مواقع فلسطينية ودعايات التعارف بين الجنسين

بقلم: رمزي صادق شاهين


أصبحت تكنولوجيا الاتصالات وثورة المعلومات والإنترنت ، من أسرع طُرق التواصل بين البشر ، هذه التكنولوجيا التي نستطيع من خلالها إيصال ملايين الرسائل بدقيقة واحدة وكذلك استقبال المعلومات بكبسة زر واحدة ، وقد تنافست عدة شركات لتزويد هذه الخدمة للمواطن خاصة في الدول العربية التي تتلقى التكنولوجيا بشكل سلبي أحياناً ، ويتم من خلال أسواقها المفتوحة الترويج للعديد من التكنولوجيات قبل عرضها على الأسواق الأوروبية ، وبذلك تستخدم الأسواق العربية كحقل تجارب لبضاعتها .

شكل الإنترنت خلال السنوات الأخيرة ، نقله نوعية على المستوى الأمني الشامل ، فقد تم استخدامه من قبل الجماعات الإسلامية في تزوير بطاقات الائتمان وشراء تذاكر سفر وحجوزات لفنادق لتنفيذ عمليات في أوروبا ، وتم استخدامه أيضاً في تصوير عمليات الجماعات المقاتلة في أفغانستان والعراق ، وتم من خلاله بث أشرطة التسجيل لكبار المطلوبين للولايات المتحدة الأمريكية .

ومن الناحية الأمنية ، فقد كان الإنترنت أحد أهم وسائل الاتصال الأمني بين المؤسسات الأمنية وشبكات التجسس المنتشرة في العالم ، فقد تكون تكنولوجيا الإنترنت من أهم وسائل الغزو المخابراتي للدول النامية ، من خلال بث الإشاعات ونشر الثقافات المختلفة ، ومحاولة الدول المهيمنة تنفيذ أجندتها الخفية عن طريق هذه التكنولوجيا .

إسرائيل من الدول الأولى التي استخدمت الإنترنت كوسيلة متعددة الأهداف ، فساهمت بشكل فعال بنشر مواقع إباحية باللغة العربية ، وعملت على نشر ملايين إعلانات العمل على المواقع الإلكترونية ، وهذه طريقة مهمة للإسقاط الأمني بالنسبة للمخابرات الإسرائيلية ، كما أن السنوات الأخيرة كانت كفيلة بكشف طرق التواصل بين العملاء وأجهزة الأمن الإسرائيلية والتي اعتمدت بشكل شبه كامل على الإنترنت .

مؤخراً أصبحنا نرى عشرات الإعلانات الخاصة بالتعارف بين الجنسين على مواقع إعلامية فلسطينية ، وجزء من هذه المواقع للأسف يُشرف عليها إعلاميين لهم خبرة بالعمل السياسي أو الأمني ، أو لهم معرفة تامة بخطورة بعض هذه الإعلانات وعائدها السلبي على شبابنا وفتياتنا ، وحتى لو افترضنا أن بعض هذه الإعلانات بعيدة عن الشق الأمني واستغلاله من قبل أجهزة الأمن الإسرائيلية ، فإنها تتعارض مع ديننا الإسلامي وعادات وتقاليد شعبنا التي تتحفظ على مثل هذه الطريقة في العلاقة بين الناس .

إن الابتعاد عن جوهر العمل الإعلامي بالانتباه للعائد المادي من وراء الإعلانات هو خطأ جسيم بحق مهنة الصحافة ، هذه المهنة التي تُشكل حالة هامة من نشر الثقافات والتي يجب أن تتماشى مع ما يحكم المجتمع من عادات وتقاليد ، لكون الإعلام يؤثر اليوم بشكل كبير في توجهات المجتمعات وتغيير السلوكيات خاصة أننا نحلم ببناء جيل من الشباب خالي من السلبيات في ظل ما يتربصه من مؤامرات تهدف لشطب فلسطين من ذاكرته ، وتحويل توجهاته إلى ثقافات تجعله عنصر فاشل في مجتمع متفكك .

يجب أن يكون الإعلام الفلسطيني إعلام هادف وبناء ، إعلام يساهم في بناء المجتمع بكافة مكوناته ، ويعمل على الحفاظ على بقاء تقاليدنا وعاداتنا الفلسطينية الأصيلة حاضرة في الذاكرة ، وأن يكون سد منيع أمام أي محاولة لتغيير مفاهيم المجتمع مهما كانت الإغراءات المادية ، كما مطلوب منه أن يساهم في توعية المجتمع من مثل هذه الإعلانات التي قد تستخدم في إسقاط الشباب أمنياً خاصة أن إسرائيل تهتم بشكل مباشر بمثل هذه الإعلانات لكونها على قناعة بأن جزء الشباب العربي سهل الوقوع في مثل هذه المصائد .

&&&&&&&&
إعلامي وكاتب صحفي

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت