في ظل تردي الوضع الاقتصادي وغلاء المعيشة وارتفاع معدلات الفقر والبطالة بدأت بعض الجامعات الفلسطينية في اتخاذ قرارات بارتفاع وزيادة كلفة الرسوم الجامعية بدون أي مراعاة لواقعنا المعاش وكأن إدارة الجامعات لم تلمس وترى بأم عينها هذا الواقع الاقتصادي السيئ، مما يترتب على هذا القرار حرمان العديد من الطلبة أصحاب الدخل المحدود من الالتحاق بالجامعة إلا بعد تسديد الرسوم حتى أن بعض الطلبة الناجحين الراغبين بالالتحاق بالجامعات لا يعرفون حتى اللحظة كيف سيتدبرون أمورهم وإلا سيخسرون دراستهم الجامعية وإضاعة الوقت إلى حين توفير الرسوم اللازمة، كما أن قضية الرسوم الجامعية تفرض في بعض الأحيان على الطلاب دراسة تخصصات لا يرغبون فيها، نظرا لعدم قدرتهم على توفير رسوم التخصصات التي تناسب رغباتهم وميولهم وتطلعاتهم، وبالتالي تخريج آلاف الطلاب في تخصصات لا يحتاجها أرض الوطن.
فالرسوم الجامعية أصبحت اليوم كابوس مقلق يلاحق رب الأسرة في كل وقت وخاصة من لدية ثلاثة وأربعة من طلبة الجامعات وإلا سيشعر بالندم في حال حرمانهم من دراستهم الجامعية وعليه تلبية طلباتهم بأي طريقة كانت في غياب وجود مؤسسات وجمعيات أهلية وما أكثرها في بلادنا تحت مسميات ما أنزل بها من سلطان ترعى حاجات الطلبة وعدم قيام الجامعات بتخفيض الرسوم الجامعية بل زيادة الأمور تعقيدا ورمي الحمل تجاه رب الأسرة دون المشاركة في تحمل جزء من مسئولياتها الوطنية والأخلاقية وتشجيع التعليم الجامعي بوسائل وطرق مختلفة، وعلى المؤسسات الأهلية دور كبير للمساهمة في الارتقاء بمستوى التعليم في أرض الوطن، وضرورة تكثيف جهودها من أجل تشجيع التعليم وتطويره لما له من أهمية بالغة، ويستوجب على مؤسسات المجتمع المدني ان تركز في برامجها ومشاريعها على توفير الدعم المادي للطالب الجامعي الفلسطيني لمواصلة مشواره الجامعي بنجاح وتفوق خدمة للوطن والمواطن، ومساعدتهم في الحصول على المنح الدراسية والإعفاءات من خلال اتصالاتهم بالمؤسسات المحلية والعربية والدولية لتوفير أكبر عدد من المساعدات المالية للطلاب.
وفي هذا الإطار طرحت سابقا أفكار عديدة وسرعان ما تم تسييس هذه القضية لصالح الأحزاب وبقيت الأمور خاصة في إطار الحزبية فقط بحيث الحزب يساعد عناصره وشبابه في توفير المنح وانتشار الواسطة والمحسوبية بعيدا عن يقظة الضمير بأن هناك طلبة بحاجة ماسة للمساعدة والوقوف بجانبهم، على سبيل المثال أين الصندوق الوطني لدعم الطلبة الفقراء والمحتاجين خاصة في ظل وجود أكثر من طالب في نفس العائلة يلتحقون بالجامعات وبحاجة إلى رسوم ومصروفات خاصة، سمعنا عن مبادرات وأفكار عديدة ولكن على أرض الواقع لم نلمس شيء يرضي لهؤلاء الطلبة ويخفف من مشاكلهم، وتبقي القضية أكثر من وسيلة إعلامية أبتدعها البعض وتفنن في تسويقها على جراح هؤلاء الغلابة والمساكين.
إن مشكلة الرسوم الجامعية بحاجة اليوم إلى وقفة جماعية من الجهات الرسمية وغير الحكومية الجامعات أو القطاع الخاص وأصحاب رؤوس الأموال للاستثمار في قطاع التعليم وبذل المزيد من الجهود والخطوات لتلبية احتياجات الطلبة لاستمرار في مسيرتهم الجامعية، فالأمر يستحق الاهتمام من الجميع في إطار المسئولية التضامنية، لأن هؤلاء الطلبة أبنائنا وشباب المستقبل ورواد العمل الوطني ونحن بأمس الحاجة لكل قدرات الشباب لاستكمال مشوارنا النضالي في الحرية والاستقلال وبناء مؤسساتنا على أسس ديمقراطية.
لقد باتت اليوم الحاجة ملحة في ضرورة وضع آليات جديدة للجامعات بما يتلاءم مع احتياجات السوق المحلية وأيضا وضع التسهيلات أمام الطلبة وتخفيض الرسوم الجامعية بما يتلاءم مع الوضع الاقتصادي خاصة وأن العديد من هيئة التدريس يعملون في عدة جامعات ويتقاضون رواتب خيالية وفي نفس الوقت لا يتمكن الطالب من الالتحاق بالجامعة أو حتي دفع قسط واحد من الأقساط الجامعية.
وباعتقادي انه يوجد هناك إمكانية كبيرة لدى الجامعات الفلسطينية لتخفيض قيمة الرسوم الجامعية، خاصة وأن الجامعات تتلقى مساعدات، ولماذا لا ننادى بمجانية التعليم، من أجل إفساح المجال لكافة أبناء شعبنا لإكمال دراستهم الجامعية، وحتى لا يحرموا من التعليم ؟
بقلم / أ.رمزي النجار
باحث وكاتب
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت