - إنه آذار الحزين .. يعود مثل كل عام .. يطل من نافذة الحرية والعودة والإستقلال بعيون فدائية جريحة ... ويقرأ كل مستجد وحدث منذ أن فارقتنا دلال .. عروس يافا الشهيدة والأسيرة في مقابر الأرقام الإسرائيلية منذ 34 عاما في 11 آذار 1978 ..

عادت الذكرى لتجدد فينا أملا وحلما بالمقاومة والحرية والعودة إلى ربوع الوطن الحبيب وإلى كل شارع وقرية وشجرة كان أهلنا يستظلون بظلالها ... يفترشون الأرض ويلتحفون السماء .. آمنين .. مطمئنين ....

إنها الحرة دلال .. عروس يافا والبحر .... تعود كلما تعنت السجان وأظلمت الزنازين لتؤكد بأن أرواح الشهداء تحلق في سماء الوطن .. تحمينا من أنفسنا ومن طائرات وقذائف ورصاص مجرمي الحرب الإسرائيليين ...

أبت دلال إلا أن تعود في آذار لتعانق روحها أرواح أخواتها ورفيقاتها الأسيرات الماجدات والشهيدات مع وقف التنفيذ في سجون الإحتلال ....

في العام 2012 وبعد مرور 34 عاما على قيام الإحتلال الإسرائيلي بأسر جثمانها الطاهر فإن لوزة آذار الشهيدة القائدة دلال سعيد المغربي تأبى إلا أن تعانق روحها وذكراها العطرة صمود وإرادة ومجد الأسيرة هناء شلبي التي تخوض إضرابا مفتوحا عن الطعام منذ 26 يوما تنديدا بسياسة الإعتقال الإداري في معركة رفع شعارها الأسير الفلسطيني خضر عدنان بأن الحرية والكرامة أغلى من الطعام والشراب .

عادت دلال .. عادت برتقالة فلسطين .. لتصافح بمسك ذكراها نصفها الآخر في الثامن من آذار .. وتكتب في الذاكرة من جديد بأن جرائم الإحتلال الإسرائيلي لا تسقط بالتقادم وأن الصغار لا ينسون وأنه من الجنون أن ينتصر الإحتلال على إرادة وصمود هناء والشعب الفلسطيني لأن خوف الإحتلال وقلقه أكبر من قلق وخوف الفلسطينيين وأن الأرض ومهما عمل الإحتلال على تغيير معالمها فإنها تعرف أصحابها ولغتهم ولهجاتهم الفلسطينية .

أربع وثلاثون عاما مضت وما زال جثمان الشهيدة الفلسطينية معتقلا لدى الإحتلال في مقابر تعرف بمقابر الأرقام الإسرائيلية .. ولا حراك للأمم المتحدة أو المجتمع الدولي والإنساني أو المجلس الدولي والمفوض السامي لحقوق الإنسان أو للجنة الدولية للصليب الأحمر والإتحاد الأوروبي .
إن الإحتلال الإسرائيلي يعتقل جثامين الشهداء الفلسطينيين والعرب في تلك المقابر وكأنه يخشى من عودتهم لمقارعته في قلبه الهش فها هم إخوة الدم والتراب الشهداء تلتقي أرواحهم الطاهرة في شهر اللوز آذار ... نبيل مسعود من فتح ومحمود سالم من حماس اللذان سطرا ملحمة فلسطينية في الرابع عشر من آذار 2004م عندما اخترقا حاجز الصوت والحديد والأمن الإسرائيلي ونفذا عملية أسدود الفدائية المشتركة الشهيرة حيث تعانقت دمائهما الطاهرة هناك للتأكيد على وحدة الهدف والهوية والدم والألم والأمل والمصير .. وما زال الإحتلال يعتقل جثمانيهما الطاهرين انتقاما وعدوانا .

إنه آذار اللوز والحرية والكرامة والذي سطر وسيطر في السادس منه في العام 1975 فدائيو فتح على فندق السافوي ما أسفر عن مقتل 45 إسرائيليا ... إنه آذار جيفارا والذي استشهد في التاسع منه في 1973م .. إنه آذار طبريا والفالوجا ومعركة اليامون والتي استشهد فيها القائد القسامي عطية أحمد عوض في 2 / 3 / 1938م حيث أسفرت المعركة عن مقتل 70 بريطانيا .

إنه آذار الشهداء العظاء الذين حافظوا بذكراهم على لغة الأرض ولون الأرض ولهجات الأرض .. آذار الشيخ الياسين وآذار القيسي والأسير المحرر المبعد الشهيد محمود حنني ومحمد يوسف " أبو الشاش " ومصطفى شهاب وآذار الماجدة فاطمة النمس " أم غازي " التي استشهدت في يوم الكرامة والأم وآذار الكرامة في الحادي والعشرين للعام 1968م ........

إنه آذار الذي يؤكد أن المرأة الفلسطينية شريك أساسي في النضال جنبا إلى جنب الرجل والذي يؤكد أن نساء فلسطين هن نصف البرتقالة الفلسطينية وحارسات الحلم والنار والدار والضمير ... فيا وطن الشهداء تكامل ......

إنه آذار الحرية والكرامة الذي يشهد بصمود وإرادة الأسرى والمعتقلين في سجون الإحتلال الإسرائيلي ويشهد بأن الأسيرة البطلة هناء يحيى شلبي " 28 عاما – برقين – قضاء جنين " تقف في الخندق الأول للدفاع عن حقوق الإنسان في مواجهة الإعتقال الإداري وظلم السجان الإسرائيلي الذي ينتهك أبسط الحقوق الإنسانية للفلسطينيين في الحرية والحياة الكريمة .

ما أعظم الشهداء .. الذين كانوا عظماءا فوق الأرض وأبوا إلا أن يكونوا دائما هم العظماء في قلب الأرض ....

في آذار الحرية والكرامة نهدي روحك الطاهرة يا دلال .. يا لوزة فلسطين سلاما وعهدا وقسما ووفاء بأن نظل نستظل بذكراك ما حيينا ... ولا بد من أن يتحرر جثمانك الطاهر ليدفن بقرب جثمان أقرب الناس لك ... الحاجة آمنة .. أمك .... التي انتظرت عودتك على صهوة جواد ساحلي محررة من مقابر الأرقام والحفر الإسرائيلية .

آمنة المغربي كانت تنتظر جوادا ساحليا يحمل على صهوته دلال

آذار 2011م - كتب نشأت الوحيدي/ كنت سأقوم بنشر وتوزيع هذا الموضوع عبر وسائل الإعلام قبل هذا التاريخ ولكنني عدلت عن ذلك ليتم نشره في هذه الأيام لتسليط الضوء على صمود وتضحيات أمهات الأسرى وأمهات الشهداء الأسرى في مقابر الأرقام الإسرائيلية هذا أن هذا التاريخ يتزامن مع الذكرى السنوية الثانية لوفاة واستشهاد الحاجة آمنة المغربي .. فمن هي الحاجة آمنة المغربي .. ؟؟؟!!!

كانت الحاجة آمنة حسن المغربي " أم محمد " تنتظر عودة كريمتها دلال سعيد محمد المغربي " من مواليد 29 / 12 / 1959م " على صهوة الجواد الساحلي برفقة قوافل الجثامين العائدة والمحررة ضمن صفقة التبادل بين جيش الإحتلال الإسرائيلي وحزب الله اللبناني في العام 2008م .

كانت الحاجة آمنة وحسب السيدة رشيدة المغربي وهي كريمتها الثانية تحلم بلقاء جثمان وليدتها الفدائية الشهيدة دلال حيث لطالما انتظرت عودتها محررة من مقابر الأرقام أو من ثلاجات التبريد الإسرائيلية والتي يعتقل فيها الإحتلال جثامين الشهداء .

كانت نظرات الأم في الليل والنهار تحبو وتصبو لنسمات وطنية ونسيما يحمل رائحة دلال الشهيدة حالمة بأن يحملها النسيم على أجنحته وقد تمزقت نياط قلبها حنينا ولهفة وشوقا للقاء ابنتها ولو كانت بقايا أو عظاما من جسد وإرادة كسرت ذات يوم شوكة الأعداء ومرغت أنف الإحتلال في رمل الكوابيس والدجى .

استشهدت دلال سعيد المغربي في الحادي عشر من آذار 1978م ومنذ ذلك الحين والزمن وأمها الحاجة آمنة حسن المغربي " أم محمد " وهي تنتظر عودة " عروس يافا " محررة من قيد السجان والحفر الإسرائيلية المغمسة بدم الشهداء وصبر الأمهات والآباء والأبناء والأقارب والأصدقاء وعموم الشعب المرابط .

توفيت الحاجة آمنة في 9 / مايو 2009م نتيجة للحالة النفسية والصحية الصعبة التي أصابتها بعد انتظارها لحلم قد يتحقق ولم يتحقق بعد حيث كانت تنتظر ابنتها في كل صباح ومساء وكانت تعد التوابيت التي تحمل الجثامين وهي تقف في شرفة بيتها الكائن في بيروت أثناء عودة الجثامين المحررة من مقابر الأرقام الإسرائيلية في الصفقة السالفة الذكر بين جيش الإحتلال الإسرائيلي وحزب الله اللبناني .
توفيت الحاجة آمنة ولكن الحلم لم يمت بعد ... فالإرادة الفلسطينية والأمل أقوى من محاولات الأعداء لطمس جرائمهم وتزييف الحقائق وأقوى من الحصار والدمار ومن الهولوكوست الإسرائيلي وإن الشعب الفلسطيني برباطه لأقوى من كافة القرارات والقوانين العنصرية الإسرائيلية والإستعمارية لأنه شعب الجبارين فإن غضب فسيحرق الأخضر واليابس كما كان يقول الرئيس الشهيد ياسر عرفات وسيظل ميدان الشهيدة دلال المغربي واسمها كابوسا في نوم الإسرائيليين وصحوهم .

رحلت الحاجة آمنة والدة الفدائية الشهيدة دلال سعيد المغربي في مايو 2009م وهي تتطلع إلى السماء راجية لحظة وداع لجثمان ابنتها الطاهر فلعل في هذه اللحظة بعودة الجثمان يكون انتصار لأهالي الشهداء المعتقلين لدى الإحتلال والذي بدوره يخشى من عودة الشهداء .

إن المتابع لملف الأسرى بمختلف صفحاته وجوانبه يرى أن الإحتلال الإسرائيلي يتعامل مع الأسرى الأحياء بلغة الأصفار ويتعامل مع الشهداء الأسرى بلغة الأرقام فيا لها من عنصرية وفاشية يتسم بها الإحتلال والذي يجد الخطى لإطلاق سراح شاليط من قبضة المقاومة الفلسطينية كما جد من قبل لإطلاق سراح أشلاء الجنود الإسرائيليين الذين قتلوا على يد المقاومة الفلسطينية أثناء الإجتياح الإسرائيلي لحي الزيتون بغزة في العام 2004م .

رحلت الحاجة آمنة وما رحلت ... ورحلت دلال وما رحلت وإنما بقيت شوكة وزجاج في حلق الإحتلال الذي يخشى من عودتها في ذكرى النكبة الثالثة والستين .... وقد قال الشاعر الفلسطيني الكبير توفيق زياد :

كأننا عشرون مستحيل .. في اللد والرملة والجليل

هنا ... على صدوركم ، باقون كالجدار

وفي حلوقكم كقطعة الزجاج ، كالصبار

وفي عيونكم زوبعة من نار ...
احتج الإحتلال الإسرائيلي على افتتاح ميدان القائدة الشهيدة دلال المغربي بمنطقة أم الشرايط في رام الله وكما احتج هذا الإحتلال على إطلاق اسم الشهيدة وفاء إدريس إحدى الفعاليات الفلسطينية وهذا هو الإحتلال بوجهه الحقيقي والعنصري والذي يخشى ويخاف الحقيقة حتى ولو كانت شهيدة . وهذا هو حال أمهات الشهداء الأسرى في مقابر الأرقام الإسرائيلية واللواتي لا تقل معاناتهن عن بقية الأمهات المكلومات والماجدات واللواتي يستشهدن ويرحلن بصمت وهن يودعن الشوق إلى لحظة وداع أخيرة لجثامين أبنائهن الطاهرة وهي محررة من قيد الحفر وكيد العدو .

سألت أحد المتابعين لهذا الملف من رموز شعبنا الفلسطيني في المناطق المحتلة عام 1948م حول ما يتردد في وسائل إعلام هنا وهناك أو على ألسنة البعض بأنه هل يعقل بأن الإحتلال الإسرائيلي يحتفظ بالفعل بجثامين بعض الشهداء في ثلاجات تبريد فكان الرد بأن الإحتلال الإسرائيلي الذي يتنكر لحقوق شعبنا الفلسطيني ويحرم شعبنا من الحرية ومن حرية الرأي والتعبير والحركة ويحرم طفلة صغيرة من لقاء أبيها الأسير ولو للحظة ويحرم شعبنا من الهواء النقي ومن الماء والكهرباء والذي يعتقل الأحياء والأموات فهل يعقل أن يمنح هذا الإحتلال العنصري جثامين أمواتنا وشهدائنا وهم أحياء عند ربهم يرزقون تلك الكهرباء لعشرات السنين .

نأمل أن يتحرر أسرانا الأحياء منهم والأموات في صفقة تبادل مشرفة للجميع تضمن حرية الأسرى من سجون الإحتلال دون قيد أو شرط أو شرط أو تمييز وتضمن تحرير جثامين الشهداء من مقابر الأرقام الإسرائيلية وأن تضمن عودة مبعدي كنيسة المهد لذويهم وديارهم التي هجروا منها قسرا

سلام على الأمهات الماجدات والشهيدات الخالدات أينما كن وسلام لروح الحاجة آمنة المغربي والدة الفدائية دلال سعيد المغربي في ذكرى وفاتها .. وسلام لأرواح شهداء فلسطين " شبابا وشيوخا وأطفالا ونساء " وبردا وسلاما على شعبنا في كل النكبات .

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت