غزة- وكالة قدس نت للأنباء
أثارت موافقة أحمد السريعة على دفع مبلغ 70 ألف دينار مقابل قطعة الأرض التي لا تتجاوز مساحتها الـ500 متر، في المنطقة الفاصلة بين مخيم النصيرات للاجئين وقرية الزوايدة، استهجان صاحب الأرض، الذي توقع أن يحاول الزبون تخفيض السعر. والأكثر من ذلك أنه استعجل في كتابة العقد ودفع المبلغ كاملا في غضون يومين.
لكن أحمد، الذي يقطن مدينة غزة، كان يرى أن السعر معقول جدا، مقارنة بأسعار الأراضي في المدينة ومحيطها، التي تعاظمت بشكل كبير في العامين الماضيين بسبب إقبال تجار الأنفاق عليها، إذ إنه يمكن أن يدفع مقابل نفس المساحة من الأرض ثلاثة أضعاف المبلغ على الأقل.
ويرجع ارتفاع أسعار الأراضي والعقارات في قطاع غزة بشكل كبير إلى اتجاه تجار الأنفاق، وذلك كإحدى الوسائل لتبييض الأموال، حسب رأي أحد الخبراء، لا سيما في الأعوام الأربعة التي تلت اختطاف الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط في 25 يونيو (حزيران) 2006، وحتى أحداث «أسطول الحرية» في مايو (أيار) 2010، نحو قطاع العقارات وتجارة الأراضي. وأدى هذا الاتجاه إلى ارتفاع أسعار الأراضي بشكل كبير، وجعلهم يتحكمون في الأسعار بشكل كبير، لا سيما في مدينة غزة، مما قلص هامش المناورة أمام بقية الأشخاص الراغبين في شراء أراض بغية بناء منازل، وجعلهم يتجهون للبحث عن أراض في شمال ووسط وجنوب القطاع، حيث إن الأسعار أقل بكثير منها في المدينة.
يذكر أن تجارة الأنفاق التي بدأت منذ القرار الإسرائيلي بفرض حصار خانق على قطاع غزة بعد أسر شاليط وازدياد الحصار بعد سيطرة حركة حماس على القطاع في يونيو 2007، أوجدت طبقة من الأثرياء الجدد، الذين لم يكونوا ضمن رجال الأعمال أو التجار المعروفين في قطاع غزة.. فسيارة «الجيب» ذات الدفع الرباعي الفخمة التي يقودها تاجر الأنفاق أو الثري الجديد هذا، ومظاهر الثراء التي يعكسها منزله الفخم لا تشي بماضي هذا التاجر صاحب العقد الخامس من عمره.
فهذا الرجل الذي نشير إليه بالحرفين الأوليين من اسمه «س. ل» ظل حتى عام 2006، يعمل سائق سيارة أجرة متواضعا، لكن مع اشتداد الحصار، اتفق مع أحد معارفه على حفر نفق يربط قطاع غزة برفح المصرية، فقلب ظروف حياته رأسا على عقب.. فخلال فترة الذروة في الحصار، كان أصحاب الأنفاق يتحكمون في أسعار البضائع التي تعبر إلى القطاع، فيضاعفون كما يحلو لهم سعر هذه السلعة أو تلك مرات ومرات، ولذلك وفي فترة قياسية تراكمت الثروات لديه وتضاعفت.
وما ينطبق على «س. ل» ينطبق على العشرات من أصحاب الأنفاق الآخرين الذين تتجاوز أعدادهم العشرات إن لم يكن المئات. وهناك من يدعي أن الأنفاق خلقت في القطاع نحو 600 مليونير رغم قناعة البعض بأن هذا الرقم مبالغ فيه.
ويقول حامد جاد، الصحافي المختص بالشؤون الاقتصادية، إن توجه تجار الأنفاق للاستثمار في مجال العقارات يعد عملية تبييض، إذ إنه بعد شرائهم الأراضي وبيعها يمكنهم إيداع أموالهم في البنوك، على اعتبار أنهم باتوا يملكون عقودا تدلل على مصادر هذه الأموال وحصولهم عليها بسبل شرعية.