الإبداع فكرة، والفكرة تقول: إن وفداً فلسطينياً برئاسة الأخ أبو العبد هنية سيقدم التهنئة للرئيس المصري محمد مرسي بمناسبة فوزه في الانتخابات الرئاسية. وإذا كانت غزة جديرة بأن تترأس الوفد الفلسطيني، وأن تقدم الدعم المعنوي للرئيس المصري المنتخب، فهي في الوقت نفسه بحاجة لتستمد من الرئيس المصري القوة في مشوارها المقاوم للغاصبين.
إن روعة الفكرة لا تكمن في تشكيلة الوفد الذي يترأسه الأخ أبو العبد هنية، إن روعة الفكرة تكمن في قدرة رئيس الوفد على ترأس وفد يضم شخصيات فلسطينية عامة؛ تمثل مختلف أطياف الشعب الفلسطيني، وتمثل فيه حركة حماس بأقل عدد من الرجال، وفد فلسطيني لا تقصر شخصياته على سكان قطاع غزة فقط، بل يجب أن يضم شخصيات فلسطينية من كافة مدن وقرى ومخيمات قطاع غزة والضفة الغربية معاً، ومن فلسطيني الأرض المغتصبة سنة 1948، ومن لاجئي الأردن ولبنان وسوريا، ومصر ودول الشتات، على أن يضم الوفد عدداً من رجال المقاومة، وعدداً من الأسرى المحررين، ومن أهالي الأسرى، ومن الجرحى، ومن الشباب، والمرأة، وأن يضم الوفد عدد من المفكرين، والكتاب، والمبدعين، وأساتذة الجامعات، والعمال، والمزارعين، والصيادين، ورجال الأعمال، والصحفيين، ورؤساء بلديات منتخبين في الضفة الغربية، وأصحاب الورش والمباني التي تضررت من العدوان، ولا مانع أن يضم الوفد شخصيات فلسطينية لها تأثيرها الفكري والعلمي على مستوى العالم، ولماذا لا يضم الوفد شخصيات مثل الكاتب عبد الباري عطوان والدكتور إبراهيم حمامي، والدكتور عبد الستار قاسم، والكاتب المقدسي نقولا ناصر، ورشاد أبو شاور، وعبد القادر ياسين، ورشيد ثابت، وزاهر براوي وغيرهم؟ وما الذي يمنع أن يضم الوفد شخصيات فلسطينية لما تزل تعمل في أوروبا من أجل فلسطين؟
إن مثل هذا الوفد الفلسطيني الموحد لقادر على حمل رسالة فلسطين السياسية، في الوقت الذي يحمل التهاني للرئيس المصري، وإن مثل هذا الوفد لقادر على مصافحة مصر كلها، وهو يصافح رئيسها المنتخب، وإن هذا الوفد الفلسطيني الموحد لقادر على الحديث باسم الفلسطينيين جميعهم، وقادر على عكس تطلعاتهم السياسية، والتأكيد على الثوابت السياسية التي التئم من حولها الوفد، والتي تختصر الطرق لتحقيق الوحدة الوطنية.
إن شعباً مشتتاً في أكثر من دولة، وله حضوره المقاوم، لا يمكن اختزاله في مئة شخصية، كما لا يمكن قصر اهتماماته على قضية المعابر، والحصار المفروض على قطاع غزة، فهذه قضايا من نتاج الانقسام، ومن إفراز مرحلة نظام مبارك، وتغييرها تحصيل حاصل، وإذا جاء ذكرها فليكن على هامش اللقاء، الذي سيؤكد المشاركون فيه على الثواب الوطنية الفلسطينية، ليتأكد للرئيس محمد مرسي أن الإجماع الفلسطيني لن يفرط بالمقدسات، وأن الشعب الفلسطيني لا يعترف بإسرائيل التي اغتصبت أرضه، وأن المقاومة هي منطلق الإجماع الفلسطيني، وأن قضية الشعب ليست الضفة الغربية وقطاع غزة، وإنما ملايين اللاجئين الذي يقيم بعضهم في مصر، وأن قضيتنا هي مدننا وقرانا المغتصبة بالقوة العسكرية الصهيونية سنة 1948، وأن الحل الذي يتطلع إليه الفلسطينيون هو حل عربي إسلامي.
لن نُحمِّلَ الرئيس المصري أكثر مما يختزنه وجدان المصريين، ولن نَحمِل له في صدرونا أقل مما يحمله غالبية الشعب المصري لرئيسه المنتخب محمد مرسي.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت