غزة – وكالة قدس نت للأنباء
أوصى مفكرون ومثقفون وسياسيون ورجال دين عرب وفلسطينيون بضرورة استنهاض العالمين العربي والإسلامي اتجاه ما يحدث من ممارسات إسرائيلية تصعيدية بالمدينة المقدسة والمسجد الأقصى المبارك، من قبل سلطات الاحتلال وقطعان المستوطنين، بالعمل على وضع حد فوري لتلك الممارسات والزحف إلى تحرير فلسطين ومقدساتها.
جاءت هذه التوصيات ضمن يوم مفتوح بعنوان" لم يبق من عمر القدس إلا ركعتين" أطلقته قناة "هنا القدس" الفضائية، يوم الاثنين، عبر شاشتها من غزة، منذ الساعة الحادية عشرة صباحاً وحتى الحادية عشرة مساءاً، في سياق اهتمامها بنصرة مدنية القدس والمسجد الأقصى في ظل ما يرتكب بحقهما من ممارسات إسرائيلية، لا سيما اقتحامات المستوطنين المتواصلة لباحات المسجد الأقصى ضمن سياسية ممنهجة تهدف إلى تهويد المقدسات.
وأكد السياسيون الفلسطينيون على وجه الخصوص بضرورة إعادة النظر في الإستراتيجية الفلسطينية القائمة اتجاه مدينة القدس والمسجد الأقصى، بالالتفاف حول موقف وطني من شأنه إعادة المشروع الوطني الفلسطيني إلى مساره الصحيح وصولاً لتحرير القدس، فيما أعتبر المفكرون العرب بأن قضية القدس والأقصى تخص كل المسلمين في أرجاء المعمورة.
قصور فلسطيني...
ويؤكد محمود الزق عضو المكتب السياسي لجبهة النضال الشعبي الفلسطيني وجود قصور من قبل الفصائل الفلسطينية بالتعامل مع ما يجري بالقدس من انتهاكات إسرائيلية، موجهاً اتهام إلى الدول العربية والإسلامية بعدم التزامها بواجباتها اتجاه المدينة المقدسة، مطالباً الفصائل الفلسطينية ومنظمة التحرير والسلطة الوطنية بمراجعة استراتيجياتها وتقيم المرحلة السابقة لبناء إستراتيجية جديدة تبدأ من إنهاء الانقسام الفلسطيني وتتناسب مع حجم المخاطر بالقدس.
وحذر الزق من مخطط "القدس الكبرى" الذي تسعى إسرائيل لتثبيته على الأرض انطلاقاً من مستوطنة "معالي أدوميم" التي وصفها بالامتداد الأكبر بالنسبة إليها لمدينة القدس، إضافة إلى أن إسرائيل تقسم الضفة الغربية إلى شطرين وتربط القدس بالأغوار قائلاً "الخبراء الإسرائيليين يحاولوا أن يثبتوا هذه الوقائع على الأرض وهي ليست بالنسبة لإسرائيل شعارات إنما قرارات".
إسرائيل إلى زوال...
وبدوره يؤكد رئيس أساقفة سبسطية الروم الأرثوذكس المطران عطا الله حنا بأن ما يقوم به الاحتلال الإسرائيلي داخل المدينة المقدسة هو عملية تهوديه ممنهجة تسعى إلى طمس المعالم الفلسطينية الإسلامية والمسحية، مبيناً بأن الحملة الشرسة على القدس تزايدت في الفترة الأخيرة الأمر الذي يتطلب وقفة جدية اتجاه ذلك.
ويقول" إن التعديات الإسرائيلية طالت الحجر والشجر والبشر بالقدس إضافة لتزايد الممارسات الإسرائيلية العنصرية من خلال الاعتداءات المباشرة أو الكتابة المسيئة على جدران المساجد والكنائس"، معتبراً ذلك دليلاً على إمعان إسرائيل في سياسيتها اتجاه المدينة المقدسة.
ويؤكد حنا أن سياسية إسرائيل التهويدية لن تنجح بسبب قوة إرادة الشعب الفلسطيني وصموده أمام إسرائيل، لافتاً إلى أن زوال إسرائيل بات قريباً، الأمر الذي يتطلب من الفصائل الفلسطينية تبني إستراتيجية توحد من أجل القدس ومصلحة القضية الوطنية الفلسطينية.
وبين حنا بأنه زار الأقصى قبل ثلاث أيام عقب اقتحام المستوطنين لباحاته بصحبة رجال دين مسحيين وأجروا لقاء مع العلماء المسلمين وأكدوا على وحدة الشعب الفلسطيني قائلاً "عندما يعتدى على الأقصى يعتدى علينا كمسحيين" معتبراً أن إسرائيل تحاول خلط الورق بين المسحيين والمسلمين الفلسطينيين، مؤكداً رفضه هذه السياسة.
قضية عقيدة ...
إلى ذلك أكد تيسير الفتياني عضو هيئة علماء فلسطين في الخارج, خلال مشاركته في اليوم المفتوح من استوديوهات القناة في الأردن، أن قضية القدس والأقصى قضية عقيدة، مبيناً أنه لن يُعز العالم الإسلامي إلا بعزة الأقصى وإذا ذل المسجد الأقصى سيكون العالم الإسلامي مذلولاً, منوهاً بأنه لم يأت على العالم الإسلامي ذلاً أكثر مما هو فيه الآن.
وحمل الفتياني العالم الإسلامي مسؤولية قضية القدس والأقصى, معتبراً بأن "الربيع العربي" يصب في مصلحة القدس وفلسطين, ضارباً مثلاً على ذلك بأن الشعب التونسي تظاهر وقال "الشعب يريد تحرير فلسطين", والشعب المصري تظاهر أمام سفارة الاحتلال الإسرائيلي من اجل الأقصى وفلسطين, مبدياً استيائه من تحلي اليهود بالصفات الإسلامية أكثر من العرب, ووجود خطة وهدف يتجهون نحوه, قائلاً" أما العرب ليس لديهم أي خطة أو هدف للتقدم والتوجه نحو المسجد الأقصى الشريف"، دعياً الفلسطينيين أن يكثفوا وجودهم داخل المسجد الأقصى.
بات يخشى...
ويرى وليد العوض عضو المكتب السياسي لحزب الشعب الفلسطيني بأن الموطن الفلسطيني بات يخشى على حلمه بالاستقلال في ظل مجمل المخاطر التي تتهدد القضية الفلسطينية وخاصة القدس ومؤسساتها، منوهاً بأن إسرائيل تحاول تهجير ساكنيها وتفريغها من كل ما هو عربي وفلسطيني لتطبيق إستراتيجيتها بأن القدس "إسرائيلية".
ويعتبر العوض أن عنوان اليوم المفتوح" لم يبق من عمر القدس إلا ركعتين" مؤشر خطر يعكس ما تتعرض له القدس، مؤكداً أن الفلسطينيين لن يتركوا القدس تضيع وأن وعقارب ساعة تشير إلى أن انفجار الشعب الفلسطيني يسير بشكل مزدوج بوجه الاحتلال وعدوانه المتواصل وموجهة حالة التدهور الاجتماعي والاقتصادي الفلسطيني في ظل حقيقة تقول "إن المشروع الوطني وصل إلى طريق مسدود والشعب يبحث عن مقومات الحياة وسلطتين تتنازع على الحكم".
ويستغرب العوض من القيادة الفلسطينية لإهمالها استثمار القرارات الأممية ودعم العرب والمسلمين للقضية الوطنية، مطالبا الكل الفلسطيني وخاصة الحركات الإسلامية استثمار علاقاتها من أجل القضية ككل وليس لحركة بعينها من أجل المشروع الوطني والاستقلال، مشيراً إلى أن جزء من أسباب عدم تحيق نجاحات ملموسة على طريق المشروع الوطني يعود إلى ضبابية التعامل الفلسطيني مع القضية وعدم وضوح الرؤية السياسية إضافة لعدم قدرة القيادة الفلسطينية لاستثمار قدرات الشعب الفلسطيني.
إعلام عربي مقصر...
ويؤكد محمد عرفة نائب رئيس تحرير جريدة "الحرية والعدالة" المصرية في مداخلة تلفونية أن تقصيراً واضح من قبل الصحفيين العرب باتجاه التعامل مع قضايا المدينة المقدسة، معللاً ذلك بمعالجة الصحفيين العرب لقضايا القدس بشكل موسمي فقط، وانشغالهم في الأحداث الداخلية لا سيما بعد "الربيع العربي".
هدف مركزي ...
ومن جانبه يؤكد كايد الغول عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين, أن مدينة القدس هدف مركزي لإسرائيل, وركزت على مكانتها الدينية، في حين تدرك السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير جيداً أن القدس موضوع شائك, وتركت هذا الملف كما باقي الملفات التي وضعت جانباً, معتبراً بأنه من المفترض أن تكون قضية القدس في قلبنا قبل أن نقوم بالجلوس للمفاوضات.
ويشير إلى أن النضال من أجل مدينة القدس جزء من النضال الأوسع, ولذلك إذا لم نستطع الدفاع عن سياساتنا, لن نستطيع الدفاع عن القدس, خاصةً وأنها في قلب المعركة, ويصعب الحديث عن أي نضال فلسطيني دون مدينة القدس, لأنها عامل ترابط، منوهاً لانشغال المواطن الفلسطيني بالهموم اليومية, وفقدانه مقومات الصمود,قائلاً" المواطن منشغل في موضوع الراتب والكهرباء المنقطعة والمياه إن كانت حلوة أو مالحة".
لم يقصروا ...
وبدوره يرى يحيي رباح عضو اللجنة القيادية العليا لحركة فتح في قطاع غزة, أن الفلسطينيين لم يقصروا تجاه مدينة القدس ويعطونها كل اهتمامهم وأفكارهم وصمودهم, ويحمونها بصدورهم العارية، قائلاً "ثبت بالوثائق والأدلة أنه منذ العدوان الإسرائيلي على الأراضي الفلسطينية أن إسرائيل لم تكن تستهدف أراضي صحراء سيناء ولم تكن تستهدف بعض الأراضي الأردنية أو أراضي الجولان وإنما كانت تريد القفز تجاه مدينة القدس والسيطرة عليها وجعلها عاصمة لدولة إسرائيل".
وأضاف رباح" أننا كفلسطينيين لم نتوقف أبداً عن دعم مدينة القدس ونعطيها كل اهتمامنا وتجاوبنا، ولكن هناك اختلال في التوازن فكل الفلسطينيين وتحالفاتهم أقل من إسرائيل, لأن تلك الأمة التي نبنى عليها آمالنا هي أمة عربية إفتراضية, أمة لا تدعمنا وإنما فقط هي للشعارات وحتى تلك الشعارات فهي من صنع الاحتلال الإسرائيلي" .
يوماً سيأتي على الأمة ...
من ناحيته رأى حسن نافعة أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة, بأن يوماً سيأتي على الأمة العربية وستتوحد لتحرير القدس، ولكن يجب أن تكون البداية من الشعب الفلسطيني بأن يتوحد لنواجه جميعاً الاحتلال الإسرائيلي ونحمي القدس.
وأضاف نافعة في مداخلة تلفونية بأن على الشعب الفلسطيني أن يكون موحداً, وأن يكون مدركاً لما هو مطلوب من الأمة العربية لكي تسانده بحماية مدينة القدس, وإذا لم يتوحد ويبنى إستراتيجية نضالية واضحة لن ستطيع حشد أي دعم عربي له أو لمدينة القدس.
وأشار نافعة إلى أنه لا شك في أن العالم العربي كان دائماً منقسماً على نفسه وهو الآن في أشد حالات إنقسامه, وهو الآن أيضاً ضمن ثورة على الحكام "الطغاة", وبعد تلك الثورات لن يكون هناك مجال سوى التوحد لكل العالم العربي, ولكن يجب أن "يبدأ الشعب الفلسطيني ويتوحد لأنه لا مبرر من إنقسامه وحالة الشرذمة التي يمر بها وبعدها سنواجه جميعاً الاحتلال الإسرائيلي"..