مؤسسات حقوق الإنسان في فلسطين إذ تشارك في انتهاك حقوق الإنسان

بقلم: فؤاد الخفش


على الدوام لا يفتأ المنادون بحقوق الإنسان بترديد مقولة (الإنسان أغلى ما نملك) وهو ذاته المصان جانبه والمحفوظة حقوقه والمحرم على الجميع المساس بها والتعرض لها وإهانتها وتعريضها لسوء المعاملة .

وعلى الدوام أيضاً كانت الأجهزة الأمنية على خلاف مع هذه المؤسسات المدافعة عن حقوق الإنسان فما بين مبررات الحفاظ على الأمن القومي ومصلحة البلد والوطن أغلى من الجميع وضرورة احترام الإنسان وعدم امتهان كرامته كان الصراع وما زال في فلسطين وفي كل مكان على وجه هذه الأرض .

الأصعب في الحالة الفلسطينية يكمن في عدم انتهاء مرحلة التحرر وعدم وصول الشعب إلى الاستقلال ووجود الاحتلال المطلع والمتابع لكل صغيرة وكبيرة على هذه الأرض والمتدخل في جل الشأن الفلسطيني وأنه ومن خلال تدخلاته يساهم في إفساد الأجواء وزيادة تعكيرها .

ما تم خلال السنوات الست الماضية وبعد أحداث عام 2006 والانقسام الفلسطيني كانت بمثابة خرق لكل ما يطلق عليه خط أحمر .. حيث ديست كرامة الإنسان الفلسطيني بيد الإنسان الفلسطيني وسعى الفلسطيني إلى تدمير من هو أمامه على اعتبار أنه هو العدو .

الأصعب كان في هذه الحرب التي خاضها الفلسطيني ضد الفلسطيني من وجهة نظري تمثل في استهداف فئة الشباب وبالذات شباب الجامعات وفئة الأسرى المحررين ، لك أن تتخيل استهداف أسير محرر أمضى سنوات طويلة بالسجون خرج ليحتضن طفله ليأتي الفلسطيني لاعتقال هذا المحرر ، أي فكرة ستنطبع في مخيلة هذا الفتى وأي صورة سيأخذها الطفل الفلسطيني عن الفلسطيني الكبير ، أنا شخصياً أعلم الإجابة جيداً لأني سمعت ما يقوله طفلي عن هذه الحالة .

ما كان يتم خلال جلسات التحقيق من قبل بعض المحققين كلام لا يمكن أن تمحوه الأيام .. هناك أناس الحقد ملأ قلوبهم وباتوا ينفثون سمومهم وأحقادهم في وجوه الشباب الغض .

في هذه الحالة التي أدت الى تفتت النسيج الاجتماعي الفلسطيني كنت أقول ومع الأيام الأولى لهذا الانقسام كنت أعلم يقيناً أن هذا الانقسام لا بد أن ينتهي بمصالحة ، وهذا ما كان يردده الجميع ولكن كنت أعلم أن آثار الانقسام هذه لن تستطع الأيام طالت أم قصرت أن تمحوها من عقل طفل اعتقل والده وضرب أمام عينيه وسمع أمه في جوف الليل تدعو الله أن ينتقم ممن ظلمه .

لا كرامة للإنسان الفلسطيني ولا حقوق تحفظ له أمنه وسلامته وعدم أحقية أن يتعرض له متعرض من دون وجه حق ولا أحكام خارج نطاق القانون ولا أشخاص يموتون من شدة التعذيب .

الأصعب من وجهة نظري أيضاً في هذه الحرب التي استهدفت الفلسطيني ، كان الغياب الفعلي والحقيقي لمؤسسات حقوق الإنسان الفلسطيني ، والتي ومن وجهة نظري أيضاً كانت مسيّسةً بالغالب ، لم تتناول الحقيقة كاملة ولم تقف كما كان يجب أن تقف مع الإنسان ، بل انحازت تارة لأحد أطراف الخصومة على حساب الآخر … الأمر الذي يعتبر أيضاً انتهاكاً صارخاً بحق الإنسان الفلسطيني .

المؤسسات الحقوقية لم يكن لها دور يذكر في هذه الحرب التي خاضها الفلسطيني ضد الفلسطيني وضد حقوق الإنسان سوى الشجب الخجل في كثير من الأحيان ، وكما قلت وأكرر أنها كانت منحازة لطرف على حساب طرف وأنها خسرت أمام الشعب وأمام مواثيق حقوق الإنسان الذي كما قلت هو القيمة الأعلى وصاحب الكرامة التي يجب أن لا تمس .

يجب أن تعيد هذه المؤسسات حساباتها ، كما يجب أن يعيد الفلسطيني الذي عَذّب فلسطينياً تحت ذرائع الحفاظ على الأمن والبقاء ، حساباته وعليه أن يخجل من نفسه أنه وبيده عذّب فلسطينياً ما زال تحت الاحتلال .

وإلى أن تقول الأيام كلمتها ، وحتى تعيد هذه المؤسسات التي خسرت مكانتها في عيون المظلومين والمعذبين والمسجونين ، أقول … ألم يئن الأوان أن نغلق ملف الاعتقال السياسي للأبد ؟؟؟!! وأن نشرّع قانوناً نجرّم فيه من يعتقل الفلسطيني … وأن نعلي شعار حقوق الفلسطيني الإنسان أغلى ما تبقّى من وطن توزع بنوه على الخيام ؟؟؟

بقلم فؤاد الخفش كاتب وباحث حقوقي مختص في شؤون الأسرى الفلسطينيين

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت