القدس المحتلة- وكالة قدس نت للأنباء
بينما حرصت إسرائيل على الترحيب بتعيين السناتور جون كيري وزيراً للخارجية الأميركية خلفاً لهيلاري كلينتون، لم تخفِ أوساط ديبلوماسية مخاوفها من أن تشهد ولايته إشكالات في العلاقات مع الدولة العبرية على خلفية نشاطها الاستيطاني في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 الذي سبق لكيري أن أعلن معارضته له. إلا أن القلق الأكبر ناجم عن احتمال تعيين تشك هاغل، "الذي لا يملك ذرة تعاطف مع إسرائيل" وزيراً للدفاع خلفاً لليو بنيتو.
وسارع رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو إلى الترحيب بتعيين كيري "الشخص الغنيّ بالتجربة والداعم المعروف لأمن إسرائيل"، كما جاء في بيان صادر عن مكتبه. وأضاف أن علاقات صداقة تربطه شخصياً مع كيري انعكست "عندما جاء ليعزيني قبل نصف عام بوفاة والدي"، متوقعاً "عملاً مشتركاً" معه. كما بعث نائب وزير الخارجية داني أيالون ببرقية تهنئة إلى كيري، معتبراً أنه جدير بهذا المنصب لذكائه ورؤيته".
مع ذلك، أفادت وسائل الإعلام العبرية بأن ثمة أصواتاً تُسمَع في أوساط مؤيدي إسرائيل في الولايات المتحدة تعرب عن مخاوفها من "نشاط زائد لن ترغب فيه إسرائيل" لوزير الخارجية الجديد "خلافاً لكلينتون التي تبنت خلال أربع سنوات مقاربةً سلبية غير فاعلة نسبياً تجاه الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي". وأضافت أن الرئيس باراك أوباما المتحرر من اعتبارات انتخابية، سيدعم كيري في مسعاه.
وأجمعت التقارير الصحافية على توصيف كيري "صديقاً صدوقاً لإسرائيل" صوّت إلى جانب غالبية الاقتراحات المؤيدة لها في مجلس الشيوخ، وفي مقدمها تقديم الدعم العسكري الواسع، معتبراً المشروع النووي الإيراني خطراً استراتيجياً على إسرائيل والولايات المتحدة على حد سواء، اضافة إلى دعمه حق إسرائيل في بناء الجدار الفاصل في قلب الأراضي الفلسطينية المحتلة، وأعلن دعمه "حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها" وشن الحرب الأخيرة على قطاع غزة، وعارض توجه الفلسطينيين الأحادي الجانب إلى الأمم المتحدة. لكن اليمين الأميركي والإسرائيلي على السواء يرى فيه "شخصية إشكالية، ويسارياً" على خلفية انتقاده الحصار الإسرائيلي على قطاع غزة، ومعارضته الشديدة للاستيطان في الأراضي المحتلة "الذي يشكل عقبة في طريق السلام"، ودعمه حل الدولتين على أساس حدود عام 1967 مع تعديلات بسيطة بحيث تكون القدس الشرقية عاصمة الدولة الفلسطينية مع سيطرة فلسطينية على المسجد الأقصى المبارك. وقبل ثلاثة أعوام، قال في اجتماع مغلق إن الجولان المحتل يجب أن يعاد إلى سورية.
وكتبت "هآرتس" أن كيري بالمفهوم الإسرائيلي، ورغم أن جديه يهوديان اعتنقا المسيحية، هو يساري وبعيد كل البعد عن سياسة الحكومة الحالية والمتوقعة بعد الانتخابات وعن توجه غالبية الرأي العام الإسرائيلي (اليمين)، "ما يجعل المواجهة بينهما حتمية، والسؤال فقط متى ستقع". وتابعت أن مؤيدي إسرائيل في واشنطن كانوا يتمنون تعيين السفيرة في الأمم المتحدة سوزان رايس "لأن كيري، خلافاً لها، ذو مكانة سياسية مستقلة ويطمح لترك بصمات وأثراً، وعليه يتوقع أن يكون نشيطاً أيضاً على الجبهة الفلسطينية – الإسرائيلية". ورأى مراسل الصحيفة في واشنطن أن اللوبي اليهودي في الولايات المتحدة لن يخوض معركة ضد تعيين كيري لإدراكه أنها خاسرة حيال حقيقة أنه يحظى بتقدير مجلس الشيوخ "والتصديق على تعيينه حقيقة ناجزة، وعليه يفضل شن معركة ضد احتمال تعيين السناتور السابق تشك هاغل وزيراً للدفاع، "وهذا خلافاً لكيري ليست في قلبه أي زاوية دافئة تجاه إسرائيل". وأضاف أنه في حال تعيين هاغل، فإن إسرائيل ستواجه قيادة أمنية – أميركية تتشكل من ثلاث شخصيات ترى في التدخل العسكري الأميركي خياراً أخيراً، خيار اللا مفر وفقط من أجل مصلحة استراتيجية عليا. وأضاف أن الثلاثة سيتفقون، بشكل شبه مؤكد، على أن حل الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي سيساهم في استقرار الشرق الأوسط وزيادة الدعم للإجراءات الأميركية في المنطقة فيما سياسة إسرائيل لا تساهم في تحقيق هذا الهدف".
وكتب المحرر في "يديعوت أحرونوت" أيتان هابر الذي كان مدير مكتب رئيس الحكومة السابق اسحق رابين أن هاغل الأكثر عدائيةً لإسرائيل، مضيفاً: "ليحفظنا الله من هاغل (...) إنه بحسب ما يُنشر الرجل الأكثر عدائيةً لإسرائيل في أوساط السياسيين الأميركيين، إنه كل ما لا نريد رؤيته أو نسمع منه أو نتعاون معه". وأضاف أن "سجل هاغل" مع إسرائيل "فظيع ومخيف، وقد يتم تعيينه لأكثر المناصب الحساسة بالنسبة إلينا (...) ويجب أن نعرف أن حياتنا هنا متعلقة إلى حد كبير برغبة البنتاغون المتوقع أن يقوده هاغل بالذات في وقت تشهد العلاقات بين البنتاغون ووزارة الدفاع الإسرائيلية أفضل فتراتها في تاريخ دولة إسرائيل، وهذا ما قد يتغير". وختم أنه يعتقد انه من خلال هذا التعيين يريد أوباما أن يوضح لأصحاب الشأن في إسرائيل أن "السماء الملبدة بالغيوم المكفهرّة الداكنة فوق رؤوسنا هذه الأيام قد تُسقط أمطاراً هوجاء".