اللجنة القيادية
خلال الأيام السابقة كثر الحديث داخل أروقة حركة فتح حول تعديلات ستجريها الحركة على اللجنة القيادية في قطاع غزة، وفي الوقت الذي تحدث فيه أعضاء من اللجنة المركزية عن التغيير القادم، وبشروا بأنه سيتم ضخ دماء شبابية في اللجنة القيادية الجديدة، ذهب آخرون داخل اللجنة المركزية لنفي ذلك جملة وتفصيلاً، مؤكدين على أن اللجنة القيادية الحالية باقية، لعل ما يستشف من ذلك أن داخل اللجنة المركزية هنالك من يعمل على تغيير اللجنة القيادية بعيداً عن أنظار الآخرين، فيما اللجنة المكلفة بالإشراف على قطاع غزة من قبل اللجنة المركزية يلتزم غالبيتها الصمت، مع الإيحاء أحياناً بأنه في الموقف المعارض لما يجري، أو على وجه الدقة طبقاً لقاعدة "معاك معاك عليك عليك"، لكن ما يسترعي الانتباه أن التعاطي مع هذا الملف بكل خصوصيته وأهميته، يتم على شاكلة العمل مع إقليم صغير من أقاليم الشتات، يمكن متابعة قضاياه وشؤونه عبر الفاكس.
لا شك أن اللجان القيادية لحركة فتح في قطاع غزة، التي تم تشكيلها على مدار السنوات السابقة، قد جاء الكثير من أعضائها إليها بفعل خاصية العلاقة الشخصية، تحت مفهوم "الاستزلام" الذي ضرب أطنابه في الحركة خلال السنوات السابقة، ويبدو أن هذا الفهم مازال قائماً، فقد كان من السهل على أبناء الحركة تصنيف أعضاء اللجنة القيادية طبقاً لولاءات كل منهم لهذا القيادي أو ذاك، وتحديد من جاء بهذا ومن جاء بذاك، وبالتالي تحديد حصة كل قيادي في اللجنة، والأسماء التي تم تداولها في اللجنة القيادية المقترحة لا تخرج في غالبيتها عن هذه الفلسفة، ومن الواضح أن شعار دخول الشباب إليها بكل ما يحمله من ضرورة ملحة لان يأخذ الشباب دورهم، خاصة وأن الشباب اليوم يتمدد أفقياً بشكل كبير ضمن أطر الحركة، ومن المنطق أن تتاح لهم الفرصة لأن يتمددوا رأسياً في أطر الحركة القيادية، لكن الواضح أن الشعار لم يأت خدمة للفكرة التي لا يختلف اثنان عليها، بل حضر ليكون بوابة لتمرير الخاص.
حسب النظام الداخلي هنالك مفوضية لقطاع غزة يترأسها عضو لجنة مركزية، ولجنة الإشراف التي تم تشكيلها لا تتماشى مع النظام الداخلي، ومن الواضح أن اللجنة المركزية اجتهدت في ذلك عندما عجزت عن تسمية عضو لجنة مركزية لتولي هذه المفوضية، وفي غياب المفوض والمفوضية تمت العودة لخيار اللجنة القيادية العليا مع تقنين صلاحياتها إلى ما دون الصلاحيات المحددة لقيادة إقليم، ومن البديهي أن يقود ذلك لعجز يلقي بظلال الإحباط على أبناء الحركة.
وطالما أن الحديث يدور حول تشكيل اللجنة القيادية العليا للحركة بقطاع غزة، فلا أعرف سبباً لاستبعاد خيار انتخاب اللجنة، فمهما نجحنا في اختيار أعضاء اللجنة بنظام التعيين، سيبقى الاعتراض عليهم من قبل شريحة واسعة من الكادر التنظيمي، فيما الانتخابات على الأقل تقلص مساحة الاعتراض، وعملية الانتخابات ليست بدرجة من التعقيد التي تمنع تنفيذها، ويمكن لنا اعتماد أعضاء المؤتمر العام كهيئة ناخبين، ويتم تحديد عدد في اللجنة القيادية العليا لكل محافظة يتناسب مع عدد الناخبين فيها، إلى أن يتم اعتماد المجالس التنظيمية التي يوكل لها هذه المهمة لاحقاً، ويتم إجراء انتخابات داخلية لفرز ممثلي كل منطقة في اللجنة القيادية العليا من خارج اللجنة المركزية والمجلس الثوري، وهذا سيمنح اللجنة القيادية العليا مميزات لا تتوافر في لجنة جاءت بالتعيين، فهي من جانب لجنة منتخبة وهذا بحد ذاته يمنحها الثقة بنفسها بعيداً عن تدخلات البعض التي عادة ما تأخذ شكل الوصاية، وثانياً لا يمكن لأحد أن يسجل وصول عضو إليها عبر نظام القفز المظلي لارتباطه بعلاقة مع هذا القيادي أو ذاك، وثالثاً أن حجم الاعتراض إن وجد سيكون في أضيق الحدود ولا مبرر منطقي لديهم.
لعل من المفيد أن تعي الحركة بأن التعيينات في أطرها المختلفة يجب أن يكون من الماضي، وأن الممارسة الديمقراطية هي الوسيلة الوحيدة المعتمدة لاختيار قياداتها في أطرها المختلفة، والعملية الديمقراطية كفيلة دوماً بضخ دماء جديدة وشابة بجانب القيادات صاحبة التجربة والخبرة، ولمن هم على تواصل وتفاعل مع الكادر التنظيمي.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت