لم تكن عملية إسرائيل بقصف مصنع الذخيرة في السودان هي الأولى ، فقد سبق لإسرائيل أن قصفت السودان عدة مرات ، استخدمت خلالها الطيران الحربي ، وفي كُل مرة كانت المهمات تتم بانطلاق سرب حربي من البحر الأحمر ، وهو أحد أهم المناطق التي تُصنف ضمن الأمن القومي المصري ، لكون الطيران الإسرائيلي يمر من المناطق المحاذية للحدود المصرية مائياً .
نحن نعيش مصيبتان ، الأولى الوجود الإسرائيلي في عرض البحر الأحمر ، أمام مرأى دول حوض البحر ، وإسرائيل تستخدمه لضرب دول عربية شقيقة ، في عملية استهتار واضحة بكُل القوانين الدولية التي نصت على هذا النوع من الاعتداءات ، وكذلك استهتار بوجود وسيادة الدول التي تُستخدم مياهها الإقليمية لضرب دول عربية شقيقة تتمتع معها بجغرافيا وتواصل ومصالح .
أما المصيبة الثانية ، هي الموقف السوداني الرسمي والشعبي ، ففي حين قصفت إسرائيل السودان واغتالت نشطاء على أرضها ، أعلنت إسرائيل ذلك بكُل وقاحة ، وما كان من فخامة رئيس السودان ، إلا حمل العصا والتلويح بها بشعارات تافهة ، لا يمكنها أن تؤثر على اصغر جندي في إسرائيل ، فكررت إسرائيل فعلتها لأنها لم تجد من يقول لها قف ، وما كان من نائب الرئيس السوداني ووزير الإعلام ، إلا الحديث بشكل مُخجل عن قيام إسرائيل بضرب مصنع الذخيرة مستخدمة أربع طائرات حربية ، وبذلك تكون إسرائيل وللمرة الثانية باستهداف بلد عربي أمام مرأى ومسمع العرب ، وللأسف لا وجود لأي تحرك حتى ولو بمؤتمر للشجب والاستنكار من جامعة الدول العربية وغيرها من مؤسسات الوجاهة والمسميات .
حال دولنا العربية مقزز ، فمن دول تحب إسرائيل وتعشقها ، فأقامت معها علاقات رسمية وعلنية ، إلى دول استقبلت شمعون بيرس وليفني وتجولت بهم في أسواقها وجعلوهم يقابلون بناتهم وأطفالهم بالورود ، إلى دول تتحدث مع إسرائيل من تحت الطاولة ، إلى آخرين يُرسلون برقيات العظمة والتبجيل لبيرس الذي قتل شعبنا وذبح أطفال لبنان ، إلى دول ترى الطائرات الإسرائيلية تجوب السماء لتضرب دولة عربية وهم في حالة إما سكر شديد أو جُبن اشد .
أعان الله شعبنا الفلسطيني على هكذا زعامات عربية ، ولا أدري إن كنا مازلنا على قناعة بأن مثل هكذا زعامات ستحرر الأقصى وفلسطين ، لكن من الواضح أن شعبنا سيُبقى كبش الفداء لضعف الأمة العربية والإسلامية ، ولخيانة زعماءها ، ولبلادة بعض شعوبها ، حتى وان سمعنا بعض الكذب عبر الإعلام ، فهذا من أجل رفع العتب فقط لا غير .
&&&&&&&&&&
إعلامي وكاتـب صحفـي – غـــزة
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت