و مع فرض الحصار الإسرائيلي على قطاع غزة منذ أكثر من خمس سنوات منعت إسرائيل تصدير كافة المنتجات الصناعية و الزراعية من قطاع غزة للضفة الغربية و العالم الخارجي مما أسفر عن خسائر فادحة ضربت معظم القطاعات الاقتصادية، وخاصة تلك التي كانت تعتمد في تسويق بضائعها على سوق الضفة الغربية وإسرائيل, وسعت إسرائيل خلال تلك الفترة لتحويل قطاع غزة إلى منطقة استهلاكية فقط , حيث منعت دخول المواد الخام و الماكينات و الآلات و قطع الغيار اللازمة للقطاع الصناعي وكافة مواد البناء الخاصة بقطاع الإنشاءات.
و منذ أكثر من عام وبتاريخ 20/2/2011 طالعتنا أخبار صادرة عن المستشار الاقتصادي للجنة الرباعية الدولية بالاتفاق مع الجانب الإسرائيلي بأن يستأنف تصدير منتجات قطاعات إنتاجية مختلفة إلى الأسواق العالمية اعتباراً من مطلع شهر نيسان 2011 , و أن هذه التسهيلات المتعلقة باستئناف النشاط التصديري من قطاع غزة جاءت تنفيذاً لنتائج اجتماع عقد مؤخراً بين مبعوث اللجنة الرباعية الدولية توني بلير ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو , وذكر المستشار الاقتصادي للجنة الرباعية الدولية أن الأصناف التي سيتم تصديرها ستشمل منتجات قطاعات مصانع الخياطة والأثاث المنزلي والمكتبي والمنتجات الزراعية من الخضار وذلك كخطوة أولى لفتح باب التصدير، وأنه سيتم في وقت لاحق اتخاذ الترتيبات اللازمة للتصدير إلى أسواق الضفة الغربية والقدس.
وفي ذلك الحين بدأ بريق من الأمل و التفاؤل يراود الصناعيين من أصحاب تلك المنتجات للعودة للحياة مرة أخري و البدء في عملية التصدير مع مطلع شهر إبريل 2011 حسب اتفاق الرباعية مع الجانب الإسرائيلي , وتم تقديم منح من الاتحاد الأوربي لتأهيل الشركات القادرة على التصدير و مساعداتها فنيا , لكن للأسف الشديد لم يحدث أي شئ من ذلك حتى يومنا هذا أمام التعنت الإسرائيلي بمنع التصدير من قطاع غزة ولم تتخذ الرباعية أي خطوات أو تمارس أي ضغوطات لتنفيذ اتفاقها مع الجانب الإسرائيلي.
وبالرغم من محاولات التصدير القليلة خلال الفترة السابقة إلا أنها فشلت أمام الإجراءات الإسرائيلية المشددة على معبر كرم أبوسالم و ارتفاع تكاليف النقل.
حيث بدأ أكبر مصنع للأثاث في قطاع غزة و نتيجة وعود الرباعية بالاستعداد للتصدير , و بالفعل تمكن من الحصول على تعاقد للتصدير لإحدى الدول الأوربية وبدا بتنفيذ طلبيه التصدير وعمل كافة الإجراءات المطلوبة من الجانب الإسرائيلي و كافة الأطراف , ولكن للأسف الشديد في صباح اليوم الذي كان سوف يرسل عينة من البضاعة إلى معبر كرم ابوسالم للفحص من قبل الجانب الإسرائيلي , شب حريق هائل في المصنع التهم كافة البضائع الجاهزة للتصدير وكافة محتويات المصنع وبهذا انتهى حلم تصدير الأثاث من غزة .
كما حاول أحد مصدري المنتجات الزراعية بتصدير البندوره للملكة العربية السعودية عن طريق الأردن إلا أنه توقف عن التصدير بعد ثلاث شحنات نتيجة الخسارة المالية التي لحقت به جراء ارتفاع كلفة نقل وشحن المنتج من مواقع الإنتاج إلى معبر كرم أبو سالم، ثم إلى الأردن وصولاً إلى السعودية , هذا بالإضافة إلى العراقيل التي واجهها خلال عمليات شحن وإعادة تفريغ وتحميل الحمولة لعدة مرات ، والفترة الزمنية التي استغرقتها عملية التصدير حيث استمرت لمدة ثمانية أيام، مما ترتب عليه تلف جزء من هذه الشحنة.
واليوم هناك محاولات جارية منذ أكثر من شهرين لتصدير شحنة ملابس جاهزة من غزة إلى إحدى الدول الأوربية , لكن للأسف الشديد حتى هذه اللحظة لم يحدث أي شي نتيجة الإجراءات الإسرائيلية المعقدة.
و كان قطاع غزة يصدر قبل الحصار إلى الخارج يوميا حمولة نحو 47 شاحنة من المنتجات المختلفة 65% منها منتجات زراعية و الباقي من الأثاث و الملابس ، كما أن قيمة ما كان يصدره القطاع في العام 2005 بلغ نحو 110 مليون دولار أما في عام 2007 بلغ نحو 80 مليون دولار و توقف التصدير نهائيا بعد ذلك.
ونستخلص من ذلك بأن حل المشاكل التي تواجه القطاع الصناعي و الزراعي في قطاع غزة تكمن في فتح باب التصدير لأسواق الضفة الغربية و العالم الخارجي بحرية ودون قيود أو شروط مسبقة , لذلك يجب العمل بالتوازي على استمرار الضغط على الجانب الإسرائيلي لفتح التصدير أمام المنتجات الصناعية و الزراعية و تطوير القطاع الصناعي و الزراعي ليكونا جاهزين للتصدير للأسواق الخارجية.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت