إسرائيل دولة تديرها عقول تقذف بخلافاتها خارج أي أمر يضر بمصلحة بلدهم، ولذلك لا غرابة أن تتحول حرب التصريحات إلى حد الاستهجان بين (نتنياهو) حزب «الليكود» (وموفاز) حزب «كاديما» إلى حلفاء جدد، إذ لكل منهما قراءة جديدة تتفق والمصالح العليا وليست الشخصية، وهذا الفارق مع ساسة وقيادات منطقتنا العربية الذين يؤكدون ويفضلون مصالحهم الذاتية والحزبية والطائفية وغيرها على قيم وروابط الوطنية..
الائتلاف الجديد أخذ العديد من التفسيرات، فهو موجه للرئيس الأمريكي أوباما بأنه يواجه قوة متضامنة، وأن التوقيت ما قبل الانتخابات الأمريكية، يعني المساومة على حسم نتائج الانتخابات لصالح من يؤيد خطوات إسرائيل داخل المنطقة العربية وخارجها، ورأي آخر يجد أن تحالف الأضداد موجه بالدرجة الأولى للمعارضة الداخلية التي ترفض أي ضربة استباقية لإيران، ولإيران نفسها لتعيد النظر بجدية إسرائيل اتخاذ خطوات الضربة من جانب واحد ومن خلال أكثرية في الكنيست، لكن هناك من يبني تقديراته على عوامل لا تبرر الضربة، أي أن إيران تقع في محيط نفطي يعد الأكبر لتسيير حركة الصناعة العالمية، وأنه في حال قفزت أسعار النفط إلى أرقام فلكية تؤثر على الاقتصادات العالمية سيجعلها عدواً كونياً، لكن بخلاف هذا التصور يرى القادة الإسرائيليون أن أي وجود ما يهدد أمنهم يرقى على أي رأي أو موقف آخر..
السلام مع الفلسطينيين مؤجل باجماع الطرفين واتفاق أفكارهما تجاهه، بل وهذا يقوي قدرتهما على المماطلة وفرض شروط جديدة، بل إن موفاز يعد الأشرس في مواقفه من الحل، وبعيداً عن التهويمات والتخرصات على الفلسطينيين توحيد صفوفهم وتكثيف نشاطهم في بناء وحدة وطنية، ثم السعي لحشد دولي يجعل قضيتهم تعود إلى الواجهة بدلاً من إعطاء إسرائيل فرص التوسع في المستوطنات أمام صمت عالمي وفراق فلسطيني منحها الفرصة بأن تفعل ما يتفق مع مشروعها الطويل..
تركيا، في الرؤية الإسرائيلية ظلت حليفاً أساسياً ومهماً، ومع أن تركيا تجد اتجاهاً عربياً يوفر لها غطاء قوة أمام دخولها الاتحاد الأوروبي، إلاّ أنها لا تريد أن تخسر إسرائيل لمصالح مشابهة، بل وتضع نفسها، أي تركيا، وسيطاً في المستقبل لإقرار سلام عربي إسرائيلي باعتبارها الوجه المرغوب من كلا الطرفين، غير أن الوضع السوري ربما طرح مخاوف البلدين من نشوب حرب أهلية تؤثر على أمن إسرائيل وتركيا معاً، وهذا يعزز عودتهما لعلاقات أكثر جدية..
إذن إسرائيل دولة تؤثر في مسار المنطقة العربية ومحيطها الاقليمي، وهذا الدور كسبته من ضعف هذه القوى، فقد ظلت تركيا بعيدة عن الهموم العربية والإسلامية، والشيء نفسه بالنسبة لإيران التي تبحث عن لعب دور القوة التي تريد فرض نفوذها بالقوة على الدول العربية، وبدلاً من التعايش والتعاون دخلت مرحلة العداء مع دول المنطقة في جرها إلى سلوك الحرب الباردة التي تسبق الساخنة، لتعطي لإسرائيل قدرة الحركة بما فيها الضغط على إيران من خلال مشروعها النووي، يؤيدها في ذلك قوى الأطلسي كلها..
كلمة جريدة الرياض السعودية
الخميس 19 جمادى الاخرة 1433 هـ - 10 مايو 2012م - العدد 16026
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت