أخيراً وصل الحبر السري

بقلم: رمزي صادق شاهين


أخيراً وصلتنا تكنولوجيا الحبر السري ، هذه التكنولوجيا التي تأتينا من جمهورية الصين ، من خلال بعض التجار الذين أصبحوا يأتوننا بالكثير من البضائع الغير خاضعة للرقابة الحكومية ، والتي تكون أحياناً مُدرجة ضمن البضائع التي تحتاج لترخيص من الجهات الحكومية ، ومنها ما ظهر مؤخراً من أقلام بها سائل وهو حبر سري .

سمعنا عن هذه الأقلام خلال الأيام الماضية في مصر ، حين ضبط الأمن المصري عشرات الآلاف منها مع أشخاص استخدموها أو سيستخدمونها في الانتخابات الرئاسية ، لكن الأخطر من ذلك هو وصول هذه الأقلام للأسواق الفلسطينية وخاصة لقطاع غزة .

قرأت خبراً يقول أن أحد المحامين في غزة تعرض لعملية نصب من أحد المواطنين أو موكليه ، حين قام بتحرير شيك له مقابل أتعاب ، واتضح بعد ساعة أن الشيك كُتب بالحبر السري ، هذا الحبر الذي يختفي بعد الكتابة بوقت ، مما دعا المحامي للتوجه للشرطة لتقديم شكوى رسمية .

ما أسرعنا في استخدام التكنولوجيا لكُل شيئ سيئ ، فقبل ذلك استخدمنا الإنترنت للتشهير والسب والقذف ولنشر كُل ما هو سيئ في حين أن العالم يستخدمه للمنفعة والإطلاع ، استخدمنا الألعاب النارية في الإضرار ببعضنا في حين أن العالم يستخدمها في الاحتفالات الرسمية ، استخدمنا السوق الصينية لاستيراد كُل ما هو سيئ ورديء لشعب تعود على أفضل المنتجات التي كانت تأتينا من السوق الإسرائيلي ، فأصبح المواطن أسير لمزاجيات التجار الذين يذهبون للصين ويأتون بأردأ أنواع البضائع لتسويقها بأسعار تتناسب وحاجات المواطن ، لكنها بدون أي كفاءة .

نحن شعب لا يُحب الرقابة ، وما أشطرنا لتفسير القانون حسب رغباتنا ، وما أسرعنا بالتحليل وتحويل معاناة الناس إلى تجارة مُربحة لبعض كبار التجار والمستوردين ، فكُل منا يُريد البلد على مزاجه ... المهم هو المال والربح بغض النظر عن ما يلحق بالمواطن الغلبان من خسارة .

قبل سنوات حذرنا من الأجهزة اللاسلكية ( سناو ) والتي دخلت من الصين عبر الأنفاق وبعض المعابر ، هذه الأجهزة التي أصبحت بتناول المواطنين وكانوا يتنصتون بها على موجات الشرطة والأجهزة الأمنية ، والآن تُباع في الأسواق بدون أي رقابة ، واليوم سنجد في الأسواق ما هو أخطر من ذلك وهي الأقلام بالحبر السري التي ستستخدم في بيع العقارات والأراضي وتحرير الشيكات .

إعلامي وكاتب صحفي

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت