الخصخصة فائدة أم إستفادة/د. محمد ناصر نصار


يتساءل البعض عن جدوى الخصخصة في الدول النامية وخاصة في الدول العربية فالخصخصة بمفهومها الاقتصادي البسيط تحويل القطاع العام إلى قطاع خاص وهذا المفهوم ظهر ويرجع تاريخ أول عملية للخصخصة في العالم بقيام شركة خاصة بخدمة عامة كانت تقوم بها مؤسسة حكومية في بلدية نيويورك وكانت تقوم بأعمال نظافة شوارع المدينة عام 1676، وظهر بعد الحرب العالمية الثانية بقوة ويهدف بالأساس إلى تحسين هيكلية اقتصاديات الدول وإعطاء المجال للقطاع الخاص بالإبداع والتطوير فدور القطاع الخاص له أهمية من حيث الاستثمار وإدخال أدوات فنية إنتاجية جديدة بالإضافة إلى أن القطاع الخاص يضمن العمل بآلية السوق مما يساهم في توزيع الموارد التوزيع الأمثل كما قد تلجأ الحكومات للخصخصة إذا مرت في أزمات مالية واحتاجت إلى السيولة أو تخفيف العبء الملقى على الحكومة من خلال الإشراف على مؤسسات وشركات القطاع العام كما ان مزايا الخصخصة هو البعد عن الروتين وإضفاء روح الابتكار وزيادة الإنتاجية لان القطاع الخاص يتعامل بالثواب والعقاب والحوافز اما القطاع الحكومي فقد يتساهل في الإدارة الإنتاجية لعدة أسباب كما أن تخصيص الملكية يؤدي الى الاهتمام المطلق بالإنتاج وزيادة الربحية والعوائد ،

وتتنوع أشكال الخصخصة من خلال البيع الكامل للمؤسسات والشركات الحكومية إلى عقود خاصة يتشارك القطاع العام والخاص في الأرباح والعائدات بالإضافة إلى تأجير المؤسسات او الشركات الحكومية وأخر الأنواع وهو البيع الجزئي او الاكتتاب في المؤسسات والشركات الحكومية ، ومن أساليب الخصخصة الخصخصة عن طريق إعادة هيكلة المؤسسات تحويل الملكية من قطاع عام الى قطاع خاص ، او من خلال خصخصة عن طريق تنظيم القطاع مثل الكهرباء والاتصالات فتحويل قطاع محتكر من قبل الحكومة الى قطاع خاص وخلق منافسة بين شركات القطاع الخاص

ومن خلال التجارب الاقتصادية للدول النامية في خصخصة القطاعات الاقتصادية فقد حققت دول أمريكا اللاتينية ما نسبته يعادل 46% من جملة قيمة الأصول العامة المخصخصة في العالم يليها دول شرق آسيا بما يعادل 25% ثم في أوروبا ووسط آسيا بما يشمل دول الاتحاد السوفييتي السابق ودول الاقتصاد المخطط في شرق أوروبا بلغت حوالي 17% وأخيرا حققت بقية دول العالم النامية عمليات بيع نسبتها 12% من جملة المبيعات من الخصخصة في العالم طبعا هذا في الفترة خلال الفترة من 1988 – 1995، ويتضح فشل الخصخصة في الدول النامية وخاصة الدول العربية مثل السودان والأراضي الفلسطينية ومصر وذلك الأسباب التالية ان المستفيد من الخصخصة هم المقربون للسلطات في الدول العربية ، وتطبيق الخصخصة شكلا وليس مضمونا فلم تؤدي إلى تطور القطاعات الإنتاجية بالشكل المطلوب ، كما أن الدول العربية لجأت للخصخصة لاستدراك مشاكلها المالية واستجلاب السيولة ، بالإضافة إلى أن القطاع الخاص استلم المؤسسات الحكومية وعليها عجز مالي كبير بمعنى انها مؤسسات وشركات خاسرة ، كما ان القطاع الخاص همه الأكبر تعظيم العوائد مما ادى الى تسريح عدد كبير من العمال وساهم في زيادة البطالة ،

كما ان بعض الدول العربية أعطت مجالا للخصخصة الأجنبية في بلادهم مما ساهم في خروج الأموال المستثمرة الى خارج البلاد عن طريق الدخول الأجنبية لأصحاب المؤسسات الخاصة بالإضافة إلى ان الخصخصة تتطلب اقتصادا متناسقا وان تكون هيكلية الاقتصاد قوية للاستفادة من القطاع الخاص كما تتطلب مناخا استثمار وبنية تحتية وأسواقا مالية ذات كفاءة ، وفي حالة الأراضي الفلسطينية قامت السلطة الوطنية بخصخصة قطاع الكهرباء والاتصالات في العام 1997 وبتقديري لم يلاقي ذلك نجاحا كبير بسبب أن الاحتلال أعاق تطور هذه القطاعات بالإضافة إلى عدم وجود منافسة في هذه القطاعات وأدى إلى احتكار قطاع الكهرباء والاتصالات وعدم وجود البنية التحتية اللازمة لتطورها كما أن تشوه هيكلية الاقتصاد الفلسطيني أدى الى عدم الاستفادة من الخصخصة ، كما أن الاحتكار أدى إلى تقليل الجودة وإجبار المستهلكين على الخدمة او السلعة المقدمة ، وما يعانيه المواطن الفلسطيني من مشكلة الكهرباء وخصخصة القطاع العام مرده إلى ان هذه القطاعات يجب ان تكون سيادية في يد الحكومات وعليه ان مشكلة خصخصة بعض القطاعات السيادية قد تؤدي إلى تقلبات سياسية ، وفي النهاية على اي بلد قد تتخذ الخصخصة سياسة لتطوير الاقتصاد يجب عليها وضع رؤية إستراتيجية واستقرا اقتصادها ومتطلباته ودراسة هيكلية لاقتصادها واتخاذ قرار الخصخصة بتأني وتعمق.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت