ظاهر الأمر يوحي بأن هدف الانتخابات المحلية التي ستجريها السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية، دون قطاع غزة، ودون القدس، ظاهر الأمر يوحي بمواجهة الانقسام في الساحة الفلسطينية من خلال الانتخابات الديمقراطية، وأن السلطة الفلسطينية لا تحترم إلا إرادة الجماهير، ولا صوت يعلو فوق صوت الشعب صاحب الحق في اختيار قياداته المحلية.
وظاهر الأمر يوحي بأن الهدف من الانتخابات هو ضخ مياه جديدة في عروق المجالس البلدية، وفرز قيادات ميدانية تعكس صوت الأغلبية لسكان الضفة الغربية، حيث يمثل ذلك إحراجاً لحركة حماس الرافضة لفكرة الانتخابات قبل استكمال المصالحة، وإظهارها أمام الشارع الفلسطيني بمظهر المرتبك سياسياً، والمتشكك بقدرته على مواجهة الجماهير.
ظاهر الأمر يوحي بما سبق، ولكن الأهداف الخفية التي تسعى السلطة الفلسطينية إلى تحقيقها، فإنها تتمثل في:
أولاً: إشغال المجتمع الفلسطيني بعملية الانتخابات ذاتها، وإثارة اهتمام الناس بالمرشحين، والتحالفات القائمة بين الشخصيات، وثم الحملات الانتخابية، وبعد ذلك الاحتفال بعرس الديمقراطية، والهدف من ذلك هو التغطية على فشل مشروع المفاوضات، والضحك على ذقون الناس، والتغطية بالانتصار الديمقراطي على حالة الجمود السياسي السائدة.
ثانياً: انتخابات المجالس المحلية في الضفة الغربية هي محاولة بائسة لإطلاق الزمن الذي قيده محمود عباس وسلام فياض قبل ثلاثة أعوام، عندما أعلنا أن شهر 9 أيلول من عام 2011، هو الموعد النهائي لقيام الدولة الفلسطينية، ليأتي شهر 9 أيلول 2012 بلا آفاق سياسية، وبلا جواب على السؤال الصلب الذي يشج رأس القيادة الأزلية، السؤال هو: أين هي الدولة التي زغردتم ورقصتم وغنيتم لها منذ التوقيع على اتفاقية "أوسلو" سنة 1993؟
أما الإفرازات الميدانية التي ستترتب على إجراء الانتخابات المحلية في الضفة الغربية فإنها تتمثل بالحقائق التالية:
1ـ إن الانتخابات المحلية لا يمكن أن تتم دون الحصول المسبق على الإذن الإسرائيلي، وهذا يعني أن الانتخابات المحلية لن تجري إلا في الأماكن التي ستوافق عليها إسرائيل، وهذا يعني استثناء مدينة القدس من الانتخابات المحلية.
2ـ إن إجراء الانتخابات المحلية في مدن الضفة الغربية دون مدينة القدس ليؤكد على الاعتراف الفلسطيني الرسمي بالواقع، والتسليم بأن مدينة القدس عاصمة موحدة لدولة اليهود.
3ـ عدم تزامن الانتخابات في الضفة الغربية وقطاع غزة معاً، يعزز الفصل النهائي بين المنطقتين المحتلتين، وفي ذلك رسالة سياسية توصلها السلطة الفلسطينية إلى المجتمع الدولي؛ الذي رفض قبول طلب عضوية فلسطين في الأمم المتحدة قبل أن تبسط نفوذها على غزة.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت