وسط الأنباء المتتالية عن الاعتصامات والاحتجاجات على غلاء الأسعار، وإطارات السيارات المشتعلة، وإغلاق الطرق، وغياب الشرطة، والهتافات الصاخبة، ورفض إسرائيل طلب السلطة إعادة النظر في اتفاقية باريس الاقتصادية، ونصف الراتب، وتوجه "البندورة" نحو أسعار "مجنونة"، وغيرها من أنباء "النكد" المتفاقمة، وبينما كنت "أبحوش" عن مقولة أو أغنية أو صورة تنقل مشاعري كما عديد المواطنين، تتمحور حول صرخة عنيفة "يلعن ابوها من حياة"، اصطدمت بأغنية فريد الأطرش "الحياة حلوة بس نفهما" .. صمت برهة، استعدت صورة له في مطار قلنديا قبل الاحتلال، وقلت له بصمت "بس نفهما يا فريد".
ووسط عملية "البحوشة"، عن مواد تتعلق بلفظة "حياة"، لعلي أعثر عما أريد، أحالني باحث "غوغل" الالكتروني الشهير إلى حكاية "عريفة"، وهي فلسطينية كاد الفقر يلتهمها، فوجدت ضالتها في مشروع شخصي، مولته مؤسسة مجموعة الاتصالات للتنمية، تحت عنوان "حياة كريمة".
التقرير منشور في عديد الصحف والمواقع الالكترونية .. خلته بداية شكلاً من أشكال "البروبوغاندا" لمجموعة الاتصالات، كما جرت العادة في حملات عدة، بعضها لا يستحق الكتابة عنه بالأساس، ولكني ومع المزيد من القراءة والتفحيص والتمحيص، تأكدت بأن ما ورد في التقرير وغيره من الأنباء المتناثرة هنا وهناك، صحيح تماماً، ويسير وفق رؤية معنية، هي ما نحتاجه بالفعل، خاصة في ظل الأزمة المالية التي تعيشها فلسطين قيادة وحكومة وشعباً، وتبعاتها التي لا تزال رائحتها تزكم أنوفها، لاسيما أنها تتقاطع والمثل القائل "أعطني سمكة وسآكل ليوم واحد .. علمني صيد السمك وسآكل العمر كله".
أواصل البحث .. "غوغل" كم أنت مذهل أيها العبقري .. لكن نتائج ما كتب عن الحملة لا يرقى لحقيقة تأثيرها على الأرض، والتي طالت عشرات العائلات في الضفة والقطاع، لذا آثرت الخروج من تيارات الأنباء المتاوترة والموتورة، والكتابة عن "حياة كريمة".
وجدت خبراً حول قصة عن المشروع، وبالتحديد كيف ساهم في تغيير حياة شاب من ذوي الاحتياجات الخاصة، حيث بات يشعر بالأمل مجدداً، بعد أن مرّ بسنوات طويلة من الألم والمرض، قضاها متنقلا بين المستشفيات في الوطن وخارجه وانتهت بفقدانه قدمه اليسرى، إلا ان مشروع "حياة كريمة" أحدث نقلة في كل مناحي حياته، حيث أنشأت له حظيرة لتربية الأغنام في محيط منزله، ووفرت له مستشارين من خبراء اقتصاديين، وخبراء في الثروة الحيوانية، وادارة المشاريع، فنجح في مشروعه، وبات دافعاً له.
وقال: كثيرون اعترضوني وحاولو زرع اليأس في أعماقي، ولكن كل يوم عمل امضيه في رعاية مشروعي ارى واقعا افضل .. لم أعد افكر بالمرض والعجز، وتحررت من مشاعر الخوف والاحباط، استعدت الأمل وزمام أمور حياتي.
يا الله كم هو رائع وسط كل هذا "النكد"، ووسط إطلالات تلفزيونية "بتسم البدن"، أن يخرج أحد ليقول لنا أو يغني "الحياة حلوة بس نفهمها" .. لكن يبدو أن قلة كما القائمون على مشروع "حياة كريمة"، هم من فهموها عن "حق وحقيق".
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت