نعم لقد صنع اسرانا البواسل مجدنا الفلسطيني عندما نفذوا اضرابهم المفتوح عن الطعام في سجون الاحتلال، فاليوم هو السادس والسبعون لاضراب ثائر حلاحلة ورفيق دربه بلال ذياب عن الطعام، واليوم هو الواحد والسبعون لاضراب حسن الصفدى عن الطعام، واليوم هو السادس والعشرين لاضراب الحركة الاسيرة عن الطعام، وهاهم مساء اليوم الجمعة 11/5/ 2012 يواصلون مسيرة الاضراب ويقررون وفى خطوة تصعيدية، وحسب بيان اللجنة المركزية لقيادة الإضراب عن الطعام، وقف تناول الفيتامينات ومقاطعة عيادة السجن، ويهددون بوقف شرب الماء. لكم العزة اسرانا البواسل وانتم تخوضون فترة إضراب عن الطعام غير مسبوقة هى الاطول بكل المقاييس على الصعيدين الفلسطيني والاقليمى والعالمي، وانتم تسطرون حالة نضالية نخبوية استثنائية بوصلتها صمود وصبر اسطورى مدعوم بعدالة قضيتكم، حالة نضالية دون اسلحه عدا سلاح أمعائكم الخاوية، وانتم ترفعون صوتكم عاليا مدويا مزلزلا من قلب زنازين الاحتلال لتصل كافة إرجاء هذا الكون صديقا، أو مناصرا، أو عدوا، في رسالة قوية بل لا أبالغ إن قلت أنها هي الأقوى في تاريخ الحركة الأسيرة في مواجهة ممارسات الاحتلال الظالمة والمذلة والمهينة من عزل انفرادي وتوقيف ادارى ومنع زيارات وغيرها.

لقد قالوا لنا ان الكف لا يناطح مخرز، ولكن على ما يبدو ان هذا القول تنقصه الدقة والموضوعية والمصداقية، فهاهى حركتنا الاسيرة الرائدة المبدعة الخلاقة صاحبة الإرادة الفولاذية التي لا تقهر، وهاهم شهداؤنا الأحياء الموقوفون في سبيل العزة والكرامة والحقوق قد حققوا، ومن خلال ملحمة الامعاء الخاوية البطولية، الانجاز تلو الانجاز على طريق تحقيق المطالب الذى لن يكون طويلا. فرغم كل ما تعانيه ساحتنا الفلسطينية من مظاهر الانقسام المشين والمشئوم، فقد نجحت حركتنا الاسيرة من رص الصفوف وحشد الدعم والتأييد والإسناد لمطالب الحركة الأسيرة العادلة من قبل الجماهير الشعبية والقوى والأحزاب والفصائل السياسية والمؤسسات الحكومية والأهلية والإعلام والجامعات والمؤسسات التعليمية .... الخ، وهذا انجاز يعزز ويدعم مطالب الحركة الأسيرة العادلة من جهة، ويؤسس لوحدة وطنية فلسطينية لمجابهة كافة تحدياتنا. من جانب آخر، فهذه مصر الشقيقة تتحمل مسئولياتها المعهودة لعقد مؤتمر فى القريب العاجل لدعم ونصرة مطالب الحركة الأسيرة في السجون الإسرائيلية.

أما عالميا، فقد نجحت حركتنا الاسيرة في تحريك المياه الراكدة على المستوى الدولي وحشد التأييد والدعم لنصرة ودعم قضايا ومطالب الاسرى العادلة المشروعة، فقد أدان الأمين العام للأمم المتحدة "بان كي مون" مسألة عدم اتخاذ إسرائيل أية خطوات لمعالجة مطالب الأسرى المضربين، ودعا إلى توجيه اتهامات إلى المعتقلين إداريا أو الإفراج عنهم "دون تأخير"، كما اعرب "روبرت سيرى" مبعوث الأمم المتحدة إلى الشرق الأوسط، من خلال بيان أصدره، عن قلقه العميق لأوضاع المعتقلين الإداريين المضربين عن الطعام، مطالبا حكومة إسرائيل بضرورة إيجاد حل لمطالب الأسرى قبل فوات الأوان، وضرورة تنفيذ التزاماتها بمقتضى القانون الدولي وعمل كل شئ للحفاظ على صحة السجناء، فيما أكد ممثل اللجنة الرباعية "تونى بلير" عن عميق قلقه على تدهور صحة الأسرى في السجون الإسرائيلية، وانه على تواصل دائم مع المسئولين الإسرائيليين على كافة مستوياتهم، مطالبا إياهم اتخاذ كافة الإجراءات لتجنب أية نتائج مأساوية قد تؤدى إلى مضاعفات خطيرة قد تهدد الاستقرار في المنطقة، واحترام حقوق الإنسان لكافة الأسرى، وتوفير كل وسائل الدعم والمساندة الطبية الضرورية والقانونية، ناهيك عن وجود توجهات لتدويل قضية الأسرى في كافة المحافل الدولية ذات العلاقة.

أما على صعيد السجان الاسرائيلى الاحتلال، فقد حطمتم، ومن خلال إرادة الحق والعدل، كل مناورات ومحاولات مصلحة السجون رغبا، ورهبا، وضغطا، ووعودا، ومراوغة، ومماطلة، وتسويفا للنيل من صمودكم وعزيمتكم، فقد اسقطتم خيارالمفاوضات الفردية فالكل هو اولوية الاولويات، كما افشلتم خيار المفاوضات الفصائلية فالتفاوض هو فقط مع اللجنة المركزية لقيادة الإضراب وهى صاحبة الحل والربط وصاحبة القرار والموقف الواحد الموحد للحركة الأسيرة بمجملها بكافة أطيافها السياسية، كما احبطم خيار المفاوضات على مطالب جزئية حين رفضتم قطيعا التعاطى مع فتات الحلول التى كان يطرحها السجان، وحين سجلتم اصرارا على تنفيذ كل المطالب المتمثلة في ضرورة الإنهاء الفوري لمهزلة العزل الانفرادي، والتوقيف الادارى، ومنع اهالى اسري قطاع غزة لأبنائهم، وعودة شروط الحياة فى السجون كافة إلى ما كانت عليه قبل عام 2000.
اضافة الى ما تقدم، فقد كان لملحمتكم البطولية تأثيرها على البعض من القيادة الإسرائيلية، فوزير الأمن الداخلي الاسرائيلى "اسحق ارنوفتش"، وحسب صحيفة هارتس الإسرائيلية، طالب بتقليص استخدام سياسة الاعتقالات الإدارية على أنواعها وضرورة استنفاذ التحقيق وجمع الأدلة التي تسمح بالشروع بإجراء جنائي قبل التوجه إلى الاعتقال الادارى، لافتا النظر الى ما سوف تتعرض له إسرائيل من ضرر سياسي ومعنوي غير مسبوق في ظل ما يتوقعه من ضغوطات على المستوى الدولي. كما نجحتم أسرانا البواسل بإرادتكم القوية في دفع مصلحة السجون الإسرائيلية إلى دوائر التنازل والرضوخ، فحسب فؤاد الخفش مدير مركز أحرار لدراسات الأسرى وحقوق الإنسان، فقد اجبر الاحتلال على إخراج عميد الأسرى المعزولين محمود عيسى من العزل الانفرادي في سجن ريمون إلى سجن هداريم بعد ان أمضى 13 عاما في العزل الانفرادي، كما نجحتم في دفع الاحتلال للاذعان لحق اهالى أسرى قطاع غزة لزيارتهم بعد منعهم لحوالي سبع سنوات، ولتحديد سقف الاحتجاز الادارى بحيث لا يتم تمديده لأكثر من مرتين، ولإلغاء ما يسمى "قانون شاليط" والذي استمر العمل به رغم الإفراج عن الشخص الذي شكل ذريعة لإصداره.
واخيرا نقول ان إرادة الحق والعدل والسلام تسجل الانجاز تلو الانجاز، فيما تسجل ارادة الباطل والظلم والعدوان الاخفاق تلو الاخفاق والتنازل تلو التنازل، لقد نجحت إرادة الحركة الأسيرة، فيما أخفقت إرادة مصلحة السجون اخفاقا بامتياز، وما هي إلا مسألة وقت قصير ولربما فقط صبر ساعة وتنكشف الغمة وتتحقق المطالب العادلة المشروعة لملحمة الأمعاء الخاوية وعندها لن يكون هناك من يجرؤ على التشكيك فى ان كف حركتنا الاسيرة يمكنها ان تناطح مخرز السجان بكل كفاء واقتدار

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت