كان من الجوانب الهامة في تعزيز مكانة و سمعة منظمة التحرير الفلسطينية دون شك انتقالها إلى المواقف الأكثر واقعية في مسائل التسوية في الشرق الأوسط. و تعود مكانة خاصة في هذه العملية طبعاً للدورة الثانية عشرة التي عقدها المجلس الوطني الفلسطيني عام 1974م. و أقرت هذه الدورة برنامجاً سياسياً طرح مهمة تأسيس "السلطة الوطنية" الفلسطينية, أي الدولة في "أي جزء يتحرر من أرض فلسطين". و كان المقصود في الواقع هو استعداد الفلسطينيين لتأسيس دولة مستقلة لهم في الضفة الغربية وقطاع غزة و القدس الشرقية. و نسف إقرار هذا البرنامج الادعاءات الأساسية للحملة المعادية للفلسطينيين و التي شنتها إسرائيل لتثبت إن حجر الزاوية في نشاط منظمة التحرير الفلسطينية هو القضاء على دولة إسرائيل, و قد حرم هذا البرنامج الزعماء الإسرائيليين من الحجة الرئيسية لتحرير سياستهم العدوانية الالحاقية في أنظار الرأي العام.
وكان القرار الذي اتخذه مؤتمر رؤساء دول و حكومات البلدان العربية في الرباط عام 1974م بشأن الاعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي الوحيد للشعب العربي الفلسطيني ثم منحها حق العضوية الكاملة في جامعة الدول العربية قد عززا مكانة المنظمة دولياً. و أثناء الدورة التاسعة و العشرين للجمعية العامة للأمم المتحدة 1974 اتخذ القرار رقم 3236 بموجب مشروع تقدمت به 72 دولة من بلدان عدم الانحياز و الدول الاشتراكية. و بموجب هذا القرار و انطلاقاً من أن الشعب الفلسطيني هو الجانب الرئيسي في القضية الفلسطينية دعت الجمعية العامة منظمة التحرير الفلسطينية كممثل لهذا الشعب لتشارك في مناقشة القضية المذكورة في الجلسات العامة للجمعية العامة.
و تلقت منظمة التحرير الفلسطينية دعوة للمشاركة بمثابة مراقب في دورات الجمعية العامة و في جميع المؤتمرات الدولية التي تعقد برعاية هيئة الأمم المتحدة. و في الدورة العادية الثلاثين 1975م قررت الجمعية العامة دعوة منظمة التحرير الفلسطينية للمشاركة في هذه المؤتمرات على قدم المساواة مع المشاركين الآخرين. و تساهم منظمة التحرير الفلسطينية بنشاط في كافة مناقشات قضايا الشرق الأوسط, بما في ذلك القضية الفلسطينية, في مجلس الأمن الدولي.
و هكذا أعرب المجتمع الدولي بشخص هيئة الأمم المتحدة بوضوح لا يقبل التأويل عن ضرورة مشاركة منظمة التحرير الفلسطينية بكامل الحقوق في كل الجهود الرامية إلى إحراز التسوية الشاملة في الشرق الأوسط.
و لا يعارض هذا الموقف إلا الذين يتوخون أغراضاً أنانية و بودهم لو صفوا القضية الفلسطينية و فرضوا على العرب, بمن فيهم الفلسطينيين, شروطاً نافعة للمعتدين و حمايتهم لحل هذه القضية و النزاع العربي الإسرائيلي عموماً.
إذن من اجل الحق الطبيعي لكل شعب يخوض الفلسطينيون نضالاً متفانياً باسلاً بقيادة طليعتهم و ممثلهم الشرعي الوحيد – منظمة التحرير الفلسطينية.
بقلم الدكتور حنا عيسى أستاذ القانون الدولي
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت