في ظل الأزمة السورية الداخلية ، ومحاولة زج اللاجئين الفلسطينيين في أتون النار السورية ، التي باتت تحرق الأخضر واليابس في طريقها ، ولا تميز بين الغث والسمين ، ولا تفرق بين المفسد والمصلح ، وأصبح الكل يحرق الكل ، ولم يعد هناك بريق أمل في إخماد هذه النار إلا بالنار ، معادلة صعبة ، وقودها الناس والحجارة ، حيث غاب العقل وانتفت الحكمة لدى أطراف الصراع ، وتحول الصراع من صراع لأجل الإصلاح والوصول إلى الحرية والكرامة والدولة الديمقراطية ، إلى صراع وجود بين طرفين يرى كل واحد منهما أنه صاحب الحق في تملك الوطن السوري ، وإلى جانب الطرفين توجد مخيمات اللاجئين الفلسطينيين ، كما يوجد لاجئون فلسطينيون يسكنون المدن والأرياف السورية ، وهؤلاء اللاجئون لا مصلحة لهم بأن يكونوا داخل دائرة الصراع ، سواء اعتبروا لاجئين في سورية ، أو اعتبروا مواطنين في بلاد الشام ، ورغم أن الفلسطينيين التزموا في أغلبيتهم موقف الحياد ، إلا أنّ هناك من دفع بهم ليكونوا في أتون النار السورية ، تحت أي عنوان كان ، وتحت أي هدف كان ، وجانب أي طرف كان ، فالنار السورية أصابت الفلسطينيين ، فإذا بهم ينقسمون على أنفسهم ، فئة تقف مع النظام ، وفئة تقف مع الجيش الحر ، وهما فئتان قليلتا العدد بالنسبة للفئة الثالثة التي رأت أن الحياد هو الموقف الصحيح للاجئين الفلسطينيين في سورية ، ولكن ، وفي كثير من الأحيان يطغى السيء على الجيد ، ويصبح السيء هو العنوان ، ومن هنا ومنذ بداية الأزمة اتخذ بعض الفلسطينيين وخاصة ما يسمى بفصـائل دمشـق موقـفاً ـ
محتوماً عليها بسبب تركيبها وتكوينها ـ إلى جانب النظام ، مما جعل الشارع السوري ومنذ بداية الأزمة يتخذ موقفاً مناوئاً لهذه الفصائل ، وخاصة من الجبهة الشعبية ـ القيادة العامة التي أصبح أمينها العام السيد أحمد جبريل ومسؤول إعلامها السيد أنور رجا ناطقين رسميين باسم النظام السوري ، حيث ازداد غضب الشارع الفلسطيني من موقف الجبهة الشعبية ـ القيادة العامة بسبب تصريحات أحمد جبريل وأنور رجا ، والذي أدى إلى مواقف ساخنة بين الشارع الفلسطيني والجبهة الشعبية ـ القيادة العامة ، كنا نتمنى ألا يكون ، لو أنّ السيد أحمد جبريل استطلع مواقف قاعدته التنظيمية في كافة المخيمات الفلسطينية وأدرك أن الموقف الحقيقي هو عدم الولوج الفلسطيني داخل دائرة النار السورية ، كما أنّ هناك من بعض الفلسطينيين وخاصة الشباب من التحق بصفوف الثورة السورية أو كما تسمى بالمعارضة أو الجيش الحر أو المجموعات المسلحة ، ظناً منه أنها الخلاص له من كل مشاكل الحياة ، أو أنه من منطلق قومي أو ديني ، دون أي إدراك منه لحقيقة الوضع الفلسطيني في سورية ، كلا الفئتين كانت ترى في مصالحها الخاصة أهم من المصلحة الفلسطينية العامة ، هذه المصلحة العامة التي أكد عليها غالبية الفلسطينيين في سورية وإن اختلفت نظرتهم ورؤيتهم لما يجري في سورية ، لكنهم كانوا متفقين وما زالوا على تحييد المخيم الفلسطيني وإبعاده عن دائرة النار السورية .
ورغم كل ما جرى في مخيم اليرموك وغيره من المخيمات الفلسطينية في سورية ، لم تكن اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية على مستوى المسؤولية في معالجة الوضع الفلسطيني في سورية ، فقد كانت المعالجة من خلال بيانات خجولة تعلن أن ما يجري في سورية شأن داخلي لا علاقة للفلسطينيين به ، ودون أن تكلف نفسها مشقة الاتصال مع كل أطراف الأزمة السورية ، وإن أعلنت عن إجراء مثل هذه الاتصالات دون أن يعلم اللاجئون الفلسطينيون في سورية حقيقة هذه الاتصالات ومع من تمت ، ورغم الجهد الذي تقوم به الفصائل الفلسطينية في سورية لأبعاد نار الأزمة السورية عن المخيمات ، إلا أنّ الشارع الفلسطيني يسأل عن حقيقة الموقف الرسمي الفلسطيني وعلى أعلى مستوى ، وذلك انطلاقاً من أن منظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الشرعي والوحيد لكل أبناء الشعب العربي الفلسطيني في كافة أماكن تواجده ، و إنّ ما يتعرض له الفلسطيني في أي مكان هو من مسؤولية اللجنة التنفيذية للمنظمة وليس من مسؤولية السلطة الوطنية الفلسطينية ، فهل أدركت اللجنة التنفيذية مسؤوليتها السياسية والاجتماعية عن الوضع الفلسطيني في سورية ، ومارست دورها الفعلي وبالطلب بشكل رسمي من كافة أطراف الأزمة السورية وبالاتصال المباشر معها بالمحافظة على تحييد اللاجئين الفلسطينيين من الأزمة السورية وعدم جرهم بأي شكل من الأشكال إلى أتون نارها ، لأنّ حرق الفلسطينيين في النار السورية لا يخدم أي طرف سوري ، كما أنه لا يخدم أية جهة فلسطينية تسعى إلى ذلك ، فحماية المخيمات الفلسطينية هي مسؤولية اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية .
9/8/2012 صلاح صبحية
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت