من واحد الى عشرة ..!!

بقلم: توفيق الحاج


عادة ما ينصح عند الغضب ..بأن نستعيذ بالله ، ونعد بهدوء من واحد إلى عشرة..!! وأنا اخترت بعد إذن أحبتي القراء ،وبمناسبة بدء العام الجديد ،رغم التطيرمن رقم 13 ،أن أشاركهم سياحة خاصة بين الأرقام عبر التاريخ ،والذاكرة..بعيدا هذه المرة عن صراع اليقين بين الغلابا المقهورين ،وإخوان الشياطين..!! والأرقام من 1 إلى 10 كما تعلمون ،أو لا تعلمون..ليست أرقامنا في الأصل، بل لطشها أجدادنا الأقدمون من الهنود ..!! بينما تنازلوا كرما ،وأريحية عن أرقامهم لأحبابنا الفرنجة ..!! واعتقد أن المطروح قد يعجب البعض (الذي يبلع لي الزلط).!! فتنطلق ذاكرته بما يثري الفكرة ويأتلف ،وقد لا يعجب البعض الآخر الذي (يقف لي ع الغلط ) !! فيطلق راجماته الصاروخية بما يسيئ للذوق وينحرف.!! ومع ذلك للجميع عندي تمام الاحترام..من يتفق معي ، ومن يختلف !! ..والآن هيا نعد..

*الرقم ا
يذكرني بالله الواحد الأحد ، وكلمة (وحدووووه).ثم بوحشة الوحدة.. ،وفرادة الإبداع ، والبطولة..، والشموخ ،وحرف الألف فاتحة اللغة التي اعشقها ،ويذكرني بالزعيم العربي الأوحد (جمال عبد الناصر) الذي لم يستول مثله احد حيا كان، أو ميتا من قبل ،ومن بعد على قلوب الجماهير.!! رغم حقد الحاقدين، وتجار الكوك السياسي والهروين..!! ويذكرني بالعمود الساقط في الهندسة،وبمسلة الفراعنة، والخازوق الوطني الذي لازلنا نعيش عليه منذ قرن ، وكلما تململنا نتخوزق اكثر..!!،وعصا الأستاذ التي كانت تنهال علينا دون سابق إنذار،وكنا نحسب لها حسابا..!! فقد كانت تربيتنا صارمة قاسية وكنا نعيش طفولة جافة خشنة.. نشعر فيها بذل اللجوء.حليقي الرؤوس.. قمصان بلون النيلة.. في طابورمدرسة الجنرال المدير،وكأننا في دورة عسكرية..!! أما اليوم ،فالتربية ( فافي مياعة ) ،والجيل زايد دلاعة ،والأستاذ..تعيش انت..!! ويذكرني رقم 1 بفاتحة الشهر الفاتح (انطلاقة فتح) ،وربنا يستر يوم الجمعة!! وبايام الزمهرير في بلاد الياسمين ،وميدان التحرير.!! ونكتة الربيع التي ضحكت بها مافيا الخفافيش على معشر الحمير.!! والتي ألجاتني كثيرا بعد فقد الثقة بمعظم أباطرة الدين الجديد..!! إلى أغنية المعذب فريد (وحداني ح اعيش كده وحداني)..!!
* الرقم 2
يذكرني بالشهادتين ،وركعتي الفجر، وسيدنا محمد صلى الله علية وسلم ،ومعه الصديق رضي الله عنه إذ هما في الغار..!!ومثل عظيم للصداقة الصادقة المصدقة.. صداقة شبه مستحيلة كنت احلم بمثلها مع كثيرين مروا كالسحاب..!! ويذكرني بأمي ،وأبي قبل أن يفرقهما الموت..!! ، وبانقسام الوطن إلى وطنين احدهما لحماس يهدئ اللعب ويلعب بالكعب..!! والاخر لفتح يفاوض على مفيش ،وفي وضع صعب..!! ويذكرني بشهر (وحدة ما يغلبها غلاب) بين مصر، وسورية في شبابهما..وحدة أحببتها جدا رغم صغر سني ، وجهلي بالسياسة..!! الا أن أصابع العربان ،والأمريكان غلبتها للأسف بالانفصال عام61 !! ،ويذكرني بخلع السلطان مبارك ..!! ورقم 2 بالنسختين الانجليزية ،والعربية يوحي لي سبحان الله بمن يصلي..!!
وأنا أحب رقم 2 لأني كنت ثاني إخوتي،رغم ما تحملت من هم اكبر من طفولتي..!! وهو يعني لدي الحب والمشاركة مع رفيقة عمر..!! ويعني لي أيضا ابنتين هما نقطة ضعفي..!! ويعني لي أخيرا ( القراءة ، والكتابة) زادي ،وزوادي في غربة المكان ،والزمان، ولا حياة لي بدونهما.
*الرقم 3
يذكرني بفرض صلاة المغرب، وبالتثليت المسيحي، وبعكاز جدي ،ولغوه السريع (علي الطلاق بالثلاثة) !! وكلمة (الثالثة ثابتة) كنا نتسلح بها في طفولتنا عندما نخفق في لعبة مرتين..!! وتمرات ستي الثلاث التي كانت تحرص على تناولها قبل الإفطار في رمضان .. ،وبثلاثية نجيب محفوظ ،والأهرامات..!!ويذكرني أيضا بالمثلث ،وحساب المثلثات الصعب،وآيات المنافق الثلاث ..!! وهو يعني عندي الربيع الرباني مش الربيع اللي رباني..!!،ويعني الإنجاب، والأحباب ،وفضح السر عند الباب..!!
*الرقم 4
يذكرني بفرض الظهر والعصر والعشاء، و بالمربع ،وكل ماله أربعة أضلاع..، وأرجل (الطبلية) التي كنا ندرس عليها، والكرسي الذي يجلس عليه الحاكم فلا يقوم عنه إلا لموته ،أو للحمام..!! ورباعيات الخيام التي يقول فيها لاهيا ( واغنم من الحاضر لذاته ..فليس في طبع الليالي الأمان) ثم يخاطب ربه باكيا بعد ان سرقته السكين (إن لم أكن أخلصت في طاعتك.. فأنني اطمع في رحمتك)..!! ويذكرني أيضا بأربعة أيوب ، والذهاب الجماعي إلى البحر ،و بكذبة ابريل مع أننا نعيش في أكبركذبة ، ويذكرني بمستر بلير الله يرحمه سلطان الرباعية الدولية للبوليتيكا الفاقدة لعذريتها ،ومصداقيتها امام اسرائيكا..!!
وانا حقيقة لا اود الرقم 4 كثيرا لأنه يوحي لي بالثعابين ،والمتلونين، والمتسلقين والمنافقين من وعاظ الأمراء والسلاطين، وكتبة الاحجبة الملاعين ..!!
*الرقم 5
يذكرني بفروض الاسلام الخمسة و بقرص الشمس يسحرني عند الشروق ،ويحزنني عند الغروب ،و بفرحة قمر14في ليلة صافية ،وبرغيف أمي ال.. كنت انتظره أمام فرن المخيم بفارغ الصبر لا قسمه نصفين ..نصف لبائعة الدقة ،والفلفل الأحمر أمام باب مدرسة الطينة البعيدة..!! والنصف الثاني التهمه في الاستراحة، فيزداد جوعي..!! ويذكرني أيضا بصرة ملابس التموين التي كانت تحولنا إلى مهرجين بائسين ..!! ويذكرني بقرص الفلافل الوحيد الذي أفطر به، وبقرش فاروق النحاسي القديم ..مصروفي الأسبوعي في الإعدادية من عرق الصحو قبل أذان الفجر لجلب حليب الوكالة وبيعه بقرش مكرر6 صباحات..!! ويذكرني بالدائرة التي لم يكن الأستاذ مصباح يجيد رسمها على السبورة،فنضحك ،وبالحلقة المفرغة،أوالمتاهة التي ندور فيها منذ قرن..استيطان..سرطان..عدوان..مفاوضان..خذلان..هذيان.. تهدئان..!! وبالكرة التي انكسرت رجلي لسواد عيونها 3مرات ،ولازلت بعد الستين اعشقها خاصة إذا رفرفت لأجلها راية حمراء..!! وأحيانا أرتجف من رقم 5 لأنه يطاردني بكابوسين أراهما دوما في منامي .. فوهة البندقية ، وفتحة نفق التهريب..!!

*الرقم 6
يذكرني بخلق الكون في ستة أيام..،والستة البيض، وحرب الأيام السته، فلم يذبحنا الرصاص بقدر ما ذبحنا خطاب التنحي.!!وبذكرني ب (معرش)الامتحان المرعب للصف السادس..، وبالساعة 6 التي يعلنها المنبه النشيط فنهب من دفئنا فزعين الى الحمام ،فالصلاة ،فالساندويتش ،فالمدرسة .ويذكرني بجدول ال6 ،واغنية شادية 5 في 6 ،والخيط المستت الذي كنا نطير به طياراتنا المقاتلة و(الصماته) تكوي اقدامنا في النهار وتلهب عيوننا في الليل فلا تجد امهاتنا دواء الا الشاي المر أو زلال البيض..!! ويعني لي رقم 6 للاهمية ..أولادي الستة في تجربتي الدنماركية..!!
*الرقم 7
يذكرني ب السموات السبع ،والقران الكريم مفتوحا للجميع ينهلون من فيض آياته، دون تطويع أمير، أو شبهة تكفير..!! وبخندق الرسول العظيم ،والخندق الذي حفرناه أمام حارتنا قبيل حرب حزيران..، وبعلامة النصر التي كان يخدعنا بها حكامنا المنتصرون..!! لذا أشفق علينا ،وعليها لأننا كنا نراها دائما خازوقين يتوعدوننا بهما ..!! و قد أثبتت الأيام انها كانت دائما مقلوبة تعاني من عقدة الهزيمة..،وتحتاج الى طبيب نفسي..!! و يذكرني بثورة يوليو التي أكلت الملك ، فأكلها السادات ،وخلص عليها مبارك..!! ويذكرني كذلك بفيلم (السبع بنات) الذي أبكانا في طفولتنا..!!
ورقم 7 يعني بالنسبة لي البقرات السبع العجاف يأكلن سبعا سمان.. ،وبركة الحسنات (كمثل حبة انبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة )..!! ولا أنسى أيضا لعبة (السبع جور) التي كنا نلعبها حارة الفقرا بعجم المشمش ،وان كسبنا منه كثيرا ..نكسره ،وننقعه أياما لتزول مرارته، فنصنع منه حلوى مشمشية..!! واخيرا منحني الله في شهرتموز نعمتي الزواج، والأبوة.
*الرقم 8
ما أن ارى الرقم 8 حتى تخطر ببالي ،وبمرارة خيمة اللاجىء..!! وما عرفت عن حرب ال48 ،والهجرة ،وذكرى استشهاد غسان الذي حاول ان يدق الخزان .!! ،وذكرى اجتياح الكويت وحرب الخليج !! ويذكرني هذا الشهر الحاد الطبع بوفاة امي و باعتقالي ذات ظهر في ملعب كرة قدم بسبب حرباء ..!! ورقم 8 يعني لي هرم خوفو ، وهيروشيما ..عار امريكا ولعنتها الابدية..ـوسقف القرميد الأسمنتي الكئيب الذي لم يكن يقينا مطر الشتاء ،أو حر الصيف..!! ويعني ايضا طربوش (الشيخ حسن) معلمنا في الصف الاول..!! والكتاب الذي لا أود قراءته ،والفرجارالصغير في يدي بينما الخشبي الكبير في يد معلم الرياضيات.
*الرقم 9
يذكرني بالمشنوق ،والإعدام من طومان باي إلى صدام.. ،و باؤلئك الرجال سيئي الحظ الذين يقتلهم الحجاجون سعداء الحظ في ميدان عام دون محاكمة ،ويسحلونهم حسب الشريعة..!!و بمراسيم عروبية عريقة ، ثم يعلقونهم بالمقلوب على أعمدة الإنارة..!! ويذكرني بمفتاح الباب الذي ظل جدي يحتفظ به حتى وفاته .، ويذكرني أيضا بشهر ميلادي الحزين ،وحرب أيلول وصبرا وشاتيلا ، وعدد أفراد آسرتي ،وبداية العام الدراسي ،ووداعي الأول لأحبتي عند التقاعد..!!
*الرقم 10
يذكرني بالعشرة عشرة رسول الله، وبعاشوراء ،وبحرب اكتوبر التي أعد لها عبد الناصر، وخطط لها الشاذلي ،وأضاعها الرئيس المدمن ..!! ويذكرني بأول من خفق له قلبي ، فأفرحني ، وأبكاني ..!! وبعلامة الامتحان او الإملاء التي كنت تجر علي حسد أقراني..، وبالعشرة قروش التي كان أبي السمكري يضعها بصمت في يد أمي متهالكا بعد عناء يوم كامل..!! ويذكرني أيضا بالمهاجمين المشهورين في فرق كرة القدم..ورغم حبي للخطيب ،وبلاتيني، ومارادونا ، وزيدان،وابوتريكة اعتبر هذا الرقم دخيلا على الأرقام ،فقد أتى متعاليا ومزهوا بصفره لحل مشكلة العد،مع انه بدون الصفر لا يساوي في البنك إلا قرش مصدي..!!
آمل ألا أكون قد أثقلت عليكم..ولعلها فرصة أن تشركوني في سياحاتكم الخاصة.. ،وان أغضبتكم فرجاء عدوا من واحد إلى عشرة..!!
اللهم أنت الواحد الأحد الفرد الصمد .. لا شريك لك سبحانك.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت