السياسيين يلهثون وراء الكراسي والمواقع والغنائم ، والمسئولين منشغلين بزيادة ثرواتهم وتأمين مستقبل أبناءهم وأحفادهم ، وآخرين يبنون القصور والفلل على حساب الشعب المكلوم ، وإعلام تافه منشغل بالشتم والقذف ومحاولة الهاء المواطن عن القضايا الأساسية ، وشباب تموت يومياً بالبطيء ولا أحد مهتم ، ولا أحد ينظر إلى آلاف الشباب بعمر الزهور سيكونون بعد سنوات قليلة في عداد الموتى .
غزة مليئة بالمخدرات والمهدئات ، والحكومة تتعامل مع القضية وكأنها قضية عقابية من الدرجة الأولى ، بدون البحث عن حلول جدية وجذرية لمنع انتشار هذه المخدرات ، والقضاء على تجارها ومروجيها ، في حين يحاول البعض تحميل إسرائيل وحدها المسؤولية ، وهذا بالتأكيد قمة التهرب من المسؤوليات ، فالكل منا مسئول عن التوعية والإرشاد والمنع والنصح والعلاج الفعال .
منذ سنوات والحديث عن المواد المخدرة التي تنتشر في قطاع غزة ، والحكومة تعلم ذلك ، فآلاف الشباب والفتيات يتعاطون المخدرات والترامال ، في الجامعات والشوارع ، الكل يتعاطى من أجل الهروب من الواقع الذي سببناه لهم نحن السياسيين وقادة الفصائل ، فالمسؤولية تقع علينا قبل الآخرين ، فالمخدرات موجودة منذ الأزل ، لكن درجات تعاطيها تختلف من مجتمع لآخر ، ومن زمن لآخر ، ومن فئة لأخري ، لكن في غزة اليوم لا حدود لشيئ ، أطباء يتعاطون ، مهندسين مدمنين ، موظفين في مواقع مهمة أدمنوا ولم يعرفوا كيف السبيل للخروج من هذا المستنقع .
الإعلام غيب هذه القضايا عن اهتماماته ، لأن السياسة والحزبية أصبحت كل شيئ ، والمؤسسات الأهلية منشغلة بإقامة الحفلات وموائد الطعام ، والحكومة تبحث عن رواتب لموظفيها ، ووكالة الغوث تتسول للبقاء في حالة مخزية من الخدمات ، ولا أحد يُفكر بتخليص الشباب من هذا المستنقع ، من خلال إقامة مراكز لعلاج الإدمان ، والتي رأينا أحدها في شمال غزة بجهد شخصي وبسيط ، لكنها بداية تحتاج لوقفة ولتشجيع من أجل تعميمها بشكل رسمي .
الحكومات تصرف ملايين الدولارات على النثريات والاستقبالات وموائد العشاء الرسمية ، فما المانع من مشروع تبرع عمل يوم من الموظفين لإقامة مشروع مركز صحي متقدم في غزة لمعالجة الإدمان ، وأين دور رجال الأعمال والمؤسسات الدولية والأهلية والبنوك العاملين في قطاع غزة ، أين دور شركات الإتصالات والنهب وسرقة المواطن ، وأين دور فرسان الإعلام الذين يبحثون عن الكراسي السياسية ويصرفون الأموال من أجل الدعاية والإعلام .
القضية عاجلة للغاية ، فبعد سنوات قليلة لن ينفع الندم ، ولن تستطيع كُل حكومات العالم أن تُعالج شبابنا وشعبنا الذي نحتاجه في مرحلة الصمود والبقاء ، فلا زالت أرضنا محتله ، ومقدساتنا تستباح يومياً ، وقضيتنا تتعرض للضياع ، ونحن نفقد الأمل يوماً بعد يوم بالمستقبل والسياسيين هم السبب ، فهذا نداء الأبوة ، نداء فلسطين ، نداء الشرفاء ، لكُل الشرائح والمؤسسات الحكومية والوطنية ، للوقوف أمام هذا السرطان الذي يقتل شبابنا وأبناءنا يومياً .
إعلامي وكاتب صحفي – غــزة
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت