لمن لم يقرأ رسالة أطفال عائلة بشير بمدينة دير البلح، فهي رسالة من أطفال تلك العائلة التي قدمت عصافيرها الأبرياء صبري وندين وفرح الذين حرقتهم شمعتهم في الأول من ابريل 2012، رسالة إلى الأب الفتحاوى الرئيس محمود عباس، والأب الحمساوى رئيس الوزراء في الحكومة المقالة السيد إسماعيل هنية.
للحق أقول لقد قرأت رسالة أطفال عائلة بشير قراءة متأنية ودقيقة ومعمقة، وللحق أقول أيضا لقد جاءت الرسالة صادقة ومعبرة ومؤثرة وقوية في كلماتها وجملها ومحتواها ومضمونها وتوقيتها، فالرسالة هي من قلوب عصافير بريئة إلى قلبي الرئيس محمود عباس والسيد إسماعيل هنية، من قلوب أطفال ليسوا سياسيين و لا يفهمون في السياسة سوى حبهم لفلسطين ولشعبهم وكرههم للاحتلال، يذكرونهم بنسيان أطفال فلسطين الذين يحرمون يوميا من طفولتهم بسبب ممارسات الاحتلال وان منهم من قدم والده ووالدته ومنهم من قدم شقيقته وصديقه، ويذكرونهم بأنهم ولدوا حين تنازعوا على السلطة وأنهم مشوا على أقدامهم حين انقسموا وقسموا الوطن، وأنهم كبروا في الحرب على غزة، ودخلوا المدارس ودرسوا على حكايات الأهل الحزينة، ويذكرونهم بأن شعبنا الذي ما زال يعانى ويلات الحصار والانقسام البغيض قد بح صوته وهو يطالبهم بإنهاء حالة الانقسام البغيض التي تقتل طفولتهم وعالمهم البرئ، ويؤكدون لهم أنهم لا ينتظروا منهم بكاء، أو عطفا، أو مساعدة، أو مصلحة ذاتية، بقدر ما أنهم يتطلعون أن تكون حادثة العصافير صبري وندين وفرح باعثا لتحريك ضمائرهم ومشاعرهم الصادقة لإنهاء حالة الانقسام المشين، كما يصارحونهم بمشاعر غضبهم عليهم، وأنهم كأطفال أبرياء محرومون من طفولتهم يطالبونهم بإنهاء حالة الانقسام بشكل فوري وعاجل وتحقيق الوحدة الوطنية كي يعيشوا مع أهاليهم بسلام، وهم يستصرخون بطفولتهم ضمائرهم أن يستمعوا ويستجيبوا لهم وان يقفوا عند مسئولياتهم وان يتقوا الله فيهم مؤكدين لهم أن استمرار الانقسام يعنى استمرار المعانة وسرقة طفولتهم تماما كما سرق الاحتلال طفولة أبائهم !!!!!!!!!!!!!!!
وللحق أيضا، وفى ضوء رسالة أطفال فلسطين المؤثرة والمعبرة، تبرز العديد من التساؤلات: فهل يدرك صانعي القرارات على ساحتنا الفلسطينية بمدى خطورة وجسامة ما نواجهه من تحديات حاضرة ومستقبلية؟ وهل يتجاوب المسئولين في طرفي الانقسام للمطالب الشعبية بضرورة إنهاء الانقسام؟ وهل يمكن لطرفي الانقسام أن يعيدا ثقة الشارع الفلسطيني فيهما في ضوء مواقفهما غير القاطعة والحازمة تجاه تطبيق المصالحة على الأرض؟ وهل يمكن لطرفي الانقسام أن يقنعا الشعب الفلسطيني بجديتهما العملية لانجاز المصالحة وإزالة كافة الشكوك فيما يخص ما يطرح في الشارع الفلسطيني حول مسألة إدارة الانقسام؟ وهل تتوقف الاشتراطات والاعتراضات المعطلة والمعرقلة لتطبيق اتفاق المصالحة؟ وهل يتوقف التراشق الاعلامى بين طرفي الانقسام؟ وهل يتوقف مسلسل الاتهامات والاتهامات المتبادلة بخصوص مسألة تعطيل تطبيق اتفاق القاهرة وإعلان الدوحة؟ وهل تتوقف حملة الاعتقالات المجنونة التي تتم في جناحي الوطن؟ وهل يعيد الرئيس محمود عباس النظر في مسألة إجراء تعديلات حتى ولو كافة طفيفة على حكومة السيد سلام فياض؟ وهل يتم السعي الحثيث لضمان إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية في الضفة الغربية بما فيها القدس الشريف وقطاع غزة؟ وهل يمكن الاتفاق بين مكونات الكل الفلسطيني على موعد لإجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية في العام 2012؟ وهل يمكن للجنة الانتخابات أن تمارس عملها لتجديد سجل الناخبين؟ وهل يقوم الرئيس عباس بإصدار مرسوما رئاسيا فيما يخص إجراء الانتخابات في الموعد المتفق عليه؟ وهل يمكن لطرفي الانقسام القيام بكل ما هو ممكن لضمان تهيئة الأجواء الايجابية لإجراء الانتخابات؟ وهل يقوم الرئيس محمود عباس بالدعوة إلى عقد لقاء تشاوري قريب مع قيادة حماس والفصائل الفلسطينية من اجل تشكيل حكومة الكفاءات المؤقتة للقيام بمسؤولياتها تجاه إجراء الانتخابات وإعادة الاعمار والمصالحة المجتمعية؟ هل يمكن لنا أن نرى قريبا بداية عمل اللجان المنبثقة عن اتفاق القاهرة وعلى رأسها لجنة الحريات؟ وهل .... ؟ وهل ......؟ وهل ......، فهل من مجيب؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
بقلم: د. يوسف صافى
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت