التنازل الاسرائيلي للجهاد سيواجه معارضة ستدفع لتصعيد جديد

غزة – وكالة قدس نت للأنباء
ستحمل الأيام القادمة في قطاع غزة هدوءًا نسبيًا رغم الخروقات المتبادلة بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل للتهدئة التي توصل الطرفين إليها برعاية مصرية بعد موجة التصعيد الأخيرة، وصولاً للجولة القادمة، والتي سيحاول خلالها كلا الطرفين التأكيد على الاحتفاظ "بزمام المبادرة".

ويقول الكاتب المختص في الشؤون الإسرائيلية أكرم عطا الله "من الواضح أن الأيام الأخيرة كانت تتجه نحو تهدئة ولكنهم (الطرفين) كانا يبحثان عن صيغة لإخراج التهدئة"، مبينًا أن طبيعة الاتفاق كانت هشة لأن إسرائيل قالت إن "كل ما حدث هو اتفاق شفوي وفي نفس الوقت ربما تذهب لاغتيال آخر".

ويوضح عطا الله في حديث لمراسل وكالة قدس نت للأنباء بأن الاحتفالات التي تجري في إسرائيل قد تحدث ندمًا لشرط "وقف سياسة الاغتيالات" الذي قدمته لحركة الجهاد الإسلامي، وأن التنازل الذي قدمته إسرائيل عندما يناقش في المؤسسة العسكرية سيواجه معارضة كبيرة ستدفع نحو تصعيد جديد، حتى تنفي هذا الشرط عنها".

واستبعد عطا الله أن تكون إسرائيل حاولت خلال موجة التصعيد الأخيرة استدراج المقاومة الفلسطينية لمعرفة قدراتها العسكرية واختبار منظومة "القبة الحديدة" قائلاً" عدة أسباب لهذه الحرب قد يكون هذا أضعفها، وهذه ليست أول معركة لاختبار القبة الحديدة، وإلا لما وافقت وزارة المالية الاسرائيلية على صرف مبلغ للبطارية الرابعة التي ستنشر بعد شهرين وعلى تكاليف البطارية التي نشرت في تل أبيب قبل شهر".

تختلف في تفسيرها...
وحول حديث إسرائيل عن حقها بالرد على المقاومة الفلسطينية في حال واصلت إطلاق الصواريخ يقول عطا الله" إسرائيل توقع الاتفاقية وتختلف في تفسيرها، وهذا ما حدث في العقود الماضية مع الفلسطينيين، وحتى الاتفاقية الواضحة تقول إسرائيل التفسير منها هكذا.. وهكذا"، منوهًا إلى أن التزام إسرائيل في الساعات الأخيرة من مساء الأحد لأنها كانت تحت حالة ضغط."

ويشير الكاتب المختص بالشؤون الاسرائيلية عطا الله إلى أن بعض المعلومات التي كانت ترد إلى إسرائيل تشكل أزمة لديها وخاصة أنها توقعت بأن الجهاد قد تضرب صواريخ "فجر" والتي تصل إلى عمق إسرائيل، وهذا ما دفعهم على وجه السرعة بالطلب من مصر بإعادة الوضع إلى ما كان عليه قبل التصعيد.

الجولة رابحة...
ويبين أن إسرائيل اعتبرت الجولة رابحة وأنه لا يوجد إجماع في الصحافة الإسرائيلية على إعادة التصعيد مرة أخرى، لأن هناك من يعتبر إن "ما حدث كافي وحقق كل أهدفه من هذه الجولة، معتبرًا بأن هذه المعركة ستقرب الصف الفلسطيني من التوحد وإتمام المصالحة.

ويلفت الكاتب أكرم عطا الله إلى أن التصعيد الأخير أحدث نوعًا من التغيير على الساحة الفلسطينية وخاصة بقطاع غزة، حيث منحت الجهاد الإسلامي جماهيرية أكبر وهي خارج إطار الانقسام وبالتالي سيكون له تأثير قائلاً :" بالمقابل أثرت على حركة حماس وبالتالي ربما تذهب حماس نحو المصالحة للخروج من هذه الحرج بموقفها الذي كان محايدًا ".

تبدل رسائل...
ويرى الخبير في الشأن الإسرائيلي، أستاذ العلوم السياسية في جامعة تل أبيب، الدكتور وديع أبو نصار بأن مصير التهدئة بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل يأتي في إطار محاولات لإطلاق بعض الرسائل تشمل العودة إلى الحياة العادية، قائلاً " نذكر أنه لا تهدئة كاملة دائمًا يكون خرق هنا وهناك وتبادل رسائل إذا أنت تخرق فسأخرق".

ويوضح أبو نصار في حديث لمراسل وكالة قدس نت للأنباء بأن كافة الأطرف ليست معنية بتصعيد على الأقل في الأيام القريبة القادمة، على الرغم من أن موقف جزء كبير من الإسرائيليين كانوا معنيين بحملة عسكرية أكبر وأشمل من تلك التي حدثت خلال الأيام السابقة."

يبحثون عن الهدوء...
ويشير إلى أن الغالبة العظمى بالشارع الإسرائيلي يبحثون عن الهدوء، رغم أنهم يفضلون حسمًا عسكريًا، مبينًا بأنه لا يوافق الرأي القائل إن "إسرائيل حاولت استدراج الفصائل اتجاه حرب لقياس قدراتها العسكرية، لافتًا إلى أن إسرائيل تدرك كافة تحركات المقاومة، وتطوراتها وتعي جيدًا أن المقاومة تطور من نفسها يوميًا."

ويقول أبو نصار إن "الأيام القادمة ستحمل هدوءًا نسبيًا والعودة إلى ما كان الحال عليه قبل التصعيد، وسيكون هناك خروقات بين الطرفين وصولاً للجولة القادمة، ولن تكون هناك تهدئة طويلة المدى ولن تكون حرب، لأن إسرائيل والفصائل غير معنيتان بحرب جديدة، ولكن الطرفين يمكن لهما الاحتفاظ "بزمام المبادرة".

وحول إمكانية إعادة مقولة إن "الجيش الإسرائيلي لا يقهر من خلال التصعيد على غزة" يقول أبو نصار" الجيش الإسرائيلي فقد هيبته منذ العام 1973 وليس من قبل حماس والجهاد، والفصائل الفلسطينية فشلت في العمل العسكري مع إسرائيل مع الحديث عن بعض الإنجازات".

ميزان ردع...
ويتابع الخبير بالشأن الاسرائيلي أبو نصار" لا يمكن تشبيه الفصائل الفلسطينية بحزب الله اللبناني رغم كل التطورات التي تجريها الفصائل، لأن القطاع محاصر، ولكن حتى اللحظة الفصائل فشلت نوعًا ما في خلق ما يسمي ميزان ردع مع إسرائيل، بدليل أن إسرائيل تضرب متى ما تشاء وهذا لا تقوم به في لبنان مثلاً وهذا يدل أن في لبنان يوجد ميزان ردع في حين أن بغزة الردع لصالح إسرائيل".

ويعتبر أبو نصار أن "محاولات إسرائيل بإفشال المصالحة الفلسطينية باتت، تؤكد أنها ليست مطلب بل مصلحة وإستراتيجية فلسطينية من الطراز الأول، متأسفًا لتعطيلها بسبب ضعف لدى جميع الأطراف الفلسطينية التي لا تستطيع إتمام المصالحة.

وتوصلت مصر فجر الثلاثاء من هذا الأسبوع إلى اتفاق تهدئة بين الفصائل الفلسطينية في غزة وإسرائيل تشمل "وقف الاغتيالات"، بعد موجة تصعيد بدأتها إسرائيل باغتيال أمين عام لجان المقاومة الشعبية، وأسفرت على مدار أربعة أيام عن استشهاد 26 فلسطيني من بينهم امرأتين و3 أطفال، إضافة إلى إصابة نحو 90 آخرين، من بينهم 30 طفلاً.