إذا كانت إسرائيل التي اهتزت صورتها أمام العالم باعتبارها فوق القانون الدولي وصورة سياسييها بفسادهم وفضائحهم الأخلاقية، وصورة جيشها الذي لا يقهر خلال السنوات الأخيرة ثلاث مرات متتالية، وأن السلام الحقيقي والقائم على أسس صحيحة فيه يخيف المسئولين السياسيين الإسرائيليين، فحتى اليوم لا يوجد واحد منهم لديه القدرة على مواجهة الشارع الإسرائيلي وتحمل مسئولية اتخاذ قرارات حاسمة وجريئة، فهل ستستطيع الاستمرار بفرض شروطها كما بالسابق أم أن وضعها المأزوم سيجعلها تمعن في الهرب للأمام على مبدأ "علي وعلى أعدائي" فمن هنا انصب غضبهم اتجاه الرئيس محمود عباس، فمع كل خطوة سياسية دولية تخطوها القيادة الفلسطينية وخاصة بعد التحرك في الجمعية العامة للأمم المتحدة للحصول على عضوية فلسطين في المنظمة الدولية تطلق التهديدات الإسرائيلية والحملات الإعلامية ضد الرئيس محمود عباس لزيادة الضغوط للرجوع عن تلك الخطوة، وهذا مؤشر على الإفلاس السياسي والتخبط الذي يعيشه الإسرائيليون، لأن إسرائيل تدرك جيدا أنه بعد انضمام فلسطين للجمعية العامة، سيكون بإمكان السلطة حينها ان تقاضي إسرائيل على أي انتهاك تقوم به، من خلال المنظمات الدولية التي سيكون من حق الفلسطينيين الانضمام إليها، وبالتالي إسرائيل لم تعد مصانة من العقاب على الجرائم التي ترتكبها بحق الفلسطينيين.
باعتقادي أن قادة إسرائيل في هذا الوقت بالذات ومع تسارع وتيرة التغيرات والتقلبات على الساحة الإقليمية والدولية السياسية والاقتصادية بدأ يدركون مدى خطورة الدبلوماسية الفلسطينية والخطوات التي تقوم بها القيادة الفلسطينية في الأمم المتحدة وخاصة بعد خطاب الرئيس الذي شن هجوما لاذعا ضد حكومة نتنياهو وضد المستوطنين بشكل غير مسبوق على الإطلاق وبدء حكاية وقصة الشعب الفلسطيني منذ اليوم حتى عام 48 ، للتذكير بمعاناه الشعب الفلسطيني عبر تلك الحقبة من السنين مقارنة بالخطاب في العام الماضي الذي كان بنفس القوة وبنفس الصلابه المصرة على ان القرار الفلسطيني قرار مستقل وانه يجب ان تولد الدولة الفلسطينية وعلى المجتمع الدولي ان يتحمل مسؤوليته لأنه قد وصل السيل الزبا، فالشعب الفلسطيني سيواصل ملحمته فوق أرضه وسيصنع ملحمة جديدة على أرض فلسطين آجلا أم عاجلا وأنه من حقه العيش كباقي البشر في دولته المستقلة وعلى العالم المساعدة للخروج من الحلقة المفرغة قبل فوات الأوان، فالأمن والأمان والاستقرار في المنطقة مرهون بإقامة دولة فلسطينية.
فالقادة الإسرائيليون يدركون خطورة تلك الرسائل في خطاب الرئيس وان الكرة اليوم في الملعب الإسرائيلي، فالتهديدات والحملات الإسرائيلية التي تعبر عن حالة إفلاس سياسي بامتياز تعيشه حكومة نتنياهو لن تجدي نفعا أمام جبروت الشعب الفلسطيني وصموده واصرارة على التحدي، فالعالم لم يعد عالم الأمس وتكشفت العديد من الحقائق وإزالة القناع عن وجه إسرائيل الحقيقي وازدياد الأصوات المطالبات الدولية بمعاقبة ومحاسبة قادة إسرائيل على الجرائم التي تقترف بحق الشعب الفلسطيني، واتخاذ خطوات عملية على الأرض في بعض الدول الأوروبية مما حدا بقادة إسرائيل اعاده حساباتهم في كل خطوة تخطوها حكومة الاحتلال.
ومع ذلك الأجدر بالفصائل والقوى الوطنية أبان هذه الهجمة الشرسة التى تشنها حكومة الاحتلال الإسرائيلي ضد القيادة الفلسطينية وشخص الرئيس محمود عباس التوحد وحماية الجبهة الداخلية وإعلاء الصوت الفلسطيني لقطع الطريق أمام المخططات الإسرائيلية والتصدي لها لأننا الطرف الأقوى في اللعبة السياسية الحالية ويجب استثمارها بالشكل المطلوب كما وكيفا .
بقلم / أ.رمزي النجار
باحث وكاتب
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت