...... مع دخول إضراب الحركة الأسيرة الفلسطينية المفتوح عن الطعام في سجون الاحتلال يومه الخامس والعشرين،ومع فشل كل المحاولات التي قامت بها إدارة مصلحة السجون الإسرائيلية وأجهزة مخابراتها من أجل كسر إرادة المضربين بالترهيب والترغيب وممارسة كل أشكال وأنواع الضغط،ومحاولتها لجر المضربين إلى مربع المفاوضات الفردية او الجزئية من اجل خلق بلبلة وإحداث شرخ وشق لوحدة الحركة الأسيرة،كانت الحركة الأسيرة واعية لتلك الألاعيب والأكاذيب حيث على سبيل المثال لا الحصر رفض الأمين العام للجبهة الشعبية القائد أحمد سعدات التفاوض مع وفد إدارة مصلحة السجون الإسرائيلية الذي توجه لمفاوضته في مستشفى سجن الرملة،وكذلك جربت إدارة مصلحة السجون إجراء مفاوضات فردية وفصائلية مع الأسرى ولكن تلك الخطوة والمحاولات فشلت أيضا حيث اكد الأسرى انه لا تفاوض او فك للإضراب الا من خلال الهيئة القيادية الموحدة للأسرى،وأية مفاوضات واتفاقيات خارج إطار تلك الهيئة القيادية غير ملزم للحركة الأسيرة الفلسطينية.
نعم الصمود والثبات على الموقف ووحدة الأداة الوطنية التنظيمية للأسرى وان لم تكن مكتملة هي من العوامل الهامة في تحقيق الانتصار على السجن والسجان وإدارة قمعه وأجهزة مخابراته،ونحن شهدنا تطوراً نوعياً من قبل أبناء الحركة الأسيرة في تسجيل أرقام عالمية قياسية في طول ومدة الإضراب عن الطعام،مدة تجاوزت السبعين يوماً وبإرادة وعزم كبيرين وتثبتان بشكل قاطع على أن امتلاك الإرادة والصبر والثبات على الموقف هي البوابات الرئيسية لتحقيق المطالب والانتصار.
هؤلاء القادة العظام بثباتهم وصبرهم وطول نفسهم يعطون القيادة الفلسطينية في الخارج الدروس والعبر بأنه لا انتصار ولا تحقيق للأهداف والمطالب الا بامتلاك الإرادة والوحدة،ولا طريق غير هذا الطريق،وانه آن الأوان لمغادرة تجريب المجرب الذي ثبت فشله في ارض الواقع،فالاحتلال لا يقدم اي تنازل طواعية او بشكل مجاني طالما لا يدفع كلفة وثمنا عاليا لذلك،ثمناً لاحتلاله ويصبح مشروعه الاحتلالي خاسراً.
إن تجارب الحركة الأسيرة في النضال والمقاومة والصمود فيها الكثير الكثير من الدروس والعبر التي نستطيع ان نبني عليها في إطار مقاومتنا وحركتنا السياسية في إطار مصلحة الوطن والقضية ووحدة الهدف،وليس في إطار المصالح الخاصة والفئوية والأجندات الخادمة لأهداف ومصالح ليس لها علاقة بالوطن والقضية.
اليوم تلوح بشائر النصر في معركة بطولية وملحمية كانت الإضرابات السابقة سواء الفردية او الحزبية بروفات معبدة لها الطريق نحو تحقيق الانتصار والانجاز،وكذلك لا ننسى ما صنعته وعبدته الحركة الأسيرة من انجازات ومكتسبات كبيرة وعظيمة عمدت بالدماء والتضحيات قبل مرحلة الجدب والقحط والتراجع وبهتان دور الحركة الأسيرة،مرحلة اوسلو التي كانت الأسوأ في تاريخ الحركة الأسيرة الفلسطينية،مرحلة ضربت وحدة الأداة الوطنية التنظيمية للحركة الأسيرة،وغاب فيها القرار الجماعي والرؤيا والإستراتيجية الموحدتين،مما فتح الطريق أمام تغول غير مسبوق لإدارة مصلحة السجون الإسرائيلية وأجهزة مخابراتها على الحركة الاسيرة الفلسطينية،حيث شهدنا حرباً غير مسبوقة في هذا الاتجاه،من مصادرة للمنجزات والمكتسبات وتعدي صارخ على الحقوق،وزيادة وتوسيع لظاهرة العزل وبدون سقف زمني،ومنع طويل ومتواصل لزيارات الأهل،وتحويل للأكياس الحجرية والصفيح الساخن الى مقابر لأسرانا الحياء،وترافق ذلك مع حملة بطش وتنكيل واذلال وامتهان للكرامة عبر عمليات الدهم والتفتيش المذلة والعارية من قبل قوات قمع السجون بوحداتها وتسمياتها المختلفة،وما تقوم به من عمليات عربدة وزعرنة واستفزاز من ضرب وتدمير لممتلكات ومقتنيات الأسرى ومصادرتها وفرض عقوبات عليهم لأتفه الأسباب.
كل ذلك دفع الحركة الأسيرة الفلسطينية الى ان تقف امام ذاتها،لكي تقول اما حياة بعزة وكرامة او شهادة على مذبح الحقوق والمنجزات والمكتسبات،ولتخوض ملحمتها البطولية في السابع عشر من نيسان الماضي،ولتستمر فيها بكل عزيمة وإصرار متسلحة بقوة الإرادة ووضوح الهدف والإصرار على تحقيق المطالب،وعبر قيادة جمعية تمسك بالموقف والقرار بشكل مركزي وحدوي لكل ألوان الطيف السياسي.
صحيح ان صمود الأسرى وثباتهم على مواقفهم ومطالبهم من العوامل الأساسية في تحقيق الانتصار،ولكن ايضا العامل الآخرهو الدعم والإسناد لهم من قبل الجماهير الشعبية والقوى والأحزاب السياسية الفلسطينية،عامل هام ايضا في تحقيق الانجاز والانتصار،وقد شهدنا تطورا ملحوظا ونوعياً في أكثر من منطقة على الصعيد الشعبي والوطني في نصرة ومساندة الأسرى،حركة جماهيرية صاعدة ومتصاعدة طالت فلسطين على امتداد جغرافيتها،وحتى جرت التحركات والاحتجاجات في عقر مؤسسات الاحتلال التعليمية،حيث انتصر طلبتنا الفلسطينيين في تلك الجامعات والمؤسسات التعليمية لأسرانا بالتضامن معهم عبر الاعتصامات والمسيرات وغيرها.
ان رفع منسوب ووتيرة الدعم والإسناد شعبيا وفصائليا وسلطويا من شانها ان تسرع في الضغط الكبير على حكومة الاحتلال وإدارة سجونها وأجهزة مخابراتها لكي تستجيب لمطالب أسرانا المحقة والعادلة،وهذا الحراك الشعبي الواسع يجب بالضرورة ان يتواصل ويزيد من حدة ضغطه على المؤسسات الدولية لكي تأخذ دورها ومسؤولياتها تجاه ما تردده وترفعه من شعارات عن حقوق الإنسان،وتطلب من إسرائيل احترام تلك الحقوق لأسرانا بدلا من الصمت المخزي والانحياز السافر لدولة وحكومة الاحتلال الخارجة على كل القوانين والأعراف الدولية،فهي بصمتها وانحيازها شريك للاحتلال في خرقها وتعديها على حقوق شعبنا الفلسطيني،وتتحمل مسؤولية اية تبعيات وتداعيات قد تنشأ لا سمح الله عن استشهاد اي اسير فلسطيني في سجون الاحتلال.
بشائر النصر تلوح في الأفق لحركتنا الأسيرة في ملحمتها البطولية- ملحمة الأمعاء الخاوية- التي ثبت نجاعتها وفاعليتها في تحقيق الانتصارات والانجازات،ولتأخذ القيادة الفلسطينية الدروس والعبر من بطولات وتضحيات الحركة الأسيرة وتجاربها،فهي تعرف جيدا باحتكاكها اليومي والمباشر العقلية العنجهية الإسرائيلية ومدى ما تتشبع به من غطرسة وعنصرية،وهي غير مستعدة لتقديم اي تنازلات دون ان يكون هناك ثمن،فإدارة مصلحة السجون الإسرائيلية التي تكبل وتقيد أرجل وأيدي الأسير الى السرير وهو يلفظ انفاسه الأخيرة في مستشفى سجن الرملة،وتعزل الأسرى لسنوات طويلة،لن تستجيب لا بالحوار ولا بالمفاوضات لأية مطالب،دون ان تشعر بأن عدم استجابتها سيترتب عليه الكثير الكثير من النتائج لجهة وجودها واستقرارها واقتصادها وامنها.القدس- فلسطين
11/5/2012
0524533879
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت