فياض: نتطلع لتفعيل الدور الأوروبي وإلزام إسرائيل بوقف انتهاكاتها

رام الله - وكالة قدس نت للأنباء
أكد رئيس الوزراء بالسلطة الفلسطينية سلام فياض على ضرورة اتخاذ خطوات ملموسة وفاعلة لإلزام إسرائيل بوقف هذه السياسة وجميع الممارسات والانتهاكات التي مازالت تُعرقل جهود السلطة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية في المناطق المصنفة (ج)، رغم المواقف الدولية التي دعت إسرائيل لوقف هذه الممارسات.

جاء ذلك خلال استقبال فياض، في مكتبه في مقر رئاسة الوزراء في مدينة رام الله، اليوم الأحد، رئيس المفوضية الأوروبية خوسيه مانويل باروسو، والوفد المرافق له، حيث أطلعه رئيس الوزراء على تطورات الأوضاع في الأرض الفلسطينية المحتلة، والانتهاكات الإسرائيلية الخطيرة ضد الشعب الفلسطيني وحقوقه الوطنية المشروعة، والتي باتت تعرض حل الدولتين لخطر حقيقي، وخاصةً تصاعد اعتداءات المستوطنين الإرهابية ضد الفلسطينيين وممتلكاتهم ومصادر رزقهم ومقدساتهم، واستمرار الاجتياحات العسكرية الإسرائيلية لمناطق السلطة.

وأشار فياض كذلك إلى استخدام قوات الاحتلال للعنف ضد التحركات والاحتجاجات السلمية التي يقوم بها الشعب الفلسطيني ضد الاحتلال والاستيطان، هذا بالإضافة إلى استمرار إسرائيل في سياسة التوسع الاستيطاني ومصادرة الأراضي وهدم المنازل وتهجير المواطنين، سيما في القدس المحتلة ومحيطها، كما في الأغوار والمناطق المسماه (ج)، بما في ذلك الإخطارات بهدم بعض التجمعات السكانية والخرب الواقعة فيها، والتي كان آخرها قرار إسرائيل بهدم وإزالة خربة سوسيا في جنوب الخليل بالكامل.

وتطرق فياض خلال الاجتماع إلى أهمية تحقيق المصالحة الوطنية، وشدد على ضرورة إجراء الانتخابات المحلية والعامة، واعتبر أن المعيار الحقيقي للجدية في تحقيق المصالحة هو القبول بالانتخابات واحترام إرادة الشعب.

وفي المؤتمر الصحفي المشترك الذي عقده رئيس الوزراء مع رئيس المفوضية الأوروبية، رحب فياض بالضيف، وأعرب عن تقدير الشعب الفلسطيني وسلطته الوطنية للدور الذي يقوم به الاتحاد الأوروبي في مساندة الشعب الفلسطيني وحقوقه المشروعة، وأشاد بالدعم الاقتصادي والمالي والفني الذي يقدمه الاتحاد والدول الأعضاء فيه.

واعتبر أن الإجماع الأوربي الذي تضمنه الإعلان الوزاري في ديسمبر عام 2009، وجرى التأكيد عليه مرة ثانية في ديسمبر 2010، بكافة عناصره ومكوناته من حيث الموقف الواضح بشان الاستيطان، والاجتياحات العسكرية الإسرائيلية لمناطق السلطة، وتعريف المنطقة المحتلة، بالإضافة إلى مكانة القدس الشرقية كعاصمة للدولة الفلسطينية يشكل قاعدة صلبة يجب البناء عليها لبلورة موقف إجماع دولي، وخاصة في إطار اللجنة الرباعية، كفيل بتمكين العملية السياسية من تحقيق أهدافها، وفي مقدمة ذلك إنهاء الاحتلال عن الأرض الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967.

وقال "من المهم جداً التحرك باتجاه أن يصبح الموقف الأوروبي الموحد قاعدة للتحرك الدولي، بما في ذلك في إطار اللجنة الرباعية والتي يشكل الاتحاد الأوروبي احد أركانها الأساسية"

وأضاف فياض "هذا جزء من الحراك السياسي والتحدي الذي يواجهنا في المراحل القادمة، ونحن نعمل مع أصدقائنا الأوروبيين باتجاه وضع أسس كفيلة لإعادة إطلاق عملية سلام قادرة على انجاز ما هو مطلوب لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي، وتمكين شعبنا من تقرير مصيره، ومن أن يعيش حراً عزيزاً أبياً كريماً في كنف دولته المستقلة".

وتابع" هذا ما هو مطلوب، وعلينا تكثيف الجهد على هذا المسار فيما يُمكِّننا من إحراز التناغم المطلوب بين هذا الدعم غير المسبوق والسخي على المسار الاقتصادي الذي وفره لنا الاتحاد الأوروبي وأيضا على المسار السياسي، بما ينهي وبلا رجعة مقولة أن الاتحاد الأوروبي مهمته فقط تمويل الاقتصاد. فنحن نريد من الاتحاد الأوروبي أن يكون لاعباً سياسياً بالإضافة إلى كونه داعماً أساسياً للسلطة الوطنية"

وأشاد رئيس الوزراء فياض بتأييد ودعم الاتحاد الأوروبي لجهود السلطة الهادفة للإعداد والتهيئة لقيام دولة فلسطين، وأعرب عن تقديره العميق لدور المفوضية، وخاصة فيما يتصل بتوجيه وإقرار المساعدات المقررة للسلطة الوطنية، وقال "لقد استفادت السلطة الوطنية من هذه المساعدات بصورة كبيرة، منذ نشأة السلطة الوطنية".

وأضاف "لطالما كان الاتحاد الأوروبي داعماً أساسياً للسلطة الوطنية في مجال الإعداد والبناء المؤسسي والاستثمار في البنية التحتية"، وتابع " قدم لنا الاتحاد الأوروبي دعما زاد عن 5 مليارات يورو منذ نشأة السلطة الوطنية الفلسطينية، وأشار إلى أن حوالي 40% من هذا المبلغ وردنا على مدار السنوات الأخيرة منذ عام 2008، وبما يؤشر باتجاه واضح على الأهمية القصوى التي بذلها الاتحاد الأوروبي في دعمه للجهد الفلسطيني المبذول على درب التحول بمؤسسات السلطة إلى مؤسسات دولة قادرة على رعاية مصالح جميع مواطنيها وتقديم الخدمات لهم"، وقال "جزء كبير من هذه المساعدات على مدار الفترة منذ ربيع عام 2008، تم تقديمه من خلال آلية الدعم (بيغاس)، والتي استحدثت لمساعدة الشعب الفلسطيني والسلطة الوطنية، حيث حُوَّل من خلالها ما يفوق مليار و200 مليون يورو منذ ذلك الوقت، وبما جعل من الاتحاد الأوروبي المانح الأكبر للسلطة الوطنية"

وأكد فياض امتنان السلطة العميق لهذا الدور الهام الذي قام به الاتحاد الأوروبي، بالتزامن مع الدور السياسي، وقال" نحتاج إلى المزيد من هذا الدور السياسي لتمكين العملية السياسية من انجاز ما هو مطلوب منها، وفي المقام الأول المساعدة في ضمان إنهاء الاحتلال الإسرائيلي، وتمكين شعبنا من تقرير مصيره والعيش بحرية وكرامة في دولة مستقلة له على الأرض المحتلة منذ عام 1967، في قطاع غزة والضفة الغربية عاصمتها القدس الشرقية".

ورداً على سؤال لأحد الصحافيين حول الأزمة المالية التي تعاني منها السلطة وتداعياتها، قال فياض إن "السبب الرئيسي للأزمة المالية التي تعاني منها السلطة الوطنية هو نقص المساعدات الخارجية مع ما هو مبرمج في موازنات السلطة الوطنية، الأمر الذي ترتب عليه عدم تمكن السلطة الوطنية بالوفاء من الالتزامات المترتبة عليها، وخاصة فاتورة الرواتب الشهرية لموظفي القطاع العام، بالإضافة إلى عدم تمكنها من الوفاء بالالتزامات المترتبة عليها لموردي السلع، وخاصة موردي الأدوية"، وأضاف " لا أرى بما هو متوفر الآن في حزينة السلطة الوطنية قادر على الوفاء بهذه الالتزامات، والأزمة المالية تُرحل من شهر إلى الشهر الذي يليه، ونسعى وبشكل حثيث من الحصول على الدعم اللازم للاستمرار في الوفاء بالتزاماتنا".

ووصف فياض الأزمة المالية بالجدية، والجدية جداً، وقال " الوضع المالي مرشح للأسوأ"، وأشار إلى أن الأزمة قائمة إلى أن يتم ورود المساعدات على المدى القصير، وأما على المدى البعيد أكد رئيس الوزراء على أن السياسة المالية للسلطة والإصلاحات المالية جعلت من السلطة عنواناً جاذباً للمانحين.
ودعا رئيس الوزراء كافة الجهات المانحة، وخاصة الأشقاء العرب لتقديم الدعم العاجل للسلطة، ولو بجزء مما قررته القمم العربية، وبما يمكّن السلطة من تجاوز الأزمة المالية، والاستمرار في تعظيم قدراتها الذاتية، وتمكينها من الوفاء بالاستحقاقات والالتزامات المطلوبة منها، والتعامل مع كافة احتياجات أبناء شعبنا في مختلف المجالات، وفي مقدمتها تعزيز قدرته على الصمود.

وعبر فياض عن ثقته بان الأشقاء العرب الذين وقفوا دوماً إلى جانب الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة سيواصلون دعمهم من اجل تمكين السلطة من التحول بالاقتصاد الوطني إلى اقتصاد مقاوم، واستمرارها في تنفيذ مشاريع دعم الصمود خاصة في القدس الشرقية والمناطق المسماه (ج)، بما في ذلك في الأغوار، ومناطق خلف الجدار التي تسعى إسرائيل إلى إحكام سيطرتها عليها.

وكان فياض، ورئيس المفوضية الأوروبية خوسيه مانويل باروسو، وفي وقت لاحق قد افتتحا كلية فلسطين للعلوم الشرطية في مدينة أريحا، بحضور محافظ أريحا ماجد الفتياني، ومدير عام جهاز الشرطة اللواء حازم عطا الله، وعدد من رؤساء الأجهزة الأمنية، وعدد من المسؤولين، وبعثة الشرطة الأوروبية، وعدد واسع من سفراء وقناصل الاتحاد الأوروبي، وممثل كندا لدى السلطة.

وتقدم رئيس الوزراء فياض بالشكر للاتحاد الأوروبي وكندا على دعمهم الهام والحيوي على المساعدة في إقامة كلية الشرطة، وبما يدعم مسيرة المؤسسة الأمنية باتجاه النهوض والرقي والارتقاء إلى أعلى المستويات الدولية.

وقال " أشكركم على ما قدمتموه من دعم للسلطة الوطنية منذ نشأتها، وبسخاء، وفيما دعم جهدنا بتوفير ما هو مطلوب لدعم صمود مواطنينا في مختلف أماكن تواجدهم، وكذلك دعم جهود السلطة الوطنية الرامية لتحول بالمؤسسات إلى مؤسسات دولة فلسطين المستقلة، مؤكداً إصرارا الشعب الفلسطيني على إنهاء الاحتلال، وإقامة الدولة وتجسيد سيادتها على كامل أرضنا المحتلة منذ عام 1967 في قطاع غزة وفي الضفة الغربية وفي القلب من ذلك القدس الشريف العاصمة الأبدية لهذه الدولة، باعتبار ذلك يشكل مفتاح السلام والاستقرار في المنطقة"

ووجه رئيس الوزراء بالتحية لكافة منتسبي المؤسسة الأمنية ، وخاصة جهاز الشرطة، والذي استحوذ على دعم الأصدقاء الأوروبيين، "وقال هذه مناسبة لأتوجه بتحية الإكبار لكافة منتسبي المؤسسة الأمنية، وأخص بالذكر جهاز الشرطة الذي استحوذ على دعم الأصدقاء الأوروبيين".

وأضاف فياض "هذا الدعم السخي أوصلنا إلى درجة متقدمة من الارتقاء بأداء مؤسستنا الأمنية نحو التميز"، وتابع " رسالة المؤسسة الأمنية هي رسالة موحدة أساسها توفير الأمن والأمان للمواطنين، وبما يكرس السلطة القائمة على سيادة القانون واحترام الحريات والحقوق، كما أنها تشكل السياج الحامي لمشروعنا الوطني، والرافعة الأساسية لكل جهد يبذل في إطار تحسين منظومة الحكم والإدارة في فلسطين".