عملية ام العقارب البطولية دمائهم أنارت ارض فلسطين

بقلم: عباس الجمعة


عملية ام العقارب، تاريخ يتجدد كل عام في ذكرى استشهاد ابطالها، لأن ما قدموه نموذج نضالي لا يمكن أن تمحوه السنين والأيام، واليوم هم يعيشون في قلب وضمير كل المناضلين وهم كانوا شعلة النضال حيث اناروا بدمائهم ارض فلسطين ،ابطال عملية أم العقارب، تلك العملية الفدائية الجريئة، التي قام بها الابطال ، فاخر باقر الساعدي، وصلاح المظفر، من العراق، وسامي أبو زكي من لبنان، وزكريا صحراوي من فلسطين، حيث اكدوا على اهمية توحيد الشباب العربي وانتمائه لقضية فلسطين .

في 14 حزيران من العام 1974 نفذ ابطال عملية ام العقارب مجموعة شهداء الخالصة عملية الشهيد القائد ابو علي اياد البطولية ضد كيبوتز كفار شامير الواقعة شمال شرق فلسطين في منطقة صفد على الحدود السورية ـ الفلسطينية ، في موقع ام العقارب بسهل الحولة ، حيث تمكن ابطال المجموعة من احتجاز عدداً كبيراً من الرهائن، وطالب ابطال المجموعة بإطلاق سراح مئة أسير فلسطيني في سجون العدو، لكن العدو الصهيوني، لم يبال بأسراه، فشن هجوماً كبيراً على هؤلاء الابطال، ومعهم الأسرى، حيث استطاع ابطال المجموعة أن يكبدوا العدو أربعة وخمسين قتيلاً وجريحاً، قبل أن تصعد أرواحهم إلى السماء لتنير درب الحرية والاستقلال .

في ذكرى إستشهادهم، لا بد من القول، ان الانجازات الكبيرة التي حققها الشعب الفلسطيني على مختلف المستويات السياسية والعسكرية والدبلوماسية لم تكن لتتحقق لولا العطاء اللامحدود الذي قدمه الشهداء ما قبل انطلاقة الثورة الفلسطينية وحتى اليوم. وفي كل مرحلة كان الشهداء هم ابطال المرحلة ورجالها وعناوينها وانوارها الساطعة. فشجرة الثورة والصمود والمقاومة كانت تسقيها على الدوام دماء الشهداء، فضلا عن عرق المقاتلين والمناضلين الثوريين. وبتضحياتهم الجسام بقيت فلسطين شعبا وقضية حاضرة بقوة في كل الميادين والمحافل، ولم يستطع العدو الاسرائيلي رغم كل مؤامراته وعدوانه المتواصل على شعبنا أن يحجب شمس المقاومة او يكسر ارادة شعبنا، وما زالت راية فلسطين خفاقة بإنتظار اشراقة شمس الحرية واستعادة الحقوق الوطنية.

نستذكر اليوم شهداءنا القادة وكل شهداء جبهتنا وشعبنا، وعزاؤنا أنهم تركوا وراءهم إرثاً عظيماً ومسيرة مشرفة نفتخر بها، كما تركوا وراءهم اجيال من المناضلين الأشداء الذين حملوا الامانة ولا زالوا يواصلون طريق المقاومة والنضال، من أجل فلسطين، ومن اجل الحقوق الوطنية. وذكراهم الخالدة تحمل رسالة لشعبهم ولكل القوى والفصائل الوطنية بالتعجيل في انهاء الانقسام وإنجاز المصالحة واستعادة الوحدة الوطنية وفاءً للأهداف التي ضحى من أجلها الشهداء.
ونحن اليوم نؤكد ان مسيرة الشهداء ومسيرة الشهيد القائد ابو العباس وكل القادة والمناضلين ستبقى مسيرة العطاء في عقول الذين ساهموا في هذه التجربة الكفاحية الطويلة للثورة الفلسطينية ، الوفاء لذلك يستدعي العودة منا الى استخلاص التجارب والدروس والعبر الوطنية ، بما يخدم نضالنا الوطني في الوقت الراهن .

إن نضالنا الوطني يجب ان يأتي في صلب الخط السياسي ، ولكن للاسف ما يجري اليوم هو نبذ المقاومة والانقلاب على البرنامج الوطني في ظل الانقسام الفلسطيني ، فليس امام الجميع الا رسم استراتيجية وطنية ، تستند الى وحدة وطنية فلسطينية حقيقية ضمن اطار منظمة التحرير الفلسطينية والتمسك بالثوابت الفلسطينية وبكافة اشكال المقاومة ، هذا هو الطريق الذي سيعيد ضخ الدماء من جديد في عروق نضالنا وهذه هي النصيحة الوحيدة ، وخاصة أن جميع الأحرار من أبناء شعبنا تواقين لها ولن يكونوا إلا إلى جانبها ومعه

ان فلسطين بهذه العمليات البطولية التي اكد فيها المناضلين العرب والاحرار من اصقاع العالم ، اكدت على اهمية العمق العربي للثورة الفلسطينية، وكان هذا ينعكس إيجابا على معنويات المقاتل الفلسطيني، عندما يرى ان الشعوب العربية ومناضليها مستعدون للتضحية في سبيل فلسطين
نعم عملية ام العقارب والخالصة ونهاريا وبرختا والزيب والطيران الشراعي والمنطاد الهوائي والقدس البحرية واكيلي لورو وكافة العمليات البطولية للثورة الفلسطينية اكدت على ان فلسطين قضية تلازم المناضلين العرب وهي هويتهم الجامعة، ونحن نتذكر ان كافة الثورات والانتفاضات العربية قبل النكبة شارك العرب جميعاً، كمواطنين، في الدفاع عن عروبتهم، فقصدوا فلسطين ليحاولوا إسقاط المشروع الاستعماري الذي يستهدفهم جميعاً في أوطانهم التي يريدون تمزيقها اليوم الى كانتونات طائفية ومذهبية ورسم سايكس بيكو جديد او شرق اوسط من خلال تعميم الفوضى الخلاقة .

ومن هنا فنحن لسنا أمام ربيع عربي، ولا ثورات عربية،لأن ما نراه قلب الربيع العربي نحو حركة فوضوية ، وخاصة ان من يشرف على الثورات يعطي الفتاوى الدموية الرديئة المخجلة والخالية من الإنسانية ، وان القوى الاستعمارية وعلى راسها الولايات المتحدة تحاول احتواء هذه الانتفاضات والحد من اندفاعاتها الثورية.، ورغم محاولات هذه القوى ابعاد الجماهير العربية عن فلسطين ، الا ان ذكرى عملية ام العقارب وكل المناسبات والذكريات المجيدة تعطي الدفع نحو جيل جديد فلسطيني و عربي سيصنع ثورة لن تتمكن كل قوى الظلام و العدوان من الوقوف أمامها وستنتصر.

فمن هذا الموقع وفي ذكرى عملية ام العقارب البطولية نتوجه بالتحية لأولئك المناضلين الذين اندفعوا لحماية فلسطين بقصد حماية حقهم في أرضهم والتأكيد على الهوية العربية لهذه الأرض التي قاتل فيها حتى الاستشهاد مناضلون واحرار من كافة بقاع الارض العربية والعالم.
ختاما : ان فلسطين كانت ولا تزال القضية المركزية للامة العربية ، فمعنى ذلك ان التحدي سيظل مفتوحاً ينتقل من جيل الى جيل حتى تتحرر ارض فلسطين لتكون عنوان مستقبل الامة العربية .
كاتب سياسي

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت