اشعل عامل تونسي بموته شعلة بداية انتفاضة الفقراء ، العمال العاطلين عن العمل ، خريجي الجامعات اليائسين من ايجاد فرصة عمل ، المقهورين من الفساد والوعود الكاذبة بمكافحة الفقر والبطالة في تونس ونزلوا الى الشوارع مطالبين بحقهم الانساني في فرصة عمل توفر لهم دخل يعيشون به وأولادهم بكرامة ولبت الطبقة العاملة بمعظمها وتبعها كافة شرائح المجتمع التونسي من عمال وفلاحين وطلاب ونساء ونزلت الى الشوارع متحدية رصاص النظام الذي لم يرحم فسقط عشرات الشهداء ومئات الجرحي والدم الزكي الطاهر الذي سال في شوارع المدن التونسية زاد الشعب التونسي اصرارا على استمرا الانتفاضة الشعبية السلمية المسلحة بالعزيمة والاصرار على تغيير النظام وتغيير الواقع ، واستمرت الانتفاضة وتصاعدت وامتدت افقيا وعموديا لتشمل كافة شرائح المجتمع والمدن والقرى التونسية واستطاعت الانتفاضة بقوة الجماهير تطويق النظام وهزيمة اركانه وأدرك الجيش والشرطة التونسية حقيقة المعركة وأهدافها فانحازالغالبية منهم الى الجماهير التي ينتمون لها ، وانتصر الشعب التونسي ليضرب بذلك مثلا بان الشعوب لا بد أن تنتصر كما قال شاعرنا الكبير أبو القاسم الشابي ( اذا الشعب يوما أراد الحياة فلا بد للقيد أن ينكسر ) ، ويجب أن يكون ما حصل للنظام التونسي عبرة لكافة الانظمة الشمولية والديكتاتورية والفاسدة والمتحكمة في رقاب الشعوب ولتبادر قبل فوات الاوان بالرحيل او تغيير سياستها جذريا واعطاء الشعب حقوقه المشروعة في المشاركة في صنع القرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي ومكافحة البطالة والفقر وصون الحريات العامة وفي مقدمة ذلك حق الشعوب في التعبير الحر عن الرأي وفي حرية التنظيم والنشاط السياسي والنقابي .
ان تقارير التنمية البشرية السنوية التي تصدر عن المنظمات المحلية والدولية واستادا الى التقارير الاحصائية أشارت الى ارتفاع مستمر في نسبة البطالة والفقر في الوطن العربي وعدم التزام الحكومات بالتعهدات التي قطعتها على نفسها في الامم المتحدة بمكافحة البطالة والفقر ، الا أن الحكومات ظلت تصم الآذان عن هذه النداءات ولم تسمع لصوت الفقراء والعاطلين عن العمل وبقيت تضع السياسات التي تزيد الاغنياء غنى والفقراء فقرا فهل يا ترى ستصل رسالة الشعب التونسي الى كافة الانظمة العربية بما في ذلك السلطة الوطنية الفلسطينية التي تصم الآذان حتى الآن عن مطالب العاطلين عن العمل والخريجين الباحثين عن عمل وجمهور العاملين الذي اضرب اكثر من مرة واعتصم أمام مجلس الوزراء مرات عديدة مطالبا بضرورة ايجاد فرص للعمال العاطلين عن العمل وللعمال الذين تركوا العمل بالمستوطنات والتحقوا بجيش العاطلين عن العمل الذي يتضخم سنة بعد أخرى .
ان الظلم والقهر الذي يعاني منه الشعب الفلسطيني جراء سياسات الاحتلال من حصار وجدار واستيطان وحواجز وتحكم في الاقتصاد الفلسطيني التابع نتاج اتفاق باريس الاقتصادي وفشل اتفاف أوسلوا في فتح الطريق أمام الخلاص من الاحتلال وبناء الدولة الفلسطينية على الاراضي التي احتلت عام1967 بعاصمتها القدس وفشل الحصول على مقعد 194 لدولة فلسطين كعضو كامل العضوية في الجمعية العامة للامم المتحدة والنزول عن سقف المطالب السابقة والمطالبة بالعضوية المراقبة ، وفي ذات الوقت أستمرار الارتفاع في نسبة العاطلين وخاصة الخريجين من الجامعات والكليات والمعاهد عن العمل والفقراء وارتفاع تكاليف المعيشة .
وما زيادة أسعار المحروقات وقبلها الكهرباء وما تبع ذلك من أرتفاع حاد في أسعار السلع الاساسية الا شرارة أشعلت الاحتجاجات التي انطلقت من أمام مجلس الوزراء وتبعتها الاحتجاجات في كافة مدن الضفة الغربية الا بداية انتفاضة للفقراء الذين لم يتحرك غالبيتهم بعد لا في الضفة الغربية ولا في قطاع غزة التي تزداد فيه نسبة الفقر والبطالة عن الضفة الغربية اللامساواة والتمييز على أساس الانتماء السياسي وكبت الحريات واغتناء قلة قليلة على حساب الغالبية الساحقة من الشعب
أن ادراك الغالبية الساحقة من الشعب وفي مقدمتهم العمال والمزارعين وذوى الدخل المحدود بالمؤامرت التي تحاك ضد الشعب الفلسطيني وأن الاحتلال هو السبب الرئيس في معاناة الشعب هو الذي يؤجل انتفاضتهم ضد سياسة الحكومة الاقتصادية وغياب العدالة الاجتماعية والمساواة وادارة الظهر لما جاء في وثيقة اعلان الاستقلال ( بأن الفلسطينيون متساوون لا فرق بينهم على أساس الجنس أو الديانة أو الانتماء السياسي أو العشائري أو الجهوي )
وقد عملت الحكومة حتى الآن على معالجة جزء من مطالب أصحاب وسائقي حافلات النقل العام وموظفي السلطة من معلمين وموظفي القطاع العام وتحاول تحديد اسعار بعض السلع ، ولكن المطلوب هو معالجة جذر المشلات السياسية والاقتصادية والاجتماعية بوضع استراتيجية وطنية شاملة وبمشاركة كافة القوى والقطاعات الجماهيرية ومنظمات المجتمع المدني يكون عنوانها ( مكافحة البطالة والفقر والفساد واهدار المال العام وتكريس مبادء العدالة الاجتماعية والمساواة وتكافء الفرص وتقليص الفجوة بين الاغياء والفقراء لصالح الفقراء والغالبية الساحقة من الشعب) .
فهل تسمع الحكومة صوت جمهور العاملين بضرورة توفير العمل اللائق والحماية الاجتماعية باقرار قانون الحد الادنى من الاجور و قانون للضمان الاجتماعي وانشاء صندوق التشغيل والحماية الاجتماعية وصندوق الحماية من البطالة وتباشر في العمل بمشروع الامن الغذائي ، وتعمل على مشاركة الشعب في رسم السياسات الاقتصادية والاجتماعية والتعبير الحر عن الراي ، وتعمل على فتح ملفات الفساد ومحاكمة الفاسدين ، وتعمل على التطبيق العملي لمبدأ العدالة الاجتماهية والمساواة وتكافؤ الفرص وتنهي المحسوبية والواسطة عل اساس الانتماء السياسي والعشائري والجهوي ، وتوقف اهدار المال العام وتوزع توزيعا عادلا الدخل القومي وخاصة المنح والمساعدات الدولية التي تمنح للشعب الفلسطيني كل الشعب الفلسطيني بما في ذلك العاطلين عن العمل والفقراء وذوي الدخل المحدود وليس لكبار موظفي السلطة وكبار رؤس الاموال ، وتعمل على وضع حد للارتفاع الحاد في أسعار المواد الغذائية لضمان توفر الغذاء للجميع .
ان استشراس الفساد وزيادة نسبة البطالة والفقر وغياب العدالة الاجتماعية والمساواة وتكافؤ الفرص هي ناقوس خطر يهدد السلم الاجتماعي في أي مجتمع فهل تسمع الحكومات أصوات المحتجين وخاصة الفقراء منهم ؟؟؟
الكاتب :محمد العاروري
عضو الامانة العامة للاتحاد العام لعمال فلسطين
أمين سر منظمة التضامن العمالية
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت