حسام تشارك في مؤتمر العراق للأسرى بورقة حول الإهمال الطبي داخل السجون

بغداد – وكالة قدس نت للأنباء
تشارك جمعية الأسرى والمحررين "حسام"، في أعمال مؤتمر العراق للأسرى، والذي بدأت أعماله، اليوم الثلاثاء، من خلال تقديمها لورقة عمل تحمل عنوان "الإهمال الطبي داخل سجون الإحتلال "أداةٌ للقتل البطيء".

وقالت جمعية حسام, بأن هذه الورقة تهدف إلي تسليط الضوء علي أحد الأساليب والسياسات التي يتسلح بها الاحتلال بهدف تعذيب الأسرى الفلسطينيين في سجونه، حيث تشكل سياسة الإهمال الطبي أحد أهم السياسات المتبعة من قبل إدارة مصلحة السجون الإسرائيلية لمعاقبة الأسرى وتحويل حياتهم داخل السجون إلي جحيم لا يطاق".

وأكدت الجمعية من خلال ورقتها المقدمة "إن مسيرة المعاناة والألم التي يواجهها الأسرى الفلسطينيون المرضى في سجون الاحتلال الإسرائيلي لا تنتهي إلا بإحدي المأساتين إما الموت أو تفاقم المرض وانعدام الفرص في علاجه، حتى يتحول هذا المرض إلي كابوس دائم يلاحق الأسير حتى آخر يوم في حياته، فقد أودت سياسة الإهمال الطبي "بحسب ما يتوفر من إحصائيات" بحياة أكثر من 60 أسير من بين 205 أسرى من شهداء الحركة الوطنية الأسيرة منهم علي سبيل المثال لا الحصر محمد ابو هدوان، جمعة اسماعيل، زهير لبادة، زكريا عيسى، عبد الفتاح رداد، مراد ابو ساكوت، هايل ابو زيد، سيطان الولي، يوسف العرعير وفضل شاهين".

وأوضحت أن هذه السياسة تهدد حياة الكثيرين ممن يواجهون خطر الموت في أية لحظة أمثال الأسير محمد التاج ومحمود سلمان ومنصور موقدة وخالد الشاويش ومعتصم رداد وناهض الأقرع ورياض العمور وغيرهم الكثير من الأسري المرضي الذين يعانون أمراضا خطيرة ومزمنة تستوجب المتابعة والرعاية الطبية الدائمة، وهي ما لا تتوفر بحدودها الدنيا داخل السجون والمعتقلات الإسرائيلية حيث أن هذه المتابعة تخضع لحالة من الابتزاز والمقايضة تمارس ضد الأسري وفق خطط واستراتيجيات مدروسة تهدف إلي ترويضهم وإجبارهم علي الانصياع والاستسلام المطلق لإملاءات إدارات السجون مقابل وعود شكلية للنظر في مطالبهم وشكاواهم.

وأشارت إلى انه من المعروف أن سياسة الإهمال الطبي تتناقض تماما مع كافة الأعراف والاتفاقيات الدولية خاصة ما نصت عليه المادة 29 من اتفاقية جنيف الرابعة والتي أكدت على أنه "يجب أن يتوفر للأسرى ليلا ونهارا مرافق صحية تستوفى فيها الشروط الصحية وتراعى فيها النظافة الدائمة، وكذلك ما نصت عليه المادة 92 من نفس الاتفاقية بوجوب إجراء فحوصات طبية للمعتقلين مرة واحدة على الأقل شهريا والغرض منها بصورة خاصة مراقبة الحالة الصحية والتغذوية العامة والنظافة وكذلك اكتشاف الأمراض المعدية ويتضمن الفحص بوجه خاص مراجعة وزن كل شخص معتقل وفحصا بالتصوير بالأشعة مرة واحدة على الأقل سنويا"، غير أن دولة الاحتلال لا تطبق أيا من هذه النصوص ولا تعترف بها بل أنها وعلي النقيض تستخدم سياسة الإهمال الطبي كأداة للقتل البطيء والتنكيل بالأسرى.

ولفتت الورقة إلى أنه يبلغ عدد الأسرى المرضى في سجون الاحتلال حوالي (1000) أسير من بينهم 16 مريض بالسرطان و50 أسيرا يعانون من أمراض القلب والشرايين وأكثر من150 أسير يعانون من أمراض مزمنة كأمراض الكلي والضغط والسكري، كما يوجد من بين الأسرى المرضى ما يقرب من 85 معاق وبقية الأسرى المرضى تتنوع أمراضهم بين أمراض جلدية، باطنية، صدرية ونفسية تستدعي جميعها ضرورة المتابعة الطبية الحثيثة وتلقي العلاج اللازم.

وأضافت أن العشرات من الأسرى الذين أجمع الأطباء على خطورة حالتهم الصحية، وحاجتهم الماسة للعلاج وإجراء عمليات جراحية عاجلة بما فيهم مسنين، وأطفال، ونساء، ترفض إدارة السجون نقلهم للعيادات أو المستشفيات، ولا زالت تعالجهم بحبة الأكامول السحرية التي يصفها الأطباء لجميع الأمراض سالفة الذكر على اختلاف خطورتها، كذلك أدى تأخر إدارة السجون المتعمد في إجراء بعض العمليات للمرضى إلى بتر أطراف من أجساد بعض المعتقلين كما حدث مع الأسير (ناهض الأقرع) من غزة حيث تم تأجيل إجراء عمليات جراحية كانت قد أقرت له قبل اعتقاله في كلتا قدميه، وقد تسبب هذا التأجيل في بتر إحدى قدميه وأصبحت الأخرى مهددة بالبتر إذا لم يتم التسريع في إجراء العمليات الجراحية في قدمه، وهو في هذه اللحظات يعاني من آلام مبرحة وأصبح لا يستجيب مطلقا للمسكنات التي يتناولها باستمرار للتخفيف من آلامه، مما يضاعف من حجم القلق والتوتر الذي تعيشه أسرة الأسير خشية علي حياته.

وقالت "علاوة علي ذلك فإن هناك معتقلون قد ادخلوا إلى عيادات ومستشفيات السجون وهم يعانون من أعراض مرضية بسيطة، وغادروها بعاهات مستديمة وأمراض خطيرة، هذا بالإضافة إلى تمكن المرض واستفحاله في أجساد بعض الأسرى نتيجة تأخر التحاليل الطبية والمخبرية وصور الأشعة التي تكتشف المرض في مراحله الأولى، فقد ينتظر الأسير المريض لشهور طويلة ولسنوات لكي تسمح له إدارة السجن بإجراء تحليل أو صورة أشعة وهذا ما حدث للأسير (رياض العمور) من بيت لحم القابع منذ سنوات في سجن الرملة، حيث كان يعانى من حالات إغماء متكررة واكتُشف بأنه مصاب بمرض القلب واكتفى أطباء السجون بوضع جهاز منظم لضربات القلب تحت جلده بالقرب من قلبه وأُوصي بأن تجري له المزيد من الفحوصات للتعرف أكثر علي حالته، إلا أنه قد تم وبشكل متعمد المماطلة في إجراء هذه الفحوصات حتى تدهورت حالته الصحية ودخل في غيبوبة تبين بعدها بأنه يعاني من انسداد في عدد من شرايين القلب وهو بحاجة لإجراء عملية قلب مفتوح عاجلة بهدف إنقاذ حياته.

ونوهت إلى إن أعداد الأسرى المرضى في سجون الاحتلال في تزايد مستمر نتيجة الضغوط النفسية المتزايدة وأساليب القهر والتعذيب الجسدي المتعددة الأشكال التي تمارسها إدارة السجون بحق الأسرى، إضافة إلي مستوي النظافة المتدني بسبب عدم تزويد الأسرى بمواد وأدوات التنظيف الكافية واللازمة للحفاظ علي نظافة غرف وأقسام الأسرى بحيث تشكل مجمل هذه العوامل بيئة خصبة لتفشي الأمراض، كما أن لسياسة الإهمال الطبي نتائج خطيرة على هذا الصعيد.

وأكدت أن أهم صور الإهمال الطبي تتجسد أولاً في المماطلة في إخراج الأسير المريض إلى العيادة إلا بعد احتجاجات شديدة من قبل الأسرى، وثانياً بعدم تقيد إدارة السجن غالباً بصرف العلاج اللازم لحاله المريض الصحية، وتستعيض عن ذلك بالمسكنات، كما تفتقر العيادات إلى تعدد الأطباء وتنوع اختصاصاتهم بحيث يوجد طبيب عام واحد فقط لسجن كامل، وغالباً ما ترفض الإدارة نقل الأسير المريض إلى المستشفى على الرغم من خطورة حالته الصحية، وتوصية الطبيب بذلك، وتمنع إدارة السجون السماح لأطباء من الخارج بزيارة الأسرى المرضى والإطلاع على حالتهم الصحية، إضافة إلي سوء معاملة الأسرى المرضى من قبل الأطباء والممرضين، وكذلك عملية نقلهم من السجن إلى المستشفى مقيدي الأيدي والأرجل، في سيارات شحن خاصة لنقل الأسرى، وعادة ما يتم تقيدهم بقيود حديدية في أسرتهم داخل المستشفى.

وأضافت "ثالثاً أن الأسرى لا يتلقوا طعاماً خاصاً يلائم حالتهم الصحية، على العكس فان الطعام المقدم لهم سيئ كماً ونوعاً، وفي كثير من الأحيان يمنع الأسرى من طهي طعامهم بأنفسهم ويستعاض بدلا عنهم بالمعتقلين الجنائيين من اليهود الذين لا يعيرون اهتماما لنظافة الطعام والطرق الصحية والسليمة لطهيه.

وأوضحت "ورابعاً أنه يتم نقل الأسرى المرضى غالبا إلي ما يسمى بمستشفى سجن الرملة وهو في حقيقة الأمر لا يرقي بالمطلق إلي مستوى مستشفى ولا يصلح بأن يكون عيادة بدائية بل أنه يوصف من قبل الأسرى المرضى بمقبرة الرملة أو ثلاجة الموتى، حتى أن بعض الأسرى المرضى يفضلون تلقى العلاج في الأقسام (أماكن اعتقالهم) عن الانتقال للعلاج في هذا المستشفى.

وأشارت إلى انه من المعروف أن طواقم الأطباء والممرضين العاملين في هذا المستشفى سيء الصيت والسمعة هم في غالبيتهم يتبعون لإدارة مصلحة سجون الاحتلال ويتلقون تعليماتهم من جهاز الشاباك والاستخبارات الإسرائيلية وقد كشفت تقارير متعددة عن تورط الكثير من هؤلاء في تعذيب الأسرى وخاصة الجرحى منهم عبر إصدارهم لتقارير كاذبة عن الأوضاع الصحية غير الحقيقية لهؤلاء الجرحى لحظة اعتقالهم بحيث تجيز هذه التقارير استخدام العنف ضدهم أثناء عمليات التحقيق معهم ولضمان التهرب من الملاحقة والمساءلة القانونية للمحققين في إثر أي مضاعفات صحية قد تلحق بالأسرى نتيجة التعذيب، كما أن أطباء السجون وفي كثير من الأحيان يكشفون للمحققين عن المشاكل الصحية والمناطق الأكثر حساسية وإيلاما للأسرى الخاضعين للتعذيب بهدف مضاعفة آلامهم وتسهيل انتزاع الاعترافات منهم.

ولفتت إلى تعرض الأسرى المرضى في ما يسمى بمستشفى سجن الرملة لاقتحامات دورية من قبل قوات خاصة تتبع لإدارة مصلحة السجون الإسرائيلية تسمى بقوات النحشون وقوات المتسادا بحيث تتخلل هذه الاقتحامات في كثير من الأحيان اعتداءات بالضرب للأسرى المرضي دون أي اعتبار لظروفهم الصحية كما ويتم تخريب وتحطيم حاجياتهم ومقتنياتهم بشكل وحشي يفاقم من الوضع الصحي والنفسي لهؤلاء الأسرى.

وأضافت أنه في إطار تحميل الأسرى تبعات اعتقالهم، تفرض مصلحة السجون رسوماً مالية على الأسير الراغب في الحصول على نسخة من ملفه الطبي بمبلغ معين لكل ورقة في الملف وذات الأمر ينطبق على المؤسسات الحقوقية والقانونية والطبية التي تعنى بشؤون الأسرى وتود الحصول على نسخة من الملف الطبي للمعتقل، وما من شك أن لذلك تبعات قانونية وحقوقية خطيرة تنذر بتخلي مصلحة السجون عن الحد الأدنى من واجباتها وتستخدم ذلك كأداة ناجعة في يدها لاستنزاف موارد الأسرى والمؤسسات المدافعة عن حقوقهم، فخلال السنوات الأخيرة بدا واضحاً سعى مصلحة السجون الإسرائيلية إلى إحداث نقلة نوعية في تنصلها من مسؤولياتها إزاء الحقوق الصحية والطبية للأسرى فراحت تعمل جاهدة لتحميل الأسرى تكاليف علاجهم من خلال إجبارهم علي دفع أثمان الأدوية باهظة الأثمان وهو الأمر الذي ينطوي على خطورة بالغة في التنكر لحقوق الأسرى الصحية كما نصت عليها اتفاقية جنيف الرابعة في مادتها (94) والمادة (19) من لوائح مصلحة السجون الخاصة بالمعتقلين الفلسطينيين.

وأضافت أن سياسة تحميل الأسرى تكاليف علاجهم تندرج في إطار سياسة مصلحة السجون في نقل تبعات اعتقالها للأسرى الفلسطينيين إلى المجتمع الفلسطيني نفسه، وهي بذلك لا تكتفي باعتقال الفلسطيني وسلبه حريته ، بل تريد أن يكون الاعتقال كما الاحتلال رخيص الثمن وعلى حساب أصحاب الأرض.

مطالبات وتوصيات..
قالت "يدرك الجميع بأن المؤسسات الفلسطينية المحلية العاملة في مجال خدمة قضية الأسرى والدفاع عن حقوقهم لا تمتلك أدوات تغيير الواقع المؤلم الذي تشهده السجون الإسرائيلية وخاصة في ما يتعلق بأوضاع الأسرى المرضى كون هذه المؤسسات بحد ذاتها مستهدفة أصلا من قبل الاحتلال، وقد انصب الجهد من قبلنا كواحدة من هذه المؤسسات علي الدوام في محاولة التواصل مع المؤسسات الحقوقية الدولية لاستخدام سلطاتها الاعتبارية المستمدة من تمثيلها للمجتمع الدولي للتدخل لدى الاحتلال والتحرك بشكل فاعل لإنقاذ الأسرى المرضى، إلا أن دورها لازال باهتا ولا يتعدى إصدار البيانات التي تستنكر على استحياء سلوك الاحتلال المتناقض تماما مع كافة الأعراف ومبادئ حقوق الإنسان".

وأضافت "ومع تفهمنا العميق لتعمد الاحتلال الإسرائيلي وبشكل دائم إلي وضع العراقيل أمام هذه المؤسسات لمنعها من القيام بواجبها الإنساني تجاه الأسري إلا أن ذلك لا يمنع أن تستمر المحاولات لإجبار دولة الاحتلال علي الانصياع للقانون الدولي الإنساني الذي يرغمها مراعاة الحق في تقديم الرعاية الطبية والعلاج اللازم لكافة الأسرى القابعين في سجونها".

وعبرت الجمعية في روقتها عن إعتقادها جازمةً بان ذلك لا يتحقق إلا إذا اتسعت دائرة العمل الإقليمي والدولي لاحتضان هذه القضية الإنسانية.

وأوصت الورقة بضرورة المسارعة في تشكيل لجنة فلسطينية عربية مشتركة تتمثل فيها كافة الأطر والمؤسسات المناصرة للقضية الفلسطينية من كافة الدول العربية يقع علي عاتق هذه اللجنة استنهاض وتفعيل الرأي العام العالمي لحثه علي الالتفات إلي معاناة الأسرى المرضى في سجون الاحتلال والعمل بكل الوسائل لإنقاذ حياتهم.

وأكدت ضرورة إستخدام العلاقات الدبلوماسية لدولنا العربية مع الدول الغربية والصديقة والعمل معها لتشكيل جبهة ضغط دولية يكون علي رأس أولوياتها استمرار الضغط بالوسائل المتاحة علي الاحتلال لحمله علي وقف سياساته التعسفية وانتهاكاته المتواصلة بحق الأسرى الفلسطينيين وعلي رأسها سياسة الإهمال الطبي.

وأشارت إلى ضرورة مطالبة منظمة الصحة العالمية بابتعاث فرق ولجان طبية دولية متخصصة إلي أراضي الدولة الفلسطينية المحتلة والدخول إلي سجون الاحتلال لتشخيص حالات الأسرى المرضى كل علي حدة وتحويل الحالات التي تتطلب تدخلا جراحيا إلي المستشفيات التي تتوفر فيها الظروف الملائمة لعلاج الأسري.

وأوضحت ضرورة تحشيد رأي عام دولي مساند لحقوق الأسرى ومتضامن معهم حتى يتم إطلاق سراحهم لتمكينهم من تلقي العلاج اللازم خارج السجون وهذا يتطلب بأن تتداعي المؤسسات الحقوقية والإنسانية من أجل فضح سياسة الإهمال الطبي وتبيان ما تحمله من مخاطر جمة علي حياة الأسرى الفلسطينيين.

وطالبت بتوثيق ملفات الأسرى المرضى الذين تدهورت أوضاعهم الصحية بسبب إهمال علاجهم من قبل الاحتلال والتقدم بشكوى عاجلة نيابة عنهم إلي محكمة العدل الدولية لمحاسبة الاحتلال علي جرائمه بحق الأسرى الفلسطينيين خاصة بعد أن تحولوا بشكل لا يقبل التأويل إلي "أسرى دولة فلسطين" وبالتالي ينطبق عليهم وصف أسرى الحرب وذلك علي ضوء حصول فلسطين علي عضوية مراقب في الأمم المتحدة وسريان انطباق اتفاقية جنيف الرابعة على الأراضي الفلسطينية المحتلة.