خان يونس – وكالة قدس نت للأنباء
نجح المواطن الفلسطيني حسن الشاعر من سكان محافظة خان يونس جنوب قطاع غزة، في استثمار أمواله التي جناها من تجارة الأراضي، في ظل الحصار الإسرائيلي المفروض على القطاع مُنذ أكثر من ستة أعوام، في إنشاء أول مزرعةٍ لتربية الأسماك وخاصة "الدنيس"، على شاطئ بحر المحافظة.
وتقع مزرعة ومطعم "فش فرش" على ساحل المحافظة، على مساحة تُقدر بأكثر من "خمسة دونمات"، وبتكلفة زادت عن "2مليون دولار"، وتضم عدد من أحواض المياه المالحة، القادمة من البحر عبر أنابيب تحت التربة، والممتلئة بعشرات الأطنان من الأسماك وخاصة "الدنيس".
فكرة المشروع والإنتاج..
ويقول الشاعر لمراسل وكالة قدس نت للأنباء إن" فكرة إقامة المزرعة جاءته قبل سنوات، عبر أحد أصدقائه، وفكر بالمشروع رغم أنّه باهظ التكلفة من جانب، وحذره البعض من الخسارة من جانب آخر، وبدأ بتنفيذه على الفور، من خلال شراء قطعة أرض على شاطئ البحر".
ويضيف "وبالفعل باشرنا العمل وأنتجنا كميات كبيرة من سمك الدنيس الذي يحتاج مياه مالحة كمياه البحر لضمان بقائه على قيد الحياة، وشهدت المزرعة إقبالاً كبيرًا من قبل الزبائن بفضل الله عز وجل، مما دفعني لتكبير حجم المشروع، وشراء قطعة أرض أكبر مجاورة للمزرعة، لزيادة عدد الأحواض".
ويتابع "بعد زيادة عدد الأحواض واتساع المشروع، زادة نسبة الإقبال والإنتاج في آن واحد، فما لا يقل عن 50 طن من السمك أنتج في عام واحد، وبمواصفات عالمية بشهادة الخبراء وكل من حضر للمزرعة، وجميعها تُباع بالأسواق المحلية".
عوامل نجاح ومخاطر..
ويبين الشاعر إلى أن نجاح المشروع يعتمد على عدة عوامل، من أهمها "ملائمة تربية الأسماك للمواصفات العالمية وهذا ما حدث بالمزرعة عندنا، بفضل الله عز وجل، ومن ثم بجهود العاملين الذي يعكفون ليل نهار على العمل والمحافظة عليها، وابتعاد المزرعة عن دخان المصانع، ودخان السيارات".
ويشير إلى أن تكرار انقطاع التيار الكهرباء عن المزرعة يهدد حياة أسماك "الدنيس" بالموت، خاصة أنها بحاجة دائمة إلى تجديد الأكسجين الذي تزود به المياه من قبل المواتير الكبيرة المتواجدة وسط كل بركة، فضلاً عن حاجتها لتغير المياه باستمرار، مما دفعه لشراء مولدين كهربائيين يزودان المزرعة بالتيار الكهربائي اللازم لبقاء تلك الأسماك على قيد الحياة.
ويلفت الشاعر إلى أن تكلفة مشروع"فش فريش" بلغت حوالي " 2 مليون دولار"، منوهًا إلى أنه سيتم إضافة "خمسة أحواض جديدة" لتربية أعداد أخرى من "الدنيس" في الفترة المُقبلة، بما يوائم حاجة الناس والطلب عليه، ومن باب التوسع بصادرات المشروع.
إنتاج وفير وطموحات ..
ويوضح إلى إن إنتاج المزرعة يوزع في أسواق غزة ويصدر إلى الخارج، ومن المتوقع أن تنتج المزرعة خلال العام الجاري 2012"50طن" من "الدنيس"، وفي العام القادم ستكون المزرعة قادرة على إنتاج " 150 طن" من نفس النوع.
ويُعبر الشاعر عن أمله في أن يستمر المشروع بالنجاح الكبير، وتهتم الجهات المختصة بشكلٍ أكبر بالمشروع لأنه يُضاهي المشاريع العالمية مثله، وغيره من المشاريع الأخرى بمجال الثروة السمكية، سيما وأن العديد من مشاريع تربية الأسماك انتشرت مؤخرًا بالقطاع.
كميات الأسماك..
بدوره، يقول ناهض جُمعة أحد العاملين بالمزرعة _بينما كان يُمارس عمله بجانب عدد من زملائه وينثر بيده حُبيبات الطعام الخاص بالأسماك على سطح أحد البرك _"يوجد قرابة 12 ألف سمكة دنيس بهذه المزرعة، بمختلف الأحجام، فمنها ما هو جاهز للبيع، وأخر بعده بمدة وجيزة، وبعضه ما زال صغيرًا".
ويضيف " إلى أنّ المزرعة تضم حوالي تسعة أحواض بها الآلاف من سمك الدنيس، وبجانب هذه الأحواض تتواجد أحواض صغيرة تُسمى "حضانات" بداخلها أعداد كبيرة من الأسماك الصغيرة والتي تستغرق تربيتها فترات متفاوتة حتى تصبح جاهزة للبيع.
ويشير جُمعة إلى أنه يتناوب على العمل بالمزرعة هو وخمسة عمال آخرين على مدار الساعة، من أجل توفير الطعام للأسماك التي تتواجد بالآلاف داخل الأحواض المذكورة، والتي لا تبعُد سوى حوالي "100متر" عن شاطئ البحر.
وينوه إلى أن المياه المتواجدة بالبرك هي مياه بحرية تصل عبر مضخات خاصة متواجدة أسفل التربة، وتعمل على تجديد المياه بداخلها باستمرار، فيما تعمل مراوح حديدية كبيرة ذات حواف وسط الأحواض على تجديد الأكسجين بالبركة التي يتعدى عمقها "مترين"، وقطرها ثمانية أمتار تقريبًا، وتُنظف كل يومين أو أقل.
ويلفت جُمعة إلى وجود إقبال كبير وبشكلٍ يومي على بيع سمك "الدنيس"، ولو لم يوجد هذا الكم من البيع لما أستمر المشروع وحقق نجاحًا، حيث يصل حجم البيع أحيانًا للتجار والمواطنين العاديين إلى أكثر من " 200 كيلوا جرام" في اليوم الواحد.
أرقام وإحصائيات..
وتفرض إسرائيل مُنذ سنوات حصارًا بحريًا مُشددًا على امتداد الحدود الساحلية لقطاع غزة من الشمال حتى الجنوب، والبالغ طولها نحو "45كم"، وتمنع الصيادين الفلسطينيين من تجاوز المساحة المُحددة للصيد في عرض البحر والتي لا تزيد عن "3ميل بحري".
فضلاً عن مُلاحقة وإغراقِ عدد قوارب الصيادين وتدميرها، واعتقال عدد منهم، مما تتسبب بقلة المنتوج السمكي كمًا ونوعًا، مما دفع بعض الصيادين للذهاب عبر تصاريح من وزارة الزراعة بغزة للصيد ببحر مدينة العريش المصرية، وتهريب كميات كبيرة من الأسماك عبر الأنفاق، كما دفع بعض رجال الأعمال لإنشاء مزارع تربية أسماك.
وبحسب اتفاقية "أسلوا" الموقعة بين منظمة التحرير وإسرائيل عام 1993، فإنه يحق للصيادين الفلسطينيين الدخول مسافة "20 ميل بحري"، لكن لا تسمح إسرائيل للصيادين بتجاوز "3ميل"، ويبلغ عدد العاملين في قطاع الصيد بغزة 3600 صياد.