عيد المقاومة والانتصار اسس لمرحلة جديدة في النضال والمقاومة العربية

بقلم: عباس الجمعة


نقف اليوم امام مناسبة وطنية وقومية عظيمة ذكرى انتصار لبنان ومقاومته على الجيش الذي لا يقهر،لتؤسس لمرحلة جديدة في النضال والمقاومة العربية، اعطى تأثيره المعنوي على صمود الشعب الفلسطيني عام 2008 ، حيث استطاع الشعب الفلسطيني العظيم بمقاومته الاسطورية ان يمتلك الاارادة الحية فكان الانتصار في غزة ، وكان الصمود الاسطوري في الضفة والقدس بمواجهة الاحتلال الصهيوني .
وامام هذه الانتصارات اتت رياح التغيبر الثورية التي أشعل شراراتها شهيد انتفاضة الجوع والكرامة التونسية "بوعزيزي" والثورة المصرية بشهدائها الذين اناروا ورسموا عالم التغيير في المنطقة لتثبت هذه الجماهير رغم كل القمع والتطويع والتجويع انها قادرة على النهوض،وقادرة أن تصنع المعجزات،فهي لم يعد لديها ما تخسره، واليوم يدلي الناخب المصري بصوته المدوي ليؤكد على نجاح عملية التغيير في معركته ولتقول الجماهير العربية انها قادرة على صنع المعجزات وليؤكد الشعب الفلسطيني ان بوصلته لن تتغير الا بتحرير الارض والانسان ولتؤكد هذه الشعوب انها قادرة على صنع النصر كما قال الرئيس الخالد جمال عبد واحمد بن بيله وهواري بومدين وعمر المختار والرئيس الرمز ياسر عرفات ورفيق دربه ابو جهاد الوزير وفارس فلسطين ابو العباس والحكيم جورج حبش ورمز جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية جورج حاوي وسيد الشهداء عباس الموسوي وقائد الانتصارين عماد مغنية وعروسة الجنوب سناء محيدلي ومعروف سعد وكمال جنبلاط ومحمد سعد وغيرهم من القادة ،المؤمنين بوحدة الهدف والمصير،المؤمنين بأن هذه الشعوب يجب أن يكون لها مكانة لائقة بين الأمم. نعم هذه الأمة العربية،أمة عزة وكرامة ،أمة رغم كل حالة الانكسار والهزائم قادرة على النهوض والتوحد،قادرة على قبر وإفشال مشاريع الفوضى الخلاقة،مشاريع تفتيت الوطن العربي واستباحة جغرافيته. أمة ستفشل مشاريع الشرق الوسط الكبير والجديد الامريكية، ولن تقبل هذه الشعوب بوجود إسرائيل واستمرار احتلالها للأراضي العربية،وبأن تكون العصا الغليظة التي تستخدمها أمريكا في ضرب حركة التحرر العربي وقواها الثورية.
ان المقاومة، التي صمدت وانتصرت في لبنان وفلسطين ، فإنها ستصمد اليوم ، حيث تثبت كلّ الوقائع والحقائق أنها ستخرج من هذه الأزمة أكثر قوة ومنعة وحصانة بمواجهة المشاريع المعادية التفتيتية .
أن مجرى التاريخ بدأ يتغير على إيقاع الفعل الذي صنعه الصمود وكتبت المقاومة صفحاته الناصعة البيضاء، وان ما نشهده اليوم من تغير للمعادلات الجيو ـ سياسية، يأتي نتيجة الإرادة القومية الصلبة الرافضة للمشاريع الاستعمارية، والتي تلاقيها إرادة إقليمية ودولية ترفض كذلك سياسة الهيمنة والأحادية الأميركية التي انتهى زمنها ومفعولها.
وعلى هذه الارضية نرى ان الانتصار الذي حققته المقاومة الإسلامية في لبنان بقيادة حزب الله والقوى الوطنية واندحار جيش الاحتلال الصهيوني ذليلا من لبنان يستوجب حراكاً سياسياً شعبياً ، وذلك لحماية إنجازات المقاومة ، وللاستجابة فعلياً للمتغيرات الإقليمية الحاسمة التي تشهدها منطقتنا العربية، كما يستوجب دعم صمود ونضال الشعب الفلسطيني ومقاومته للاحتلال ومشاريعه التي تستهدف الحجر والبشر والشجر بكل الوسائل ، ولا بد ان يتمخض عن هذا الحراك العمل الشعبي من كافة القوى الحية واحزابها وهيئاتها مواكبة التطورات الخطيرة التي تستهدف القضية الفلسطينية .
ونحن في شهر ايار شهر النكبة والانتصار والذي يحمل في ثناياه بصمات واضحة وعميقة على مسيرة الكفاح والمقاومة ، حيث حفر شهداء المقاومة وشهداء عملية القدس البحرية لابطال جبهة التحرير الفلسطينية تاريخهم وسجلهم في عمق ذاكرة الشعوب العربية والشعب الفلسطيني باعتبارهم الرموز والعناوين الخالدين في سفر النضال ،شهداء تركوا بصماتهم واضحة وعميقة على مسيرة الكفاح والنضال ،وكتبوا بأحرف من نار ودم أرواحهم على مذبح الحرية، بلا تردد او خوف او رهبة من الموت،وما زال شعبنا وثورتنا وفصائلنا تسيرعلى نهجهم ودربهم وثقافتهم.
من هذا المنطلق نؤكد بان التلاحم الفلسطيني اللبناني العربي شكل عنوان الصمود والعطاء والتضحية، إبان الغزو الصهيوني للبنان عام 1982،حيث كان صموداً غير مسبوق من قبل المقاومة الفلسطينية والحركة الوطنية اللبنانية لمدة 88 يوما في وجه أعتى آلة حرب عسكرية في الشرق الأوسط،بدون حاضنة ودعم عربي،بل لا نبالغ اذا ما قلنا خذلان وتآمر عربي على الثورة الفلسطينية، حيث أضاف العدوان الصهيوني الوحشي على لبنان صورة جديدة من صور جرائمه البشعة حاول فيها النيل من صمود شعبه المقاوم، وما الاستهداف الصهيوني للمدنيين والبنية التحتية في لبنان وفلسطين سوى نموذج لسياسة المجازر وحرب الإبادة الجماعية التي انتهجها العدو الصهيوني خلال تاريخه الدموي الطويل..
لقد أعطى صمود حزب الله والقوى الوطنية والشعب اللبناني، دعماً قوياً ونهضة ثورية جديدة للأمة العربية بأسرها، ومظهراً الحقيقة العارية لجيش الاحتلال الصهيوني، ذلك الجيش المعتدي المهزوم من داخله يحاول أن يبحث عن إنجاز وهمي ولو بحدود صغيرة، يفشل أمام صمود المقاومة التي حققت نصراً استراتيجياً من واجب اللبنانيين والأمة العربية التمسك به والحفاظ عليه.
إن انتصار المقاومة في لبنان هو انتصار للمقاومة في فلسطين ، وانتصار للمواجهة والتصدي للمشروع الاميركي الصهيوني في المنطقة، هذا الانتصار الذي يصبّ ضمن تيار التوجيهات الاستراتيجية التي ناضلنا من أجلها طويلاً، ومن اجل ترسيخها. فالحقوق تنتزع ولا تعطى مجاناً والسلام العادل لا يصنعه إلا الأقوياء، فقد كشفت الايام زيف ادعاء خطاب السلام المخادع، كما أظهرت، وبوضوح مرة أخرى، الأطماع الامبريالية والصهيونية في محاولة لحذف كل أبجديات المقاومة من قاموس المنطقة العربية.
لقد فتح حزب الله والمقاومة الوطنية والاسلامية بانتصارها نافذة أمل ونور في لحظة ليل حالك، فأعاد ضخ الدماء إلى العروق، كما رفعوا رأس الأمة العربية والإسلامية عالياً، وستبقى هذه التجربة القاسية والمؤلمة التي خاضتها المقاومة الوطنية والاسلامية اللبنانية مصدر فخر واعتزاز لنا وللأجيال من بعدنا..
إن اندحار العدو من لبنان على الرغم من عدم التكافؤ يعزز مبدأ أن الحل الأوحد هو المقاومة بكافة اشكالها، من يعتمد ثقافة المقاومة يصبح حراً ومحرراً من القيود التي تفرض عليه، فقطار الانتصارات هي الطريق إلى المزيد من الانتصارات .
وختاما : ان الاحتفال بعيد المقاومة والتحرير اعطى دروس وعبر وما النصر الكبير والعظيم،للحركة الاسيرة في معتقلات الاحتلال الصهيوني هو ما نحتاجه حتى يكتمل النصر الأكبر بتحرير الارض والانسان وبتحرير كل أسرانا من سجون الاحتلال، لان لهذا النصر،كان وراءه ابطال اسود خاضوا هذه الملحمة البطولية، وهذا يتطلب منا تصويب المسار، بانهاء الانقسام الداخلي وتطبيق اليات اتفاق المصالحة والعمل على ترتيب بيتنا الفلسطيني ضمن اطار منظمة التحرير الفلسطينية الكيان السياسي والمعنوي والممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني حتى نكون قوى موحدة نتمكن من خلال ذلك رسم استرايجية وطنية تستند الى كافة اشكال النضال حتى تحقيق اهداف الشعب الفلسطيني المشروعة في اقامة الدولة الفلسطينية المستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس .
كاتب سياسي

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت