تذوقت كل أنواع الفرح؛ لقد تذوقت فرح الفوز، وفرح الحصول على وظيفة، وفرح الزواج، وتذوقت فرح الربح، وفرح الصحة، وفرح التحرر من الأسر، وفرح الحج إلى بيت الله، ولكنني لم أذق في حياتي ألذ من طعم الانتصار، الانتصار على العدو الإسرائيلي الذي تعود أن ينتصر علينا، لنمضغ مرارة الهزيمة بصمت، وتعود أن يسحق كرامتنا، لننكس الرأس بإذلال، وتعود أن يغتصب أرضنا، لنكتفي بما ترك لنا من شوك، وتعود أن يزج بنا في السجون، لننتظر أن يمنحنا الرحمة، وتعود أن يبطش بنا، لننتظر منه فرصة عمل، وتعود أن يحاصرنا، لنرجوه أن يفتح لنا المعابر، وتعود أن يطلق علينا النار، لنشكره حين يعالجنا في مستشفياته.
إنه النصر السياسي والعسكري الأول الذي نحققه على عدونا الصهيوني، إنها المرة الأولى التي نملي فيها إرادتنا، ونخرج من المعركة رافعي الرأس، ثابتي المواقف، إنها المرة الأولى التي ينهزم فيها عدونا الصهيوني علانية، وبحضور الشهود، إنها المرة الأولى التي تصير فيها أرض فلسطين إلينا أقرب، ويصير الوجود الصهيوني على أرضنا المغتصبة أبعد.
تستحق شوارع غزة ما فاض عليها من فرح، وتستحق البيوت الصامدة أن تتزين بالنصر، وتستحق أشجار غزة وطرقاتها وبحرها ونجومها، يستحقون الفرح، ويستحق كل ذي قلب نابض بالوطنية في فلسطين أن يبتسم لهزيمة العدو الصهيوني، وأن يقبل أقدام المقاومين الذين رفعوا كرامتنا العربية عالية، وأقعدوا أمتنا الإسلامية مقعد صدق واحترام بين الأمم.
لقد انهزم تجمع الصهاينة بجلاء، انهزمت الدولة التي ادعت أنها انتصرت على سبع جيوش عربية سنة 1948، وسخرت من الجيوش العربية سنة 1967، وتحايلت على هزيمة 73، وحولتها إلى نصر سياسي، لقد انهزم الصهاينة الذين أخرجوا الثورة الفلسطينية من الأراضي اللبنانية سنة 1982، ليبعثروا المناضلين في دول الشتات، لقد انهزم الجيش الإسرائيلي الذي ذبح غزة سنة 2008، ومزق لحمها كي ترفع الراية البيضاء سنة 2009، ولكنها صمدت، واحتملت، واحتسبت، واستعدت، حتى جاء الوعد، فانهزمت إسرائيل دون أن تتجرأ على الاقتراب من بوابات غزة سنة 2012، لقد انتصرت غزة، وهي توجه للعدو الصهيوني الضربة تلو الضربة، وترد الوجع على عدوها بمقدار ما توجعت منه أو أقل قليلا!.
لقد انتهت مرحلة الصمود الفلسطيني في وجه الغزاة سنة 2009، ولقد انتهت مرحلة الرد على العدوان بمثله سنة 2012، لتبدأ مع الجولة القادمة من المواجهة مرحلة استرداد الأرض العربية المغتصبة، ستبدأ مرحلة نغزوهم ولا يغزوننا، فأعدوا لها يا رجال.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت