ألامه العربية ...... لا تخشى فوز الإسلاميين .....

بقلم: علي ابوحبله

إن من رهب الناس وأخافهم من رغبة الإسلاميين للفوز في حكم ألامه ، هم أولئك البعض من غلاة المتشددين من علماء المسلمين المنتمين لبعض الجماعات المتشددة في موقفها وفكرها يصدرون فتاوى ويتشددون في أحكامهم في تفسير ما نص عليه القران الكريم ويحللون سفك الدم الإسلامي تجاه من يعارضهم ويحضون الناس على الاقتتال والقتل لمجرد الرغبة في الوصول للحكم ، وهم بهذا يخالفون النصوص الشرعية التي جميعها تجمع " أن الدين يسر ولن يشاد احد الدين إلا غلبه " ، هذا الأسلوب والنهج الذي عليه بعض غلاة المتطرفين في التفسير والفتوى منفر وغير مرغوب فيه من ألامه العربية التواقة للحرية والعدالة والنزاهة في الحكم والرافضة للاستبداد والتسلط ، إن نجاح التيارات الاسلاميه بالطريق الدستوري والشرعي هو حق طبيعي في ظل الأنظمة التي تؤمن بالحرية وان شرعية وجود التيارات الاسلاميه في المجتمع يعطيهم الحق للترشح كما يعطي الدستور الحق للمواطن بالانتخاب ، إلا أن الغرب الذي تحكم في مقدرات الشعوب العربية وساند ويساند أنظمة حكم الاستبداد الموالية لسياسته هو من حال ويحول للوصول للحرية والديموقراطيه وهو من ارهب ألامه بالتيارات الاسلاميه ظنا من هذا الغرب الحاقد بنفور التيارات الاسلاميه من سياسة الغرب ومحاربته لها ، والسؤال الذي يطرح نفسه اليوم هل أصبح الغرب مقتنع بوصول التيارات الاسلاميه لأنظمة الحكم وهل هناك شرعية من الغرب لهذه الأحزاب والتيارات الاسلاميه لان تحكم وتكتسب الشرعية ، وهل هناك تفاهم بين هذا الغرب الذي كان رافضا للتيارات الاسلاميه بالأمس ومؤيدا لهذه التيارات اليوم ، أم أن أمريكا وأوروبا تريد ركب موجة التغيرات في العالم العربي لتستغل التيار الديني لتحقيق مآربها وسياستها في المنطقة ،

إن ألامه العربية التي تحتكم لصندوق الانتخاب لا يخيفها من يحكمها ولا يخيفها من ينجح في الانتخابات لان ما يلهمها هو تحقيق ذاتها وتحقيق وجودها وتخلصها من الهيمنة الامريكيه والغربية بمعنى التحرر من التبعية للاستعمار بكافة أشكاله وألوانه ، ألامه العربية تواقة لحكام ولتنظيمات يكون بمقدورها بناء الوطن والإنسان وزرع الانتماء في نفوس المواطن ليكون حرا شريفا يكون بمقدوره الدفاع عن حقوقه وعن حقوق وطنه في ظل نظام يكون له انتمائه الوطني بعقيدته الاسلاميه السمحة ، إن أحداث الحادي عشر من سبتمبر حيث وضعت أمريكا في أولوياتها محاربة الإسلام واعتبرت المسلمين أينما كانوا وحيثما تواجدوا إرهابيون وشنت حملاتها تحت مسمى محاربة الإسلام المتطرف ، فرضت حاله طارئة على العالم العربي والإسلامي الذي تخوف من هذه الهيمنة والسيطرة الامريكيه وعزز اليكتاتوريه في العالم العربي وأصبحت هناك هوة متباعدة بين الليبراليون والإسلاميون حيث يأخذ الليبراليون على التيارات الاسلاميه أنها تتعامل مع الديموقراطيه من منطلق برغماتي لا يدل على التزام حقيقي بالقيم ألملازمه للديموقراطيه الليبرالية ، إن إحكام السيطرة الاستبدادية للنظم الديكتاتورية في العالم العربي واجهها نجاح مضطرد للتجربة التركية بقيادة حزب العدالة والتنمية والتي أصبحت ملهما للإخوان المسلمين في دول الربيع العربي التي أسقطت الحركة الشعبية في هذه البلدان لرأس أنظمة الحكم فيها ففي مصر حيث جماعة الإخوان المسلمين تنظيم عريق عمل على تجديد آلياته السياسية واخذ بالتفاعل النشط مع الحياة السياسية مستغلا تغير الأوضاع السياسية ومستفيدا من جو الحرية فتم الإعلان عن حزب الحرية والعدالة المنبثق عن جماعة الإخوان المسلمين وقد نجح الحزب في حصد أكثرية الأصوات كما أن السلفيون انشئوا حزب النور وقد طمأنت الأحزاب الاسلاميه في كل من مصر وتونس والمغرب أن الأحزاب الاسلاميه تؤكد على احترام الحريات الشخصية ، وبقيت البرامج السياسية ومواقفها من قضية فلسطين والمعاهدات مع إسرائيل غير واضحة وغير محسومة بعد أن كانت لهذه التيارات مواقفها المبدئية تجاه القضية الفلسطينية والصراع مع إسرائيل ، إسرائيل ما زالت تتخوف من صعود التيار الديني الذي لم يوضح مواقفه بعد من اتفاقيات كامب ديفيد والاعتراف بوجود إسرائيل بالرغم من جميع الخطابات المطمئنة والرسائل التي تؤكد على احترام هذه الاتفاقات ، الأحزاب الدينية التي قبلت بالخيار الشعبي وبرفع شعار ألدوله المدنية وبالبرامج السياسية لهذه الأحزاب التي جميعها تلبي حاجات المجتمع في الحرية والمساواة والعدالة الاجتماعية وحقوق الإنسان في انتصار إسلامي للقيم الليبرالية إن جاز التعبير بمعنى أن الليبرالية الاسلاميه انتصرت وخسر الليبراليون العلمانيون وكذلك الحال مع التيار السلفي الذي هو الآخر اخذ بالتجديد حيث انخرط في التعددية الحزبية والانتخابات النيابية كما حصل في مصر ،

إن مشاركة الحركات الاسلاميه بوصول بعضها للحكم يضعها أمام مرحله جديدة وأمام تحديات تتعلق بكيفية إدارة ألدوله وتنمية المجتمع الذي يطالب بتغيرات شامله وإيجاد حلول لكل المشاكل التي يعاني منها من فقر وبؤس وبطالة وانعدام للحرية والتعبير عن الرأي وانعدام للتنمية ألاقتصاديه وتحكم فئوي في موارد ألدوله واقتصادها كل تلك التي يريد المجتمع محاربتها من اجل تحقيق عدالة اجتماعيه وحياة اقتصاديه مزدهرة وتخلص من التبعية لأمريكا والغرب ، بمعنى آخر الشعارات التي رفعتها الأحزاب الاسلاميه لن تسعفها أمام الواقع المستجد وهي الآن على المحك والفشل هو النجاح للتيارات الأخرى التي تقدم نفسها البديل وعليه ووفقا لتوقعات وتقديرات قادة الحركات الاسلاميه الذين يجدون في النموذج التركي طريقا لهم أن يعلموا أن المجتمع العربي هو غير المجتمع التركي ما يتطلب من هذه الأحزاب أن تبتكر طريق عربي للاستفادة من تجارب الذات والآخرين مع مراعاة أن المنطقة العربية تتعرض لتجاذبات إقليميه ودوليه وهي ليست بمناى عن الخطر وعليه فان المطلوب هو في طريقة التفكير والإعلان عن البرامج التي يجب أن تكون بعيده عن نهج العنف والقتل وبضرورة الاعتماد على الطريق التعبوي والفكري الحضاري الذي يحرم العنف والتفرقة المذهبية ويؤمن بالعمل الاجتماعي الحقيقي والبناء الاقتصادي ، إن اعتماد العنف المسلح والقتل في العديد من الدول العربية من قبل بعض الجماعات الاسلاميه جعلت الشعوب تنظر لهذه الحركات بمزيد من الريبة بكون العنف المسلح عمل تنبذه الشعوب وتخشى نتائجه التي هي ماثلة في أذهان ألامه فما يجري في العراق من فتن مذهبيه وطائفيه تطيح بنسيج العلاقات الاجتماعية وبوحدة المجتمع وما يجري في سوريا من قتل منظم يذهب ضحيته الآلاف بهدف التغيير لنظام الحكم من قبل مجموعات إسلاميه مسلحه وما يجري في ليبيا من أعمال قتل وانتقام وما يحدث في اليمن والبحرين والمنطقة برمتها يكاد أن يقضي على وحدة وسلامة المجتمع ، لتكن لكل تلك الجماعات الاسلاميه التي تطمح للوصول للحكم أن تكون لها العبرة في سيرة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم إذ قال الله تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم " فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر " صورة عمران " وفي هذه الايه الكريمة ثناء من الله سبحانه وتعالى على المؤمنين المتصفين بصفات منها أنهم يتشاورون بينهم في الأمور المهمة التي يخفى فيها وجه الصواب وذلك من اجل التعاون على الوصول إلى ما فيه الخير العام والخاص ولما في ذلك تالف القلوب واجتماع ألكلمه ولما في ذلك التواضع ولين الجانب للمؤمنين نعم هذه هي صفات المؤمنين الذين يخشون ويخافون الله فإذا كانت هذه هي صفات الجماعات الاسلاميه وهذه هي وجهة توجههم فان الشعوب لا تخاف فوز التيارات الاسلاميه ، خاصة وان منطلق الحقوق والحريات في الشريعة الاسلاميه هو العدل وليس فقط حاجة الناس ورغبتهم في نيلها ، ولذلك فان تغيب هذه الأمور هو ظلم لا يرضاه الله تعالى ولا يرضاه ذوو النفوس الكريمة ،

إن مما يعزز في ألامه قولها وهيبتها وإبداعها هو حريتها وممارسة حقها المشروع قيامها بواجبها ، إحياء ما أماتته النفسية المنهزمة على مدى قرون اعتزازها وثقتها بنفسها واعتمادها على قيمها ومبادئها التي نص عليها قراننا الكريم ، فلا بد لهذه الشعوب أن تغار على حقوقها وحرياتها وتدافع عنها من أي معتد أيا كان ، إن جو الحرية والعدالة والمساواة هو من يفجر الطاقات والإبداعات والتقدم والرفاهية والحضارة بشكل عام ، إن أي كلام على انتصار تحققه ألامه على أعدائها من غير أهل الملة هو بحقيقته كلام فارغ وغير معقول ومقبول ما لم تنتصر وتتحرر ألامه من داخلها وتنتصر على قيم الاستعمار والذل والاستكانة والخنوع والاستسلام لتلك المخططات التي تستهدف ألامه ولا بد للشعوب الممثلة في ألامه لان تقول كلمتها وتنتصر لحقها وليتوقف سفك دماء امة المسلمين ووقف هذه العدوانية ولتمتثل الأحزاب والتنظيمات الاسلاميه لتكون قدوة رسولنا العظيم محمد صلى الله عليه وسلم في الخلق والتعامل وبث الدعوة بالإقناع واللين بهذا نكون قد انتصرنا لديننا وانتصرنا لحق ألامه فيما تتنادى إليه وجنبنا ألامه كل الفتن ووحدنا وحدة المجتمع عندها يحق لنا القول أن ألامه لا تخشى فوز الإسلاميين طالما هم انتهجوا طريق الحق والاستقامة في تحقق العدالة بين كافة فئات المجتمع وهدفوا لتحقيق وحدة ألامه لا انقسامها وتفككها
المحامي علي ابوحبله

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت