غزة –– وكالة قدس نت للأنباء
أربعة وستون عاماً من التهجير والتعذيب والمعاناة والآلام ، سنون طوال أنهكت شعب هُجر وشُرد من أرضه الفلسطينية التي سلبها منه الاحتلال الإسرائيلي عنوة عام 1948، حتى تشتت الشعب الفلسطيني ما بين من بقى في الأرض المحتلة "عرب 48", وقسم آخر يعيش في أرض فلسطينية ولكنها ليست أرضه, وآخر يعيش كالضيوف على أبناء أمته العربية, وما زال كل منهم يكتنز الكثير من الذكريات التي لا يغيبها إلا الموت .
ويعتبر الفلسطينيون حق العودة إلى ديارهم التي هُجروا منها حق تاريخي ومشروع نتج عن وجودهم في فلسطين منذ الأزل وارتباطهم بالوطن لأنه حق قانوني ثابت, متعمق بجذوره التاريخية، ومسقط رأسه ومدفن أجداده ومستودع تاريخه ومصدر رزقه ومنبع كرامته .
إن الشعب الفلسطيني تعرض خلال 64 عاما من التشريد إلى ويلات الحرب والاضطهاد وإنكار الهوية الوطنية والتمييز العنصري والتنظيف العرقي , وعانى نفسيا وماديا , وكان ضحية لعملية منظمة وممنهجة؛ لاقتلاعه من وطنه واستبداله بمهاجرين من جميع أنحاء الدول الأوربية ، ونتج عن ذلك تهجير الفلسطينيين إلى مخيمات الشتات , ومنها لبنان وسوريا والأردن. حيث يبلغ عدد اللاجئين في العالم ما يقدر عن 11 مليون فلسطيني .
وتتوالى النكبات على فلسطين, بل على العالم العربي بأسره ، حتى علت آهات الجرحى .. وأنين الشهداء .. إضافة إلى أسرى يطالبون بالحرية, على صوت الظلم والاستبداد.
ويستذكر الفلسطينيون في هذا اليوم العصيب أبشع وأشرس معركة شهدتها الإنسانية, ألا وهي تهجير آلاف الأطفال والنساء العزل من ديارهم ، ليحول مكانهم شعب بلا ارض , ويجني ثمار زراعتهم في قتل الأمل والأحلام بالعودة بعد هزيمة 67 , حيث كانت الصاعقة الكبرى على العالم العربي والشعب الفلسطيني على وجه الخصوص .
ونستذكر اليوم مشاهد النكبة مع شاهدة على العصر، والحاجة مريم أبو سبتان التي تبلغ من العمر ( 80 ) عاما وهي من سكان مدينة بئر السبع التي هجروا منها إبان عام 1948.
وصفت الحاجة الثمانينية كيفية الحياة قبل مجيء الاحتلال واغتصاب الأرض والحجر قائلة: " يوووه يا بلد, الحياة كانت حلوة ونفسنا نعود الها حيث كان الناس يعيشون في أمن واستقرار" .
وتابعت: " كنا نزرع ونفلح , ونقطف الزيتون , ونحصد ونروح ونيجي , وما في حد يقولنا وين رايحين , وبقينا نخبز عالصاج , كانت أيام حياتنا في الأرض وذكرياتها لا تنتسي" .
وكان كل يوم في الأسبوع مخصص للدبكات الشعبية ، ونغني على المزمار , وكانوا جميع الناس ياتوا من جميع البلاد على المدينة لكي يحضروا هذا اليوم الجميل .
وتحدثت أبو سبتان عن صعوبة الحياة مع دخول الاحتلال الإسرائيلي ليحتل أراضينا قائلة " كان هناك قصف وإطلاق ناااار كثيف وصوت طائرات ودبابات التي دمرت البلد ,كانت المنازل تقصف والأشجار لا تُرحم , وانتقلنا من مدينة لمدينة وسيبنا كل ما يوجد لنا من خيرات , والمهم الواحد كان ينفذ بريشه ..
هكذا كان الشعب الفلسطيني مرير على وضعه في تشريد لآلاف الفلسطينيين ونزوحهم إلى مخيمات الشتات , وارتكاب المجازر على أيدي العصابات الصهيونية التي أدت إلى اغتصاب النساء , وقتل الأطفال والشيوخ , وكان هدفها تشريد الشعب الفلسطيني واحتلال أرضه .
وقال رئيس قسم التاريخ بجامعة الأزهر بغزة زهير المصري, إن "النكبة الفلسطينية هي المجزرة التي قام بها الاحتلال الإسرائيلي ضد للشعب الفلسطيني وقام بتهجيره وطرده من أراضيه التي يقطن بها ومن ثم احتلاله لهذه الأرض حيث ارتكب الاحتلال ما يزيد عن 25 مجزرة ورحل أكثر من 800 ألف فلسطيني من أرضه تحت التهديد والإرهاب العسكري".
وأضاف "ما جرى يعتبر كارثة ونكبة حقيقية للشعب الفلسطيني الذي لم يترك أرضه وفق إرادته ولا بأوامر من أحد بل هُجر بالقوة وتحت تهديد السلاح".
وأوضح المصري بأن الاحتلال هَجر الشعب الفلسطيني تنفيذا لخطة قامت بإعدادها الحركة الصهيونية منذ عام 1942 وتسمى بالعبرية خطة "دالت" التي تهدف بشكل واضح لاحتلال القرى والبلدات والمدن الفلسطينية, بالإضافة إلى العديد من المجازر التي قام بها الاحتلال الإسرائيلي .
شامخ بدرة احد أعضاء حزب الشعب الفلسطيني في قطاع غزة تحدث عن حق الفلسطينيين بالعودة لديارهم , حيث قال إن "لشعب الفلسطيني بأكمله لم ولن يتنازل عن حقه في العودة بما طال من الزمن , وإن الأجيال ستواصل نضالها المتواصل والدءوب من اجل تحقيق العودة وتقرير المصير , وإنهاء ملف وقضية اللاجئين بشكل كامل".
وفي ذكرى النكبة 64 وجه بدرة للأسرى القابضين خلف زنازين الاحتلال رسالة صمود وتحدي بفعل نضالهم, مؤكدا إن الشعب الفلسطيني مصمما على انجاز أهدافه الوطنية المشروعة التي يناضل من اجل تحقيقها .
وحذر من خطورة الخداع الإسرائيلي, بمحاولتهم للتلكك والتباطؤ في تنفيذ مطالب الأسرى , مشيرا بأنه يجب أن يكون هناك ضمانات في تنفيذ الاتفاق بين الأشقاء المصريين والحكومة الإسرائيلية من اجل تنفيذ مطالب أسرانا البواسل ".
تقرير: ناصر ابو عيدة