نحو تشكيل لوبي إعلامي لفضح الدول العربية

بقلم: رمزي صادق شاهين


منذ النكبة العربية الكُبرى عام 1948م وما نتج عنها من احتلال فلسطين ، وطرد وتشريد ملايين الفلسطينيين من أراضيهم ، بعد سلسلة من المجازر التي ارتكبتها عصابات اليهود ضد أهلنا وأطفالنا ، إضافة لهدم مئات القرى وشطبها عن الخارطة الجغرافية ، كُل هذه الأحداث كانت أمام مرأى ومسمع العالم ، وضعف ووهن زعماء الأمة العربية .

لم تكن إسرائيل هي عدونا الوحيد ، بل كان هناك أعداء كُثر من أبناء جلدتنا وأمتنا ، فالصمت على احتلال أرضنا هو جريمة كُبرى تصب في مصلحة العدو الأول إسرائيل ، والسكوت على جرائم الإحتلال ضد شعبنا الأعزل هو شراكة غير مباشرة مع هذا الإحتلال ، بل والاكتفاء بإصدار بيانات الشجب والاستنكار هو مكافئة علنية وضوء أخضر لهذا المحتل ليمارس المزيد من الإرهاب ضد شعبنا ، ويظل رافضاً التسليم بحقوقنا المشروعة في أرضنا ومقدساتنا .

منذ العام 1948م وشعبنا يعاني من الإحتلال ، وكذلك يُعاني من خذلان زعماء الأمة العربية له ، وتنصلهم من مسؤولياتهم الدينية والقومية تجاه فلسطين أرض الرسالات السماوية ، هذه الأرض الطاهرة التي ذكرها الله في القرآن وخصها كأرض مباركة ، فلسطين التي وُلد فيها سيدن المسيح ودُفن فيها سيدنا إبراهيم وعرج منها سيد البشرية سيدنا محمد ( صلعم ) .

توالت حالة تنصل الزعامات العربية من مسؤولياتهم ، وأصبحوا عبارة عن أدوات رخيصة بيد الصهيونية العالمية ، وشاركوا في دعم الإحتلال في سياساته لأنهم لم يكونوا على قدر من المسؤولية ، وظلوا خانعين أمام تغول هذا الإحتلال ، فكان ضعفهم واضحاً مع نكسة عام 1967م ، حين احتلت إسرائيل ما تبقى من فلسطين ، وامتدت يدها لتحتل الأراضي العربية في لبنان وسوريا وسيناء .

خيانة القادة والزعماء العرب كانت واضحة وضوح الشمس ، حين هرولوا لمصافحة قادة إسرائيل ، وعقدوا معهم الاتفاقيات ، وتركوا فلسطين تجوع وتُقتل وتتعرض للنهب والسرقة ، وصولاً إلى ما عشناه من تدنيس للمسجد الأقصى والمجازر في الحرم الإبراهيمي الشريف وقتل المصلين بدم بارد ، والقيام بمشروع هدم المسجد الأقصى من خلال الحفريات التي تقوم بها إسرائيل .

إن خيانة الزعماء العرب لا تحتاج إلى أدلة وبراهين ، فكانت جرائمهم أمام أعين وسمع شعبنا ، حين حاصرت إسرائيل الشهيد أبو عمار ، وقام الزعماء العرب بقطع الاتصالات الهاتفية عنه أثناء كلمته في القمة العربية ببيروت عام 2002م ، وصولاً إلى السماح لإسرائيل باغتياله بدم بارد ، حتى أنهم لم يقفوا أي موقف للتحقيق الجدي لمعرفة أسباب استشهاده ، وحاولوا تضليل شعبنا بالكثير من الأكاذيب والتصريحات التي تهدف لإغلاق هذا الملف الخطير والمهم بالنسبة لشعبنا .

لم يترك الزعماء العرب وسيلة للضغط على شعبنا وقيادتنا إلا مارسوها ، فكان حصار قطاع غزة على يد النظام المصري بقيادة مبارك وعصابته ، ثم الحرب الآثمة على قطاع غزة ، والتي راح ضحيتها مئات الأطفال والشيوخ والنساء .. شعب أعزل دفع ثمن صمت وخيانة الزعماء العرب وصمتهم وبيانات شجبهم الخجولة والضعيفة أمام الإرادة الأمريكية الإسرائيلية .

حتى وقتنا هذا لا تزال المؤامرة تُحاك ضد شعبنا ، فدور بعض الزعماء العرب الخياني لم يتوقف لتركيع شعبنا وإجباره على قبول شروط الولايات المتحدة وإسرائيل ، إضافة إلى سعيهم الحثيث للضغط على القيادة الفلسطينية للتخلي عن النضال من أجل انتزاع حقنا في الاعتراف بدولتنا الفلسطينية في الأمم المتحدة ، ففرضت بعض الدول العربية الحصار المالي على السلطة الوطنية ، من أجل ابتزازها سياسياً ، ومارست عليها الكثير من الإجراءات ومن أهمها محاولة خلق بدائل للشرعية الفلسطينية ، حيث تقوم دويلة قطر بدعم فصائل فلسطينية حتى تكون بديلاً عن الممثل الشرعي لشعبنا ، وبالتالي تنتهي القضية الفلسطينية ويضيع الحق الفلسطيني والتمثيل الذي تعترف به معظم دول العالم .

قيادتنا الفلسطينية لا تستطيع معاداة بعض الأنظمة العربية المتآمرة على شعبنا وقضيته الوطنية ، فهي لا تريد أن تضع نفسها الآن في صراع مع هذه الأنظمة والدويلات ، لكن شعبنا من حقه أن يحاسب كُل من يسيء له ولنضاله ، ويحاول المساس بالحقوق الوطنية المشروعة ، وهذا يتطلب مساهمة جماهيرية فاعلة مدعومة بلوبي إعلامي لفضح كُل الدول التي تشارك إسرائيل في الالتفاف على الحقوق الفلسطينية ، وتحاول تمرير مشاريع استسلامية على شعبنا يتم من خلالها فرض جغرافيا جديدة لفلسطين وتقسميها لشمال جنوب ويكون الصراع على السلطة هو الشغل الشاغل لها .

لقد آن الأوان لفضح كُل من أساء لشعبنا ، ولنكن على قدر المسؤولية الدينية والوطنية ، لأن فلسطين أرض وقف إسلامية لا يجوز التفريض بها او التجارة بها ، ولا يجوز أن نسمح لبعض الداخلين على التاريخ أن يتحكموا في مصير شعبنا ، وأن يفرضوا علينا أجندتهم المشبوهة والمرتبطة مع اللوبي الصهيوني ، هؤلاء الذين كانوا ولازالوا حماه للقواعد الأمريكية في المنطقة .

&&&&&&&&&
* إعلامي وكاتب صحفي – غــزة

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت