قضي الأمر الذي فيه تستفتيان .. واختلفتما على المكان .. وبقى الزمان .. خير شاهد على الإنسان .
ففي مثل هذا اليوم من الإثني عشر عاما بعد الألفية الثانية وإذ كانت تهفو قلوب العاشقين من أبناء شعبنا الفلسطيني في قطاع غزة لحركة فتح ولثورتها الفلسطينية نحو الزحف الجماهيري المفترض وقد دقت نواقيس الذكرى الثامنة والأربعون ايذانا بايقاد شعلتها لتعلن عن مهرجانها الحاشد احتفاءا بما يليق بهذه الذكرى العظيمة .
فبعد سجالا استغرق أياما طوالا فيما بين حركتي فتح وحماس حول مكان اقامة مهرجان انطلاقة حركة فتح على أرض تتسع لجماهيرها الغفيرة في هذا العرس الوطني الكبير ، غير أن حركة حماس رفضت المكانين المفترضين ( الكتيبة والسرايا ) بيد أن حركة فتح كانت قد أعطت لحركة حماس متسعا كبيرا ومساحة واسعة في الضفة الغربية بل ووفرت لها المناخ الملائم وسبل نجاح مهرجانات انطلاقتها في الضفة الغربية .
وقد تزامن هذا مع البوادر الحسنة والتي عبرت عنها طرفي الصراع الفلسطيني عقب الأجواء الطيبة الأخيرة والنوايا الجادة والصادقة نحو انهاء الإنقسام الفلسطيني من خلال انجاز واتمام المصالحة الفلسطينية لا سيما بعد النصرين العسكري والسياسي لكل من المقاومة الفلسطينية الباسلة في غزة أثناء صدها للعدوان الأخير وللقيادة الفلسطينية من خلال معركتها الدبلوماسية في الأمم المتحدة ولوجا لما تم من إنتزاع الإعتراف بالدولة الفلسطينية بصفة مراقب في هذه المنظمة الدولية ، وفيما أقامت حركة حماس مهرجاناتها في الضفة الغربية فلقد اعتبر ذلك بمثابة ارهاصات المصالحة الوطنية المأمولة ، مما بعث الروح في أبناء جماهير شعبنا وفي مقدمتهم أبناء حركة فتح وخصوصا الشارع الغزي والذين استبشروا خيرا ، بل وشاركوا بقوة في مهرجان انطلاقة حركة حماس والذي أقامته على أرض الكتيبة بغزة ، مما حذا بهم لأن يعدو العدة لتنظيم مهرجانا آخرا لإنطلاقة حركة فتح وأخذوا يتداعون لتحقيق هذا الأمر ظنا منهم بأنه سيؤسس لأنهاء حالة الإنقسام الفلسطيني والذي أثقل كاهلهم على مدار سنين قد خلت .
ولكن حركة حماس وبرفضها لهذين المكانين المفترضين والسابقين الذكر ، كان قد أضاق الخناق على حركة فتح من خلال انعدام سبل ايجاد مكانا آخرا يناسب تطلعاتها لما يليق بهذه المناسبة الوطنية والعزيزة على كافة أبناء شعبنا ومن ثم تضطر حركة فتح إلى رفض عروض أخرى لأمكنة مختلفة قد تقدمها حركة حماس لصالح حركة فتح لتنظيم مهرجان انطلاقتها وبالتالي اجهاض جذوة أبناء حركة فتح المتقدة ومن خلفها جماهير شعبنا الفلسطيني في قطاع غزة .
وما يثيرنا هنا في هذا السياق العودة للحديث عن المصالحة الوطنية ومؤتمرها المفترض في القاهرة في نهاية شهر يناير المقبل والذي تتساوق وتتماهى كلا الحركتين معه وتمالئ كل منها الأخرى ، ربما بقصد أو بغير قصد والله أعلم بالنوايا ومن وراء القصد .
إذن عن أي مصالحة وطنية نتحدث ولأي درجة وصلنا للإستخفاف بوعي وعقول وطاقات شعبنا الفلسطيني المثابر والذي بات يعي وبشكل جيد وكبير ومن خلال الممارسات اليومية على الأرض بأن جل التصريحات التنظيرية والأقوال فيما يخص ملف المصالحة الوطنية الفلسطينية لا ترتقي إلى حالة الأفعال إنما باتت خطى ثقيلة على كاهل الشعب الفلسطيني والذي مل هذا الديدن , وبات يؤمن بأن الحديث حول هذا الملف ما هو الا في اطار العلاقات العامة والإستهلاك المحلي والإعلامي من أجل الحفاظ على حالة الرأي العام لحسابات سياسية خاصة وخصوصا بعد النصرين اللذان حققا أخيرا في كل من غزة والأمم المتحدة كما تحدثنا آنفا .
وبالعودة للموضوع الرئيس الا وهو مهرجان انطلاقة حركة فتح في قطاع غزة وما أحاطه من تداعيات عدة ومختلفة ، فإننا نؤكد بأنه وعلى الرغم من أن حركة حماس لربما قد أسقطت خيار المكانين المفترضين ( الكتيبة والسرايا ) من أجل اقامة هذا المهرجان المرتقب ، ولكنها لا ولن تسقطه من أفئدة وعيون أبناء حركة فتح ومن خلفهم كافة أبناء شعبنا الفلسطيني ، حيث أن حركة فتح حاضرة بروحها وتاريخها وثباتها منتصبة بقامات أبناءها السامقة ولن يفت من عضدها أي مراهنات ولا سجالات ولا مقامرات ، فهي حركة الكل الفلسطيني والذي انطلقت به ومن أجله ، فحروف التاريخ لا تزور ، وما اختزلتها لغة الإضداد ، انما ترتبط ارتابطا جدليا بالزمان والمكان وحتمية انتصار الإنسان .
وإن ما جرى من اختزال للإنطلاقة واختصار للإنتصار انما هو بحد ذاته انتصار الإنتصار .. واتحادا والتحام .. لا تراجع ولا نكوص .. لا هزيمة ولا انكسار .. أمام صناع القرار .. فما عرفوا لغة الفرار في معاجم الإصرار .
فلا تحزني ولا تيأسي يا فتح .. فما اختزلت قلوب أبناؤك مؤلفة وما اختصرت انتصار ارادتهم .. وستظل أفئدتهم تهتف ولا تتئد .. وحناجرهم تصدح فلا ترتعد .. ومن بريق عيونهم ستلمع شعلة الإنطلاقة وتتقد .
فيدا بيد وساعدا بساعد وزندا بزند وكتفا بكتف من أجل أن تبقى حركة فتح مشرعة صوب قرص الشمس .
وعاشت الذكرى وكل عام وأنتم بخير وإنها لثورة حتى النصر
غزة في
25/12/2012
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت