أكثر من نصف العالم مع الدولة الفلسطينية

بقلم: هاني العقاد


أكثر من نصف دول العالم اجتمعوا في كل من قمة عدم الانحياز ومؤتمر قمة الاشتراكية الدولية, اجتمعوا لأجل أن يسود الأمن والعدل والسلم هذا العالم ,ويعلم سادة الحروب والاحتلال أن هذا التجمع الكبير من محبي الأمن والاستقرار يريد أن تعيش الشعوب المضطهدة في سلام وتنمو نموا حضاريا بعيدا عن كافة أشكال الصراع والمعاناة والقتل والتدمير , أكثر من نصف دول العالم دول العالم جاءت مخاطبة سادة الحروب والاحتلال من خلال القمتين لوقف الحروب ووقف التباهي باستخدام القوة العسكرية وحكم العالم من خلال القوة ,واستخدام هذه القوة لابتزاز العالم وحرمانه من الانتفاع من التقدم العلمي والتكنولوجي باعتبار أن تلك القوي هي القوة الوحيدة التي يحق لها استخدام وتوظيف قوي الطبيعة لخدمة البشرية , وكانت ما يقرب من ثلث دول العالم استمعت لكلمات رؤساء الدول الأعضاء في عدم الانحياز الذين اجمعوا على أن القضية الفلسطينية هي مركز الصراع بالشرق الأوسط وحلها يعني السلام بالشرق الأوسط , وثمانين دولة في الاشتراكية الدولية تعاقدوا على دعم الطلب الفلسطيني في الأمم المتحدة لتنال فلسطين عضوية الأمم المتحدة وإقامة هذه الدولة على حدود العام 1967على أن تكون القدس العاصمة الشرعية.
لقد كانت فلسطين بأزماتها وصراعها مع الاحتلال والسلام الذي لا ترغب به إسرائيل وأزمة الوحدة الوطنية بين الفلسطينيين هي العنوان الذي تحدث فيه الجميع في قمة عدم الانحياز ,وكانت نقطة التركيز التي احتلت اكبر قدر ممكن من النقاش بين الوفود والرؤساء , وبالتالي فإنها أصبحت العنوان الذي جمع كافة أعضاء حركة عدم الانحياز والاشتراكية الدولية , و لعل هذه المساحة التي احتلتها فلسطين اليوم في هاتين القمتين تعني أن أكثر من نصف دول العالم اتفق على الخطوط الإستراتيجية لإنهاء الصراع و وقف الاستيطان المدمر للأرض والمقدسات و أكثر من نصف دول العالم أكد على الثوابت الفلسطينية كثوابت تفاوضية نهائية ,كحق العودة والقدس وحدود الدولة الفلسطينية وعضوية فلسطين بالأمم المتحدة وإطلاق سراح كافة الأسري والمعتقلين من السجون الإسرائيلية ,ومن هنا فان أي قمة أخري سيكون عنوانها الدولة الفلسطينية .
لكن ما يميز قمة عدم الانحياز اليوم أنها تعقد في إيران تلك الدولة المهددة بضربات إسرائيلية بسبب مشروعها النووي وهي من تمثل نقطة الارتكاز بين السلم والحرب إذا ما اعتدي عليها من قبل إسرائيل أو حلفائها , وأن ما ظهر جليا في القمة ومن خلال كلمات الرؤساء والبيان الختامي أن الجميع اقروا بدولة فلسطينية على حدود العام 1967 وعاصمتها القدس وان هذا عقدا على إنهاء الصراع إن رغبت إسرائيل بها وان لم ترغب فان الصراع باق والمعاناة هي المعاناة بسبب امتناع إسرائيل عن التقدم بخطوات عادلة نحو السلام من شانها أن تغير المنطقة إلى حالة من حالات العمل السلمي الشامل وبالتالي لا حاجة لان يتباري احد في الوصول إلى صناعة أي من الأسلحة الفتاكة والقنابل النووية , وقد كانت مبادرة السلام العربية التي وقعت في بيروت العام 2002 حاضرة بقوة وتم إقرارها في إيران في العام 2003 من قبل قمة وزراء خارجية الدول الإسلامية و تم التأكيد من خلال القمة الحالية عبر البيان الختامي أنها أساس من أسس التفاوض وإنهاء الصراع بالإضافة إلى قرارات الأمم المتحدة وخاصة قرار 194 القاضي بحق العودة والتعويض لمن هجروا وشتتوا وابعدوا عن أرضهم وديارهم .
ولعل ملف المصالحة الفلسطينية وكافة إجراءات عود اللحمة الوطنية الفلسطينية قد كان من الملفات الساخنة في الحوارات واللقاءات الداخلية بين القيادة الفلسطينية والرئيس نجاد ,ولأهمية مسار الوحدة الوطنية الفلسطينية ولأدراك إيران أنها تحبط كافة الخطط الرامية إلى قيام الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف , فقد عرض نجاد باستضافة جولات الحوار بين فتح وحماس انطلاقا من الحرص على وحدة الفلسطينيين وتوجهاتهم نحو ميادين المواجهة مع العدو الصهيوني, وحفاظا على قوة هذه المواجهة , لكن نقل الحوار وملف المصالحة من مصر إلى إيران يعقد المصالحة أكثر ,ولعل المطلوب من إيران وصل عبر رسالة القيادة الفلسطينية لان دور إيران لا يمكن إغفاله في موضوع المصالحة وخاصة أن كلمتها لدي حركة حماس مسموعة وبإمكانها إقناعها بتطبيق ورقة الدوحة, ولعل الدور المطلوب الآن من اللجنة المتابعة لتنفيذ توصيات قمة عدم الانحياز الاستمرار في دعم المسعى الفلسطيني بالأمم المتحدة وإسناد نضال الشعب الفلسطيني لنيل حقوقه المشروعة تحت راية منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني، تحت قيادة الرئيس محمود عباس وتسهيل انجاز ملف المصالحة الفلسطينية في القاهرة وإعادة اللحمة والوحدة الوطنية إلى حالتها الطبيعية والتي تقوي الفلسطينيين لاستكمال بناء مؤسسات الدولة الفلسطينية وتحقيق حلم كل الفلسطينيين بمختلف ألوانهم وانتماءاتهم السياسية .

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت