لا عاش الإنقسام في ذكراه الخامسة

بقلم: رمزي صادق شاهين


لم أكن بحال جيدة عندما كتبت هذا المقال ، خاصة أننا نُحيي الذكرى الخامسة لتفتيت الوطن الفلسطيني الجريح ، ففي مثل هذا اليوم قبل خمس سنوات سقطت غزة أسيرة للطمع السياسي ، تغير فيها وجه التاريخ ، فبعد أن كانت غزة الشعلة المضيئة للنضال الفلسطيني ولسنواته الطويلة ، وكانت من أهم المحطات التي ارتكزت عليها مراحل النضال الفلسطيني لغاية سنوات انتفاضة الحجارة ، ومن ثم عودة السلطة الوطنية كنتيجة طبيعية لثمرة النضال الشعبي الفلسطيني خلال انتفاضة الحجارة المُباركة .

خمس سنوات مرت وشعبنا يموت يوماً بعد يوم ... خمس سنوات جاءت بعد عام من فرض الحصار على القطاع ، ليتحول القطاع إلى حالة من البؤس والمرض ، فعلاقاتنا الاجتماعية أصبحت في مهب الريح .. إخوة خسروا بعضهم نتيجة انقسام السياسي ، عائلات تفككت ، زوجات انفصلت عن أزواجها ، شباب ضاع مستقبلهم ، حالة من الرعب سادت الوطن ، فبعد أن كان شبابنا مستعدين للموت في سبيل الله والوطن ، أصبحوا الآن أعداء يُقاتل أحدهم الآخر دون أي سبب إلا أنها سياسة الكبار ، وصراع الأفكار على سلطة وهمية ووطن يرزح تحت الاحتلال وتتعرض أرضه للسرقة والنهب من المستوطنين ولازالت أوصاله مقطعة تفصلها الحواجز .

خمس سنوات مرت على فراق أجمل زهرات الوطن ، شباب ومناضلين سقطوا دون أي سبب ، سقطوا لأنهم اختلفوا بالرأي مع الآخرين ، برغم أن كُل الشرائع السماوية حرمت قتل النفس إلا بالحق ، وكُل الشرائع الدنيوية منعت قتل النفس إلا بما نص عليه القانون وأمام محاكمة عادلة وليست محكمة سياسية تأخذ قراراتها نتيجة خلاف سياسي أو حزبي .

خمس سنوات مرت ولازال البعض يحاول تعطيل أي اتفاق يؤدي لمصالحة وطنية تُعيد لغزة بريقها ، ويُعيد لها كرامتها التي سقطت مع تدخل الأطراف الخارجية في خلاف الأشقاء ، فنحن شعب ضُربت به الأمثال في العطاء والتضحية ولا نريد أن يُصلح بيننا أحد سوانا ، فكُل احترامنا لأشقائنا الذين يُتابعون قضية المصالحة لكننا أجدر أن نكون فلسطينيين حقيقيين ونتصالح في بيت أحدنا على فنجان قهوة ونُعيد لأطفالنا البسمة ونُحيي من جديد روح العطاء لدى جيل كامل من الشباب الذين أصبحوا غرباء عن وطنهم .

أتمنى أن يكون اليوم هو آخر احتفال بهذا الانقسام ، فتكفي خمسة سنوات لتقول في كُل سنة كُل عام وأنتم بخير ، نُريد أن نقول لشعبنا عشت وعاش نضالك وتضحياتك ، وها نحن الفصائل والأحزاب تجمعنا وتوافقنا على كُل ما فيه مصلحة لك وللوطن ، ولنبدأ صفحة جديدة بعيداً عما يُريده فرسان الإعلام والحالمين ببقاء هذه الصفحة السوداء من تاريخ شعبنا ، ولنعمل سوياً لدفن جراحنا وعودة البسمة على أبناء الشهداء والأسرى والذين سقطوا جراء خمس سنوات على انقسامنا البغيض .

&&&&&&&&&

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت