الناصرة ـ وكالة قدس نت للأنباء
قال محلل الشؤون العسكرية في صحيفة "هآرتس" العبرية، عاموس هارئيل، إن الطائرة من دون طيار، الإيرانية الصنع،التي أطلقها حزب الله من جنوب لبنان والتي توغلت في المجال الجوي الإسرائيلي، كانت تذكيرا بالميزان المعقد لقوة الردع بين الجانبين، وتأكيدا إضافيا أن حزب الله، المدعوم من إيران، هو الخصم الأكثر كفاءة وقدرة مقابل دولة الاحتلال في الشرق الأوسط.
واعتبر أهداف هذه الطائرة كانت تصوير أهداف في إسرائيل، واستكشاف نظام الدفاع الجوي الإسرائيلي، وتعزيز مصداقية حزب الله فيما يتعلق بقدرة الردع إلى أقصى ما يمكن، على حد تعبيره، لافتًا إلى أنه بالنسبة للأمين العام للحزب، حسن نصر الله، فإن العملية أظهرت قدرة حزب الله العملانية، وسببت الكثير من الارتباك داخل إسرائيل.
وفي خطوة غير مسبوقة، سمح جيش الاحتلال للمحلل، المعروف بصلاته الوطيدة مع المؤسسة الأمنية بالنشر عما أسماه بنك الأهداف، لافتًا إلى أن عدم توفر قائمة أهداف محتملة شاملة تُعتبر احد اكبر أخطاء حرب لبنان الثانية في صيف العام 2006.
وبحسب الجنرال، الذي لم تكشف الصحيفة عن اسمه فإن الأولوية في عمليات الجيش ستكون لأي شيء يُستخدم كقاعدة لإطلاق الصواريخ على العمق الإسرائيلي وعلى السكان المدنيين وعلى الأهداف العسكرية، وعليه، فإن الجيش سيُركز اهتمامه على البنية التحتية للمنظمات الإرهابية، وبعدئذ على الجيش اللبناني، إذا دعت الحاجة إلى ذلك في حال تدخله في القتال، على حد قوله.
من ناحيتها قالت الضابطة التي تقود قسم الأهداف في قسم الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية (أمان) إن القسم يتلقى معلومات من مختلف وكالات الاستخبارات في الجيش الإسرائيلي من المواقع الفوتوغرافية ومن المصادر الإنسانية، لافتةُ إلى أن استخبارات الجيش تعمل على مستوى عالٍ اليوم نحو تنسيق استخبارات العمليات، أما القرار النهائي، بحسبها، فيعود إلى قائد رئيس استخبارات العسكرية الذي يقوم بتحديد قواعد الأهداف، ولكن الضابط الذي سُمي بلقب (س) قال إنه من الصعب للغاية عندما يرقى عمل الاستخبارات إلى مستوى نوعي عال، مراقبة منظمة إرهابية تعمل جاهدة على كسر الروتين المعروف، ذلك أن الاستخبارات العسكرية لا تملك صورة كاملة لما يحدث في حزب الله، على حد قوله.
وأوضحت المصادر أن حزب الله استخلص العبر من حرب لبنان الثانية، وبناءً على ذلك، قام بنقل معظم مصادره من المراكز المختلفة في الميدان إلى قرى مزدحمة نسبيًا ومواقع حضرية في لبنان، مشددةً على أن 95 بالمئة من أهداف حزب الله توجد في مناطق مدنية وتعمل على استخدام المدنيين دروعا بشرية.
وشدد أحد الضباط، من الذين تحدثوا للصحيفة على أن الأولوية ستعطى للدقة والقصف المؤثر الذي يسبب اقل الإضرار بالنسبة إلى المدنيين، حيث سيقوم الجيش بنقل السكان اللبنانيين إلى الشمال بسرعةٍ، لتقليل الإصابات، مضيفًا أن الجيش سيقوم بإلقاء منشورات والسيطرة على الإذاعات، ولكنه بالمقابل، اعترف بأن الجيش الإسرائيلي سيُلحق الأضرار الكبيرة بالسكان الذين لا علاقة لهم بالقتال، على حد تعبيره. وزاد قائلاً إن الجيش سيحمي الطرق المؤدية إلى بيروت، والتي سيستخدمها سكان الجنوب خلال هروبهم إلى الشمال، على حد قوله.
التقرير يذكر أنه في الليلة الأولى لحرب لبنان الثانية بعد أسر الجنديين الإسرائيليين، سمحت الحكومة بالقيام بهجمات على مساكن المتشددين في حزب لله حيث كان يجري تخزين صواريخ متوسطة المدى، علاوة على ذلك، ذكرت الصحيفة، أن الجيش وجه تحذيرات بأنه من المحتمل أنْ يؤدي القصف إلى مقتل المئات من المدنيين، غير أن لجنة حكومية من سبعة مسؤولين وافقت على القصف بعد أن حصلت على تقرير للنائب العام بأن مهاجمة المساكن تقع ضمن إطار القانون الدولي، ولفت المحلل الإسرائيلي في سياق تقريره إلى أنه نتج عن قصف جيش الاحتلال تدمير عشرات من الصواريخ وبطارياتها، وقتل العشرات، وليس المئات من الأشخاص في الهجوم.
ولفت أيضا إلى أنه في حال اندلاع جولة قتال في المستقبل، فإن المدعي العام والمحامي العسكري سيلعبان أدوارًا جديدة موسعة، مشيرا إلى أن مرد هذا التغيير هو تقرير غولدستون للعام 2009، حيث قالت الضابطة روني يوستمان، محامية القيادة العسكرية في المنطقة الشمالية، إن مكتبها يخول مقدما مهمة الأهداف المحددة، مضيفةً أن الهدف هو إن تكون جميع القرارات متناسقة مع القانون الدولي.
وبرأيها، عندما يقيم العدو داخل مركز مدني، فإن الأمر يخلق مصاعب حقيقية، ونحن نعمل وفق اتفاقيات جنيف المتعلقة بالتمييز في الاستهداف، التي تنص على إمكان مهاجمة هدف يستخدم لإغراض عسكرية، على حد قولها.
ولفتت أيضا إلى أن المبنى الذين تحفظ فيه الأسلحة أو الذي يُستخدم كمقر عسكري للطوارئ، يمثل هدفًا عسكريا مسموحا به، مشيرة إلى أن الجيش الإسرائيلي يتحمل مسؤولية تحذير السكان المدنيين قبل الهجوم، وتجميع معلومات ذات نوعية عالية للتأكد من دقة القصف.
وأوضح المحلل العسكري أن التوتر في الاستخبارات العسكرية في المنطقة الشمالية تصاعد في الفترة الأخيرة، بسبب الخشية من تداعيات عدم الاستقرار في سورية، وبسبب ما يبدو أنه تحرك لا يمكن التنبؤ به داخل قيادة حزب الله.
ونقلت الصحيفة العبرية عن أحد كبار ضباط قيادة الشمال، قوله إن الأمين العام للحزب يُعاني من ضغوط بسبب الوضع في سورية، وبسبب الوضع الداخلي اللبناني والمطالبة بنزع أسلحته، زاعما ان ميزان القوى في لبنان قد تغير، ذلك أن المنافسين لحزب الله باتوا أكثر قوةً، وهذا الأمر قد يقود عمليًا إلى حالة من عدم الاستقرار، وفي الوقت نفسه، فإن قدرة الردع الإسرائيلية أصبحت ضعيفة في جزء منها مقابل حزب الله، وهذا الضعف يمكن الإحساس به في المحاولات الهجومية لحزب الله على الهداف خارج حدوده، مثل عملية بورغاس في بلغاريا، على حد تعبير ضباط في الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، وزاد الضباط ذاتهم إن الشيخ نصر الله يقوم بالمجازفة أكثر مما كان يفعله في الماضي، ذلك أنه يُخطط لأعمال ضد أهداف إسرائيلية، نعتبرها بمثابة عمليات استفزازا لجر إسرائيل للحرب.
وخلص التقرير إلى القول، نقلاً عن ضابط رفيع المستوى في شعبة الاستخبارات العسكرية (أمان) الذي قال إن إستراتيجية كلٍ من إسرائيل وحزب الله تلتقيان في بعض النقاط الرئيسة، لافتًا إلى أنه في النهاية توصل الجانبان إلى قناعة في نهاية حرب لبنان الثانية بأنه من الأفضل، في الوقت الحاضر، تحاشي جولة جديدة من الحرب على أساس أن الثمن سيكون مرتفعًا جدًا، على حد تعبيره.