لا بد من نهج جديد

بقلم: أكرم أبو عمرو


في ظل الحراك الشعبي العربي الكبير فيما يعرف بالربيع العربي ، يبقى المشهد الفلسطيني بكل جوانبه السياسية والاقتصادية والاجتماعية ثابتا بلا حراك تقريبا ، فالمواقف هي المواقف والتصريحات هي التصريحات والردح الإعلامي ما زال ، منذ أكثر من خمس سنوات ونحن نشهد المتناقضات التي لا تنتهي ، ففي الوقت الذي تخرج فيه الدعوات من رام الله لإنهاء الانقسام ، والمصالحة ، وإجراء الانتخابات ، يقابلها في غزة الحفاظ على الثوابت ، والمقاومة ، والاستقرار الأمني ، وغير ذلك من أمور ، بينما اليسار الفلسطيني يقف كالمتفرج وكأنه فقد ارثه النضالي والوطني الضخم ، و تزداد معاناة الشعب الفلسطيني .
ماذا ننتظر في بلاد الثورات العربية تثور الشعوب وهي على أرضها تمتلك ثرواتها،لا احتلال ولا حواجز ولا استيطان ولا قصف من السماء والأرض من عدو متربص ، لذلك كان من الضروري إشعال الفوضى التي قيل عنها أنها فوضى خلاقة ، ونحن لا نعرف حتى الآن كيف تكون خلاقة بعد إزهاق أرواح عشرات الآلاف من أبناء الشعوب العربية ، وتدمير البلاد والممتلكات وانتشار المآسي ، إذا كان ذلك قد حدث ويحدث في بلاد لها إمكاناتها وخططها ومشاريعها ، فما بالك في شعب قدر له أن يعيش تحت رحمة المساعدات وصدقات الشعوب ، فإذا وصلت المساعدات كانت هناك رواتب وحياة وإذا لم تصل يتعالى الصراخ والعويل ، يجري ذلك في ظل تمسك قيادات هذا الشعب بمواقفهم ورؤاهم وكأنها مواقف ربانية انزلها الله من فوق سبع سماوات ، لقد سئم هذا الشعب هذه المواقف ، لأنه أصبح مشغولا بقضاياه اليومية التي لا أمل حتى الآن في علاجها ، حيث البطالة والفقر وتدني مستوى الخدمات بكل أنواعها .
في ظل هذا الوضع المأساوي الذي وصلنا إليه لابد من الخروج بنهج جديد نهج نابع من ارث هذا الشعب الذي قدم التضحيات الجسام وما زال على استعداد لمواصلة التضحيات .
نهج يبدأ أولا بالتوقف الفوري لمراجعة كل السياسات لأننا انزلقنا في طريق التنازلات التي لا تنتهي ،تركنا 78% من أرضنا وأخذنا نلهث وراء 22% فقط والنتيجة أن هذه النسبة تضاءلت بشكل كبير لدرجة سمح لنا في هذه المرحلة بالعيش فقط على نحو 5% من إجمالي مساحة هذه الأراضي وهي تشكل إجمالي المساحة العمراني من الأراضي الفلسطينية ، أما الباقي فقد خضع لسيطرة الاحتلال وعربدة المستوطنين وربما سوف نجد أنفسنا مجبرين على مغادرة هذه المساحة الضيقة من الأرض ، انتهجنا سياسات استطيع وصفها بسياسات الحد الأدنى إن جاز لي هذا التعبير حيث القينا المقاومة المسلحة جانبا وانطلقنا وراء مفاوضات عبثية أخذت ردحا من الزمن دون طائل ، وكانت نتائجها تزايد وتيرة الاستيطان ونهب الأراضي وترسيخ الجدار ونهب الموارد ، انقسمنا بعد أن حسمنا أو انقلبنا على بعضنا البعض أيا كانت التسمية فالنتيجة هي أن أصبحنا إقليمين متناقضين من الناحية السياسية والاقتصادية علما بان كلا من الإقليمين محاصر من العدو الأوحد ذاك محاصر بالحواجز والطرق الالتفافية والبؤر الاستيطانية والجدار ، والآخر محاصر بين الأسلاك الشائكة والبحر ، ذاك يقوم على خطط تنموية ، نرى نتائجها مظاهرات واحتجاجات على هذه السياسات ، والآخر يقوم على اقتصاد يجري من تحت الأرض أما على الأرض فلا نرى شيئا .
هذه حقائق يدركها الجميع فإذا ما استمر الحال على هكذا فالضياع نتيجة محتومة ، فهاهم عشرات الآلاف من الشباب ومن خريجي الجامعات حيث القليل جدا ممن يحالفهم الحظ بالعثور على عمل مؤقت باجر زهيد ولفترة محدود لا تتجاوز الشهرين في أحسن الأحوال ، أما الغالبية العظمى منهم فلا يكادون الحصول حتى على مصروفهم اليومي البسيط ، فما بالك ببناء مستقبلهم بكل جوانبه ، وهاو الفقر يطبق بإحكام على شرائح كبير من المجتمع ، ولا نريد أن نتحدث عن الأسعار الذي أصبح يئن منها الجميع ، كل هذا وهدير الطائرات والرنانات لم يهدأ، وقذائفها لم تتوقف والدماء ما زالت تنزف .
نعم لا بد من نهج جديد ، لابد من تحرك فاعل ومسئول فلماذا نتسمر وراء المصالح الحزبية والفئوية ، لماذا نتسابق على الكراسي والمناصب ونحن نعلم أنها زائلة ، متى نعود إلى كرامتنا ووطنيتنا التي تعلمها الكثير منا ،
متى نتوقف عن التسول والاستجداء ، إلى متى نترك الغير يعبث بمستقبلنا ومصيرنا ، هل أصبحنا عاجزين .
يقول مثلنا الشعبي ما حك جلدك غير ظفرك ، وهنا لابد من قيادتنا الحالية في كل أرجاء الوطن والشتات النحلي بالمسئولية التاريخية والوطنية لإعادة اللحمة الوطنية واعتماد سياسات واحدة يرتضيها شعبنا ليتمكن من الصمود في وجه العدو الغاشم ،
دعونا من مناكفات حماس وفتح ، فحماس حركة تحرير وطنية وفتح حركة تحرير وطنية والشهداء سقطوا من الجانبين ومن كل أبناء شعبنا ، ليكن مشروعنا الوطني هو الهدف الاسمي ، وهو الخط الأحمر الذي لا يمكن تجاوزه من كل الألوان والأطياف .

أكرم أبو عمرو
10/9/2012

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت