تجاوز الدكتور محمد مرسي إطار الرئاسة المصرية التقليدي، ومزق الرجل السترة الواقية التي فصلت دائماً بين الرئيس المنتخب وبين الزعيم المحبب، وإذا صار الدكتور محمد مرسي عشية الإعلان عن نتائج الانتخابات الرئاسية محط أنظار المصريين جميعهم، فإنه نجح في يوم القسم باجتياز المسافة الفاصلة بين مرسي الثائر الذي يؤدي قسم الرئاسة في ميدان التحرير، ومرسي الرئيس الذي يؤدي القسم في جامعة القاهرة، ليصير في نفس اليوم مرسي الزعيم الذي يتسلم سلطاته من المجلس العسكري.
في يوم تاريخي من أيام مصر أضفى الدكتور محمد مرسي على منصب الرئاسة بريق القيادة، وأعطى لقيادة مصر بهاء الزعامة، ومزج كل ما سبق مع ألق الإنسان النقي التقي الذي لا يزاحم على مكاسب شخصية في هذه الدنيا، لذلك صار زعيماً لأنه لا يخشى بشراً على وجه الأرض، وصار زعيماً لأنه يخشى غضب أفقر المصريين، وصار زعيماً لأنه عبر عن إرادة المصري الذي لا يخشى إلا الله وحده، وهو مصدر كبريائه وأنفته.
لقد صار محمد مرسي زعيماً يناجي بأول خطواته الرئاسية وجدان المصريين الذين يبحثون عن زعيم، وينتظرون من يفجر طاقتهم، وينهض بقدراتهم، ويعبر معهم الخط الفاصل بين مصر القوية ومصر الضعيفة، مصر القائد ومصر الخاضع، مصر الكرامة ومصر المذلة، مصر الشروق والأمل ومصر الظلام والفساد، فاكتشف المصريون زعيمهم مرسي، والتفوا من حوله، وهم في الحقيقة يلتفون حول الرغبة الكامنة في قلوبهم، بعد أن ملئت كلمات مرسي الصادقة صدورهم، واحتوت اللحظة الفارقة من حياة مصر والعرب.
لقد أرعب الزعيم محمد مرسي خصومه السياسيين كثيراً، ولاسيما بعد أن شهدوا بأم أعينهم ميلاد زعيم للأمة، زعيم عربي يصعد بثقة درجات المجد، وهو يترك كارهيه حائرين، ويتجاوزهم، وهم عاجزون عن إعاقة انطلاقة مصر التي بايعت بقضها وقضيضها زعيمها، وبشكل يفوق كثيراً ما أفرزته صناديق الاقتراع، وما أتت عليه أحسن التقديرات على قدرة هذا الرجل على قيادة الأمة. لقد دعا المصريون ربهم رئيساً، فأعطاهم زعيماً.
زعامة الدكتور محمد مرسي للشعب المصري هي نقطة انطلاق الإرادة المصرية، لأن مصر بحاجة إلى زعيم أكثر من حاجتها إلى رئيس، ولأن مصر لا يستنهض طاقتها إلا زعيم، ومصر مهرة عربية لا يعتلي صهوتها إلا زعيم تجاوز برؤيته واقع مصر الحالي، زعيم يحلق بتطلعاته الفكرية والسياسية والاقتصادية إلى أفق الحرية البعيد.
عندما ترأس مصر شخص اسمه حسني مبارك، صارت مصر في ذيل الأمم، وعندما يرأس مصر الزعيم محمد مرسي، فمصر هي زعيمة العرب، وطليعة الأمم.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت