جامعة الأزهر بغزة تمنح درجة الماجستير للباحث محمد عطية ريحان

غزة – وكالة قدس نت للأنباء
منحت عمادة الدراسات العليا والبحث العلمي بجامعة الأزهر في مدينة غزة، درجة الماجستير للباحث محمد عطية ريحان، بعد مناقشة رسالته في الاقتصاد والعلوم الادارية الموسومة بعنوان "التجـربـة الاقتصـادية الصينيـة وتحدياتهـا المستقبليـة"، اليوم الثلاثاء (18/12/2012).

وتكونت لجنة الحكم والمناقشة من الدكتور سمير أبو مدللة عميد كلية الاقتصاد والعلوم الإدارية بجامعة الأزهر مشرفاً ورئيساً، الأستاذ الدكتور فاروق دواس مشرفا، الدكتور محمود صبرة مناقشا داخليا والدكتور مازن العجلة مناقشا خارجيا.

وتطرق الباحث إلى التجربة الاقتصادية الصينية كواحدة من أنجح التجارب التي أثرت بشكل كبير على أهم الاقتصادات العالمية، واستطاعت أن تتخطى العديد منها، حتى أصبحت الصين القوة الاقتصادية الثانية في العالم بعد الولايات المتحدة الأمريكية، الأمر الذي جذب إعجاب العالم بأسره لما حققته من تقدم اقتصادي غيَّر معالم الحياة الصينية، وكذلك مكانة الصين على خريطة العلاقات الدولية, لافتاً إلى أن الصين مرت بتحولات اقتصادية كبيرة من اقتصاد مخطط إلى اقتصاد السوق الاشتراكية من خلال تشكيل منظومة سوقية تقوم على المنافسة المنتظمة، قادت الصين فيما بعد إلى الانفتاح، مما أدى إلى تحقيق معدلات نمو اقتصادي عالية وارتفاع حجم الناتج المحلي الإجمالي وزيادة دخل المواطن الصيني وتحقيق رفاهيته.

وهدفت الدراسة إلى التعرف على مقومات الاقتصاد الصيني ومحددات نموه المتسارع، وحصر وتحليل التحديات المستقبلية التي تواجه الصين بالتعرف على علاقات الصين الدولية وكيفية الانفتاح على دول العالم، كذلك التطرق إلى الدور المهم للتجربة الصينية ومدى الاستفادة منها في تجارب الدول النامية.

وأكد الباحث ريحان أن أهمية الدراسة تكمن في إظهار التجربة الصينية بمختلف جوانبها وأبعادها الاقتصادية، وأن دول العالم الثالث قادرة على التقدم والتطور ولم يعد الأمر مقتصراً على الدول المتقدمة، وإلى أهمية المعرفة والبحث العلمي في فلسطين والوطن العربي.

وتركز هذه الدراسة على الفترة الزمنية الواقعة بين عام 1978 – 2011، وقد تم اختيار هذه الفترة لأنها تمثل الفترة الفعلية التي بدأ فيها التنين الصيني بالنهضة، وهي فترة انفتاح الصين على العالم الخارجي، رغم أن الاقتصاد الصيني مر بفترات مهمة في مسيرته منذ عام 1949 "مرحلة تولي الشيوعيين الحكم في الصين".

واعتمد الباحث في دراسته على المنهج الوصفي التحليلي لكونه يناسب الدراسة, واضعا عدد من المشكلات التي تسعى الصين إلى تجاوزها والتغلب عليها، وهي ماهية مقومات الصين الاقتصادية وآليات التحول من الاقتصاد المخطط إلى اقتصاد السوق الاشتراكي وما مدى التذبذب المستمر في قيمة الدولار الأمريكي لتحقيق معدلات نمو مرتفعة ومنتظمة في الاقتصاد الصيني، وهل انخفاض قيمة "اليوان" سبب في تحقيق معدلات مرتفعة من النمو الاقتصادي للصين، وهل التجربة الاقتصادية الصينية نموذجاً مناسباً تستطيع الدول النامية أن تحتذي به.

وافترض الباحث أن الصين تمتلك من المقومات الاقتصادية ما يجعلها قادرة على منافسة الإقتصاديات الكبيرة، ووجود تحديات ضاغطة قد تعيق تحقيق طموحات الصين الاقتصادية، وان التذبذبات المستمرة في قيمة الدولار الأمريكي تؤثر سلباً على تحقيق معدلات نمو مرتفعة ومنتظمة في الاقتصاد الصيني، وأن انخفاض قيمة عملة اليوان تجعل من معدلات النمو الاقتصادي الصيني مرتفعة، كذلك ان التجربة الاقتصادية رائدة تستطيع الدول النامية تطبيقها في اقتصاداتها اذا ما توفرت الظروف الملائمة لذلك.

ووضع الباحث هيكلاً لدراسته من أربعة فصول كالتالي، الفصل الأول يتطرق إلى بنية الصين الجغرافية والثقافية، ونموذج التنمية الاقتصادية في الفصل الثاني، ومكانة الصين الدولية في الفصل الثالث، وآفاق الاقتصاد الصيني في الفصل الرابع.

وخلص الباحث في دراسته إلى نتائج عديدة منها، أن جغرافية الصين وما تمتلكه من موارد شكلت الأرضية الخصبة لتحقيق معدلات مرتفعة من النمو الإقتصادي، فيما وفرت الثقافة الصينية التقليدية الأساس المادي للتماسك المجتمعي الصيني وكان لها الأثر في ترسيخ التعايش المشترك والتعاون ما بين مكونات وأفراد المجتمع الصيني، وكيف استطاعت الصين الاحتفاظ بالعلوم المعرفية في الحضارة والثقافة الصينية التقليدية والتناغم مع كل ما هو جديد وعصري في الثقافة الإنسانية.

وتوصل الباحث إلى أن الصين استفادت من الصدمات الكبرى التي حدثت ضمن القفزة الكبرى والثورة الثقافية وتدرجت في الإصلاح والانفتاح على العالم مما زاد استقرارها، فيما لم يحقق الاقتصاد المخطط التنمية المستدامة للصين مما جعل القيادة الصينية تخطو نحو الإصلاح وتتبع نهجاً تدريجيا نحو صعود القطاع الخاص الذي ساهم في النمو الاقتصادي الصيني. كما استخدمت القيادة الصينية اللامركزية في إدارة التحول الإقتصادي بتمتع الحكومة المحلية في الأقاليم الصينية في حكم ذاتي كان حافزا قويا في تشجيع وانجاح تجارب وسياسات الإصلاح الاقتصادي.

ولفت الباحث في دراسته إلى أن الصين تمثل أكبر التحديات بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية في القرن الـ21 مما ينبئ بعودة العالم إلى نظام متعدد الأقطاب بدلاً من القطبية الأحادية المتمثلة في الولايات المتحدة. منوهاً إلى أن الولايات المتحدة شريك تجاري قوي ومهم لبقاء نسب النمو في الاقتصاد الصيني مرتفعة رغم التعاون الحذر بين الدولتين.

واستنتج الباحث أن إرتفاع الدولار الأمريكي سيكون مضراً على الاقتصاد الصيني مما يؤدي إلى انخفاض أسعار النفط وانخفاض الطلب على المنتجاب البتروكيميائية واسعار الأسهم القيادية والسياحة الداخلية، وأن انخفاض الدولار يعرض التجارة الخارجية الصينية للخطر لذا المطلوب هو استقرار سعر صرف الدولار. منوهاً إلى أن الصين بحاجة إلى إعادة هيكلة الاقتصاد بصورة أكبر نحو اقتصاد السوق الاشتراكي وليس اقتصاد السوق الليبرالي واصلاح وتطوير المناطق الريفية لأجل تحقيق التنمية المستدامة.

فيما أوصى الباحث في دراسته إلى ضرورة تطور الإصلاح الاقتصادي ليشمل الإصلاح السياسي ومحاربة الفساد وعدم العودة إلى التخطيط المركزي، وكذلك قيام الحكومة الصينية بإصلاحات هيكلية ومالية واجتماعية مصاحبة للتوزيع العادل, كما دعت الدراسة إلى تأسيس قاعدة استهلاكية عريضة في الداخل لأجل تنمية اقتصادية مستدامة وآمنة في ظل تراجع الطلب العالمي نتيجة الأزمة الاقتصادية العالمية في أوروبا وأمريكا.

وأوصت الدراسة أنه على الصين تبني سياسات إصلاحية لتقليل الفجوة بين التنمية في المدن والريف وبين مستويات الدخل حتى وإن أدى ذلك إلى تباطؤ مستويات النمو المرتفعة، كما على الصين استبدال الدولار الأمريكي كإحتياطي لعملتها المحلية "اليوان" بالذهب للحد من التذبذب المستمر في قيمة الدولار الأمريكي كذلك الحذر من استمرار انزلاقها نحو شراء السندات الحكومية الأمريكية.

وبين الباحث أن الاستفادة من التجربة الصينية لا يعني بالمطلق استنساخها بالكامل لوجود فوارق بين المعطيات الصينية والمعطيات الخاصة بالدول النامية من بينها المقومات الهائلة التي تملكها الصين، لكن يمكن للدول العربية الاستفادة منها في عملية التنمية وامكانية التدرج البطئ والمدروس في التنمية وترشيد الخيارات السياسية في الإصلاح، كذلك التعلم من صبر الصينيين وحكمتهم وإصرارهم على النجاح في مراكز القوى الكبرى والبعد عن التبعية الاقتصادية والسياسية للغرب وبناء النموذج الخاص بالتنمية دون الانزلاق خلف مشكلات الآخرين.