الإسلام هو الدين الذي ارتضاه الله لعباده وقد أنزل الله تعالى هذا قرآناً يتلى إلى يوم القيامة قال سبحانه : {..الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن دِينِكُمْ فَلاَ تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِّإِثْمٍ فَإِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }المائدة3 ، وقد تناول هذا الدين جميع الجوانب التي تصلح حياة المسلمين بل والإنسانية جمعاء في الحياة الدنيا والآخرة ، في الاعتقاد والعبادة ، والسلوك والمعاملة ، وسلماً وحرباً ، وعلى مستوى الفرد والأسرة والجماعة ، والعلاقات مع باقي المجتمعات بما يحقق العدل وينفي الظلم ،وينشر التراحم بين الخلائق ، والسلم والأمن بين الأمم ، الذي يكون داعياً الناس جميعاً طواعية وعن رضى نفوسهم وطمأنينة قلوبهم ليهتدوا إلى قويم السبيل بواضح الدليل ، قال الله تعالى : {إِنَّ هَـذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً }الإسراء9 ، وهذا إنما كان بامتثال النبي صلى الله عليه وسلم والأمة من بعده لهداية الله عزوجل .
عباد الله يا أتباع النبي صلى الله عليه وسلم :
* من سيرة النبي صلى الله عليه وسلم في قومه وبني جلدته :
لما سئلت عائشة رضي الله عنها كما في صحيح مسلم عن خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت : " كان خلقه القرآن " ، ولذلك لم يعهدوا عليه صلى الله عليه وسلم إلا محاسن الأخلاق والأعمال ، وكريم الصفات والأفعال ، بل كان لا يزيد مع الإيذاء إلا صبراً ، ولا مع إسراف الجاهل إلا حلماً، وكان كما تقول عائشة رضي الله عنها، لا ينتقم لنفسه أبداً، وقد كان من دعائه ما حكى الإمام النووي في شرحه على مسلم قال : ( ..ولم يكن – يعني النبي صلى الله عليه وسلم - فاحشًا ولا متفحشًا ولا لعّانًا ولا منتقمًا لنفسه، وقد قالوا له: ادعُ على دَوس فقال: " اللهم اهد دوسًا " وقال: " اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون " ) اهـ .
وموقفه صلى الله عليه وسلم من قومه يوم فتح مكة يدل على هذا، فقد عفا عنهم، وجاء في رواية البيهقي في السنن الكبرى: ( .. ثُمَّ أَتَى الْكَعْبَةَ فَأَخَذَ بِعِضَادَتَىِ الْبَابِ فَقَالَ :« مَا تَقُولُونَ وَمَا تَظُنُّونَ ». قَالُوا : نَقُولُ ابْنُ أَخٍ وَابْنُ عَمٍّ حَلِيمٍ رَحِيمٍ قَالَ وَقَالُوا ذَلِكَ ثَلاَثًا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- :« أَقُولُ كَمَا قَالَ يُوسُفُ (لاَ تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ" . قَالَ فَخَرَجُوا كَأَنَّمَا نُشِرُوا مِنَ الْقُبُورِ فَدَخَلُوا فِى الإِسْلاَمِ ) اهـ .
* ومن سيرة النبي صلى الله عليه وسلم مع أهل الكتاب وهو من علامات نبوته :
ما ذكره الهيثمي الحافظ في موارد الظمآن عن محمد بن حمزة بن يوسف بن عبد الله بن سلام عن أبيه عن جده قال قال عبد الله بن سلام ان الله تبارك وتعالى لما أراد هدى زيد بن سعية قال زيد إنه لم يبق من علامات النبوة شيء إلا وقد عرفتها في وجه محمد صلى الله عليه وسلم حين نظرت إليه إلا اثنتين لم أخبرهما منه يسبق حلمه جهله ولا تزيده شدة الجهل عليه إلا حلما فلبثت أتلطف له لأن أخالطه فأعرف حلمه وجهله فخرج يوما من الحجرات ومعه علي بن أبي طالب فأتاه رجل على راحلته كالبدوي فقال يا رسول الله أهل قرية بني فلان أسلموا ودخلوا في الإسلام وكنت أخبرهم إن أسلموا أتاهم الرزق رغدا وقد أصابتهم سنة وقحط من الغيث وأنا أخشى يا رسول الله أن يخرجوا من الإسلام طمعا فإن رأيت أن ترسل إليهم ما يعينهم فعلت فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى رجل عن جانبه أراه عمر فقال ما بقي منه شيء يا رسول الله قال زيد بن سعية فدنوت إليه فقلت له يا محمد هل لك أن تبيعني تمرا معلوما من حائط بني فلان إلى أجل كذا وكذا قال: "لا يا يهودي ولكن أبيعك تمرا معلوما إلى أجل كذا وكذا ولا أسمي حائط بني فلان" قلت نعم فبايعني صلى الله عليه وسلم فأطلقت همياني فأعطيته ثمانين مثقالا من ذهب في تمر معلوم إلى أجل كذا وكذا فأعطاها الرجل وقال اعجل عليهم وأغثهم قال زيد بن سعية فلما كان قبل محل الأجل بيومين أو ثلاثة خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في جنازة رجل من الأنصار ومعه أبو بكر وعمر وعثمان وعلي في نفر من أصحابه فلما صلى على الجنازة دنا من جدار فجلس إليه فأخذت بمجامع قميصه ونظرت إليه بوجه غليظ ثم قلت ألا تقضيني يا محمد حقي فو الله ما علمتكم يا بني عبد المطلب مطل ولقد كان لي لمخالطتكم علم قال ونظرت إلى عمر بن الخطاب وعيناه تدوران في وجهه كالفلك المستدير ثم رماني بنظره وقال: أي عدو الله أتقول لرسول الله صلى الله عليه وسلم ما أسمع وتفعل به ما أرى فو الذي بعثه بالحق لولا ما أحاذر فوته لضربت بسيفي هذا عنقك ورسول الله صلى الله عليه وسلم ينظر إلى عمر في سكون وتؤدة ثم قال: " إنا كنا أحوج إلى غير هذا منك يا عمر أن تأمرني بحسن الأداء وتأمره بحسن التباعة اذهب به يا عمر فاقضه حقه وزده عشرين صاعا من غيره مكان ما رعته" فذهب بي عمر فقضاني حقي وزادني عشرين صاعا من تمر فقلت له ما هذه الزيادة قال أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أزيدكها مكان ما رعتك قلت أتعرفني يا عمر قال لا من أنت قلت زيد بن سعية قال الحبر قلت نعم الحبر قال فما دعاك إلى أن تقول لرسول الله صلى الله عليه وسلم ما قلت وتفعل به ما فعلت قلت يا عمر كل علامات النبوة قد عرفتها في وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم حين نظرت إليه إلا اثنتين لم أخبرهما منه ؛ يسبق حلمه جهله ، ولا تزيده شدة الجهل عليه إلا حلما ، فقد خبرتهما ، فأشهدك يا عمر أني قد رضيت بالله ربا ،وبالإسلام دينا، وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا ،وأشهدك أن شطر مالي - وإني لأكثرها مالا - صدقة على أمة محمد صلى الله عليه وسلم . فقال عمر : أو على بعضهم ، فإنك لا تسعهم كلهم . فقلت : أو على بعضهم . فرجع عمر وزيد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال زيد : أشهد أن لا إله إلا الله ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله . وآمن به وصدقه ،وشهد معه مشاهد كثيرة ، ثم توفي في غزوة تبوك مقبلا غير مدبر ، رحم الله زيدا .
عباد الله ، أيها المؤمنون ، يا إخوة الإسلام :
* ومن سيرة النبي صلى الله عليه وسلم في معاملة من ألم بالذنوب أو أرادها من ضعفاء النفوس ومرضى القلوب من المسلمين ، ما جاء في سنن البيهقي واللفظ له وكذلك رواه الطبراني في الكبير وفي مسند الشاميين قال البيهقي :(أخبرنا) على بن احمد بن عبدان أنبأ احمد بن عبيد الصفار ثنا عبيد بن شريك ثنا أبو الجماهر ثنا الهيثم يعنى ابن حميد ثنا العلاء بن الحارث عن القاسم عن أبى أمامة رضى الله عنه أن رجلا أتى رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال : ائذن لي في الزنا ، قال : فهم من كان قرب النبي صلى الله عليه و سلم أن يتناولوه ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " دعوه" ثم قال له النبي صلى الله عليه و سلم : " ادنه أتحب أن يفعل ذلك بأختك " قال :لا . قال : " فبابنتك " قال لا . فلم يزل يقول بكذا وكذا كل ذلك يقول لا ، فقال له النبي صلى الله عليه و سلم :" فاكره ما كره الله ، وأحب لأخيك ما تحب لنفسك " قال يا رسول الله فادع الله أن يبغض إلي النساء . قال النبي صلى الله عليه و سلم : " اللهم بغض إليه النساء " . قال فانصرف الرجل ، ثم رجع إليه بعد ليال ، فقال يا رسول الله: ما من شيء أبغض إلي من النساء ،فائذن لي بالسياحة . فقال النبي صلى الله عليه و سلم : " إن سياحة أمتي الجهاد في سبيل الله " اهـ .
ومنها ما رواه البيهقي في السنن الكبرى وغيره عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ : أَنَّ النَّبِىَّ -صلى الله عليه وسلم- أُتِىَ بِمُخَنَّثٍ قَدْ خَضَبَ يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ بِالْحِنَّاءِ فَقَالَ النَّبِىُّ -صلى الله عليه وسلم- :« مَا بَالُ هَذَا؟ ». فَقِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ يَتَشَبَّهُ بِالنِّسَاءِ فَأَمَرَ بِهِ فَنُفِىَ إِلَى النَّقِيعِ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلاَ نَقْتُلُهُ قَالَ :« إِنِّى نُهِيتُ عَنْ قَتْلِ الْمُصَلِّينَ ».
أيها المؤمنون ، يا إخوة الإسلام :
ومن سيرة النبي صلى الله عليه وسلم في تواضعه ومعاونته أهله في بيته :
ما روى الإمام البغوي في شرح السنة عن هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : سَأَلَ رَجُلٌ عَائِشَةَ رَضِىَ اللَّهُ عَنْها: هَلْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْمَلُ فِي بَيْتِهِ ؟ قَالَتْ : نَعَمْ ، كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْصِفُ نَعْلَهُ ، وَيَخِيطُ ثَوْبَهُ ، وَيَعْمَلُ فِي بَيْتِهِ كَمَا يَعْمَلُ أَحَدُكُمْ فِي بَيْتِهِ "
وروى البغوي كذلك عَنْ عَمْرَةَ قَالَتْ : قِيلَ لِعَائِشَةَ رَضِىَ اللَّهُ عَنْها مَاذَا كَانَ يَعْمَلُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَيْتِهِ ؟ قَالَتْ : كَانَ بَشَرًا مِنَ الْبَشَرِ يَفْلِي ثَوْبَهُ ، وَيَحْلُبُ شَاتَهُ ، وَيَخْدِمُ نَفْسَهُ "
* ومن سيرة النبي صلى الله عليه وسلم في بيته مع أهله ماروى مسلم في الصحيح عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ قَيْسِ بْنِ مَخْرَمَةَ بْنِ الْمُطَّلِبِ أَنَّهُ قَالَ يَوْمًا أَلاَ أُحَدِّثُكُمْ عَنِّى وَعَنْ أُمِّى قَالَ فَظَنَنَّا أَنَّهُ يُرِيدُ أُمَّهُ الَّتِى وَلَدَتْهُ. قَالَ قَالَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها أَلاَ أُحَدِّثُكُمْ عَنِّى وَعَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-. قُلْنَا بَلَى. قَالَ قَالَتْ لَمَّا كَانَتْ لَيْلَتِىَ الَّتِى كَانَ النَّبِىُّ -صلى الله عليه وسلم- فِيهَا عِنْدِى انْقَلَبَ فَوَضَعَ رِدَاءَهُ وَخَلَعَ نَعْلَيْهِ فَوَضَعَهُمَا عِنْدَ رِجْلَيْهِ وَبَسَطَ طَرَفَ إِزَارِهِ عَلَى فِرَاشِهِ فَاضْطَجَعَ فَلَمْ يَلْبَثْ إِلاَّ رَيْثَمَا ظَنَّ أَنْ قَدْ رَقَدْتُ فَأَخَذَ رِدَاءَهُ رُوَيْدًا وَانْتَعَلَ رُوَيْدًا وَفَتَحَ الْبَابَ فَخَرَجَ ثُمَّ أَجَافَهُ رُوَيْدًا ـ انظروا عباد الله شفقة النبي صلى الله عليه وسلم بأهله رضي الله عنها لئلا يوقظها ، لكن لعل عائشة رضي الله عنها ظنت أنه ذاهب إلى بعض نسائه رضي الله عنهن فغارت ، قالت : " فَجَعَلْتُ دِرْعِى فِى رَأْسِى وَاخْتَمَرْتُ وَتَقَنَّعْتُ إِزَارِى ثُمَّ انْطَلَقْتُ عَلَى إِثْرِهِ حَتَّى جَاءَ الْبَقِيعَ فَقَامَ فَأَطَالَ الْقِيَامَ ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ ثُمَّ انْحَرَفَ فَانْحَرَفْتُ فَأَسْرَعَ فَأَسْرَعْتُ فَهَرْوَلَ فَهَرْوَلْتُ فَأَحْضَرَ فَأَحْضَرْتُ فَسَبَقْتُهُ فَدَخَلْتُ فَلَيْسَ إِلاَّ أَنِ اضْطَجَعْتُ فَدَخَلَ فَقَالَ « مَا لَكِ يَا عَائِشُ حَشْيَا رَابِيَةً ». قَالَتْ قُلْتُ لاَ شَىْءَ. قَالَ « لَتُخْبِرِينِى أَوْ لَيُخْبِرَنِّى اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ». قَالَتْ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ بِأَبِى أَنْتَ وَأُمِّى. فَأَخْبَرْتُهُ قَالَ « فَأَنْتِ السَّوَادُ الَّذِى رَأَيْتُ أَمَامِى ». قُلْتُ نَعَمْ. فَلَهَدَنِى فِى صَدْرِى لَهْدَةً أَوْجَعَتْنِى ثُمَّ قَالَ « أَظَنَنْتِ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْكِ وَرَسُولُهُ ». قَالَتْ مَهْمَا يَكْتُمِ النَّاسُ يَعْلَمْهُ اللَّهُ نَعَمْ. قَالَ « فَإِنَّ جِبْرِيلَ أَتَانِى حِينَ رَأَيْتِ فَنَادَانِى فَأَخْفَاهُ مِنْكِ فَأَجَبْتُهُ فَأَخْفَيْتُهُ مِنْكِ وَلَمْ يَكُنْ يَدْخُلُ عَلَيْكِ وَقَدْ وَضَعْتِ ثِيَابَكِ وَظَنَنْتُ أَنْ قَدْ رَقَدْتِ فَكَرِهْتُ أَنْ أُوقِظَكِ وَخَشِيتُ أَنْ تَسْتَوْحِشِى فَقَالَ إِنَّ رَبَّكَ يَأْمُرُكَ أَنْ تَأْتِىَ أَهْلَ الْبَقِيعِ فَتَسْتَغْفِرَ لَهُمْ ». قَالَتْ قُلْتُ كَيْفَ أَقُولُ لَهُمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ « قُولِى السَّلاَمُ عَلَى أَهْلِ الدِّيَارِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُسْلِمِينَ وَيَرْحَمُ اللَّهُ الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنَّا وَالْمُسْتَأْخِرِينَ وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ بِكُمْ لَلاَحِقُونَ ».
يا إخوة الإسلام ، عباد الله ، أيها المؤمنون ،:
* ومن سيرة النبي صلى الله عليه وسلم مع ابنته فاطمة رضي الله عنها :
عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها، قالت: ما رأيت أحداً من الناس كان أشبه بالنبي صلى الله عليه وسلم كلاماً ولا حديثاً ولا جلسة من فاطمة". قالت: وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا رآها قد أقبلت رحب بها، ثم قام إليها فقبلها، ثم أخذ بيدها، فجاء بها حتى يجلسها في مكانه، وكانت إذا أتاها النبي صلى الله عليه وسلم رحبت به، ثم قامت إليه فأخذت بيده فقبلته. وأنها دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم في مرضه الذي قبض فيه، فرحب وقبلها، وأسر إليها، فبكت ! ثم أسرّ إليها، فضحكت! فقلت للنساء: إن كنت لأرى أن لهذه فضلاً على النساء، فإذا هي من النساء! بينما هي تبكي إذ هي تضحك! فسألتها: ما قال لك؟ قالت: إني إذاً لبَذِرة! فلما قبض النبي صلى الله عليه وسلم، فقالت: أسر إلي، فقال: " إني ميت"، فبكيت، ثم أسرّ إليّ. فقال: " إنك أول أهلي بي لحوقاً فسررت بذلك، وأعجبني.
إخوة الإسلام : هذا هو إسلامنا ، وهذا هو نبينا صلى الله عليه وسلم ، وهذه هي سيرته ، فأين من يزعم أنه من الدعاة إلى الدين وهو ينفر ويبغض الناس في الإسلام بما جمع من الجهل بحقيقة الدين ، وسماحة التشريع ، إضافةً إلى سوء الفهم وجور القصد ، والغلو والتنطع والتشدد فيما ابتدعه هو من العدوان السافر على حرمات المسلمين بل والناس أجمعين من استباحة الأعراض والأموال ، بل وانتهاك الحدود التي حدها الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ، وتتبع العورات بغير حق ابتغاء نصرة النفس والهوى الفتاك المردي ، خرج الإمام أحمد من حديث ثوبان عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال لا تؤذوا عباد الله ولا تعيروهم ولا تطلبوا عوارتهم فإن من طلب عورة أخيه المسلم طلب الله عورته حتى يفضحه في بيته " ، وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه سئل عن الغيبة فقال ذكرك أخاك بما يكره قال أرأيت إن كان فيه ما أقول فقال إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته وإن لم يكن فيه ما تقول فقد بهته " .
عباد الله : فلنتخذ من سيرة النبي صلى الله عليه وسلم درباً ومسلكا ، وطريقاً ومنهجا ، فنكون معه يوم القبامة ، ألا وصلوا وسلموا على من أمركم الله بالصلاة والسلام عليه فقال : {إن اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً}الأحزاب 56 .. اللهم فصلِّ وسلم على محمد وآله الأكرمين ، وارض اللهم عن أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وعن سائر الصحابة أجمعين ، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ، وعنا معهم بمنك وكرمك يا أكرم الأكرمين.
الرئيس العام ورئيس مجلس الإدارة
بالمجلس العلمي للدعوة السلفية بفلسطين
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت