غزة- وكالة قدس نت للأنباء
"كل شيء بإرادة الله"...الحاجة الفلسطينية نظمية العوضي (64عاماً) التي فقدت حاسة النطق منذ أربعة عشر عاما ً نتيجة صدمة عصبية أدت إلى دخولها بغيبوبة يومان, بعدما نقلت إلى مستشفى الشفاء بمدينة غزة, استيقظت لتجد نفسها على هذا الحال..
الحاجة نظمية التي أُجريت لها العديد من التحاليل والفحوصات على مدار السنوات الأربعة عشر الماضية, ولكن دون جدوى، تسرد معاناتها خلال تلك الفترة من عمرها فتقول لمراسل وكالة قدس نت للأنباء طارق الزعنون "بدأت معاناتي عندما أصبت بصدمة عصبية ودخلت في غيبوبة يومان، وبعدها استيقظت لأجد نفسي لا أقدر على النطق، وبدأت اذهب إلى الأطباء على طول قطاع غزة, وما خليت طبيب إلا رحت عليه, لكن دون أي فايدة, إتعبت اكتير ".
ويضيف الابن الأكبر للحاجة الفلسطينية ماهر العوضي (38عاماً) بأنهم حاولوا جاهدين طيلة السنوات الماضية, لعلاج والدته وتم التوجه إلى أطباء كثر في غزة، لكن لم تحقق أيا من تلك الزيارات أي فائدة.
ويقول "بعدها توجهنا إلى المشايخ ولكن ايضا ً لم نجد أي شيء, ثم التجأنا إلى الطب النفسي ولم نحصل على نتيجة لعلاج الوالدة، ولم نترك مكان إلا وذهبنا إليه واستخدمنا الطب البديل (الأعشاب) ولكن دون تحسن يذكر".
هذه المعاناة المستمرة طوال أربعة عشر عاما ً كلفت عائلة العوضي الكثير من المال بدفع تكاليف العلاجات والكشفيات للأطباء إلى أن وصل الحال حتى اليأس.
ويردف ماهر قائلا ً "حاولنا أن نأخذ والدتي إلى الدول العربية المجاورة لعلاجها, لكن الحجة امتنعت ورفضت السفر.."
لحظة الفرج...
وبعد مرور سنوات على حالة الحاجة نظمية، جاءت لحظة الفرج، عندما ذهبت إبنتها وزوجها للعلاج عند الطبيب أحمد الجدبة (42 عاماً ) أخصائي الأنف والأذن والحنجرة في العيادة الخارجية بمستشفى الشفاء بغزة، وخلال الزيارة شكوا للطبيب الحالة المريضة للحاجة نظمية "أم ماهر" فاقترح بأن يكشف على المريضة.
وبالفعل تم تحديد موعد مع الطبيب الجدبة الذي يعمل منذ عشرة سنوات في مستشفى الشفاء، والحاصل على شهادة البكالوريوس في الطب من أكاديمية أكروانيا، وشهادة الماجستير من نفس الأكاديمية، وتقول الحاجة نظمية مبتسمة لمراسلنا " ذهبت أنا وبناتي وكنت اشعر بخوف ونفسي تحدثني إنو ما في فايدة متل كل مرة ".
الطبيب الجدبة الذي استقبل الحاجة نظمية يوم الخميس 10مايو/أيار، يقول " جاءت المريضة ومعها ابنتيها, وقمت بإجراء الفحوصات اللازمة, وبعدها قمت بعملية منظار صغيرة, من خلال الأنف للوصول إلى الحنجرة, لمعرفة الأسباب المرضية، وتم التأكد من خلال المنظار بأنه لا يوجد أي أسباب عضويه تقف وراء فقدان حاسة النطق لأم ماهر, بل الأسباب فيزيائية ".
ويوضح الطبيب بأنه استخدام الأدوات والأدوية الطبية والمنظار، وقام بإعطاء الحاجة نظمية مادة الكورتيزون على الأحبال الصوتية, لتحفزها وتنشطها باستخدام المنظار.. وتم تدريب المريضة على استعادة النطق لعدة ساعات".
وبعد ذلك طلب الطبيب الجدبة من المريضة أن تأخذ نفس"شهيق" وتتحدث...وكانت المفاجأة عندما نطقت أم ماهر العوضي بكلمة (الحمد لله) وسط استغراب ودهشة وصراخ من الحاضرين، وملأت دموع الفرح وجه أم ماهر وابنتيها وبحالة هسترية..
بيت الحاجة نظمية العوضي والذي يقع بمخيم "الشاطئ" للاجئين الفلسطينيين غرب مدينة غزة, إستقبل النبأ بفرحة عارمة سكنت قلوب أهل البيت, ويقول الابن الأكبر ماهر إنه "تلقى اتصال على هاتفه وكان الاتصال من أمه، ولم يصدق أن أمه تحاكيه علي التليفون" مضيفاً "بعد كل هذه المعاناة كتب الله لأمي أن تسترجع نطقها مرة أخرى الحمد لله ".
وبذلك تسجل حالة الحاجة نظمية العوضي كأول حالة في قطاع غزة, تفقد حاسة النطق لمدة أربعة عشر عاماً، وتسترجعها مرة أخرى على أيدي الطبيب أحمد الجدبة..
ويؤكد الطبيب الجدبة أن قسم المناظير فتح حديثاً في مستشفى الشفاء وهو أحد المشرفين عليه حالياً، وأنهم في جهد دائم لتطوير هذا القسم، ليفتح المجال للمزيد من المرضى لتلقي العلاج في ظل كل الأزمات التي تعصف في قطاع غزة.
ويقول إن "القدرة الإلهية كانت هي السبب الأول وراء استطاعتنا استعادة النطق للمريضة، وهذا سيعطي بصيص أمل لكل فاقدي حاسة النطق، ويمنح الأطباء في غزة مزيد من الثقة والتميز".