كانت كل المؤشرات تقول أن الرمز قد بدأ يجهز أوراقه للرحيل .. لم ملامحه تلك التي نعرفها والتي رافقته على طول أيام الثورة ... رن جرس الهاتف .. صديقي الطبيب يقول .. ملامح أبو عمار تقول أنه مصاب بمرض خطير وربما ..." وسكت " .. كنا لا نفارق نشرات الأخبار .. نتابع الأحداث لحظة بلحظة .. متابعة شاركتنا فيها كل حواسنا مشاعرنا دعواتنا .. إنه القائد الرمز أبوعمار ..
وأعلن الخبر ... استشهد الرئيس القائد ياسر عرفات " أبو عمار " ...
وكأنها لحظات مختلفة .. كل واحد كان يحدق في الآخر .. توقف التفكير .. شعر كل منا كأنه نزل إلى بئر عميق جدا .. دقائق ولم يتفوه أحد .. لم يتحرك الجسد .. وبدأنا في موجة من البكاء .. كانت اللوحة تزداد قتامة .. الرئيس لم يرحل بلا سبب .. كل الدلائل تقول أنه مات مسموما .. و الشعب الفلسطيني ومن لحظات الاستشهاد كان مقتنعا تماماً باستشهاده مسموماً بفعل الاحتلال الإسرائيلي .. وحتى وان اختفت أو أخفيت التقارير ولكن الحقائق مهما طال الزمن أو قصر ستثبت أن الاحتلال الإسرائيلي هو عدو أبو عمار وهو الذي الذي كان يبحث عن أي فرصة لاغتيال القائد العام للثورة الفلسطينية الرئيس الرمز ابوعمار ... وقام بالعشرات من محاولات الاغتيال في بيروت وفي تونس وفي المنافي ..
حين غادرنا أبو عمار أحسسنا أن كل أجزائنا نزعت منا .. أحببناه حتى الحياة ... بكيناه بلا توقف .. دعونا له بالرحمة والمغفرة .. فقدنا اليوم الرمز أبو عمار .. أبو عمار الوديع الحنون الحريص على كل تفاصيل حياتنا ، " ادفعوا الرواتب للناس " .. اهتم بنا جميعا .. كان يمر بين جنوده يجلس ليتسامر معهم ويوجههم ويمدهم معنويات عظيمة .. كان مقنعا في منهجه العسكري والسياسي .. أبو عمار حبيب الشعب كل الشعب .. أبو عمار الثورة والمؤسسات .. لحظات عناق الوطن له كانت مختلفة .. الوطن كل الوطن خرج للوداع الأخير .. الرحيل .
لم يرحل أبو عمار .. ولم يفارقنا حتى اللحظة .. ولازلنا نتمسك بكل ما يقع تحت أيدينا من أخبار عنه وصوره وأحاديث إخوانه في الثورة ورفاق جنوده ومن كانوا بجانبه .. وأحاديث الناس عن هذا الإنسان .. والآن رحل أبوعمار ..
كلما أتذكر ابوعمار ترتجف أوصالي .. أتمنى دائما أن أقف أتلمس ثرى قبره .. كان الرحيل مقرون بسؤال أكبر .. ما الذي يتوجب علينا عمله ... أبو عمار كبير القلب باق فينا ..
أبو عمار الذي كان بحسه الثوري يعرف أن المؤامرة كبيرة وأنه مستهدف بالقتل من الاحتلال منذ انطلاق الثورة الفلسطينية وعشرات المرات خاب الاحتلال وانتصر أبو عمار وبقيت الثورة .. لقد قالها الرئيس الفلسطيني الرمز الراحل الأب والمعلم سيد الشهداء الشهيد ياسر عرفات من قلب الحصار : " يريدونني إما قتيلا و إما أسيرا أو إما طريدا لاء أنا باقول لهم بل : شهيدا..شهيدا..شهيدا " ..
كان دائما متفائلا بالنصر يزرع فينا المستقبل ويحفزنا إلى الدفاع عن أرضنا وقضيتنا وحقنا فكان دائما يقول : " سيأتي يوما ويرفع فيه شبلا من أشبالنا وزهرة من زهراتنا علم فلسطين فوق كنائس القدس ومآذن القدس و أسوار القدس الشريف " ...
في حصارك أيها الشهيد كنت وحدك تدافع عن الأمة كل الأمة .. حاصروك وخنقوا مؤسساتنا .. لكننا كنا دوما متفائلين ونحن نسمعك تردد " أرى النصر في عيون أطفالنا " .. وبكل تأكيد اليوم نرى القوة في استشهادك ، لأنك زرعت فينا أن الاحتلال عدو للثورة وعدو للدولة وعدو لمؤسساتنا وعدو لحياتنا وعدو لكل انطلاقة لنا وعدو لقياداتنا ، وهذا الاحتلال قتل الآلاف من شعبنا ومن قيادتنا من أبناء فلسطين .
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت