الإنسان في صميم الاهتمامات بل له الأولوية .. شعار كبير نسمعه أو نقرؤه أو نتجادل فيه ، وفي الحقيقة أن هذا الشعار لا يأخذ محمل الجد أو التطبيق ، مع العلم أن تطبيقه يعني بأن يرتبط هذا الإنسان بمحور العمل ويلتزم بما هو مطلوب منه ويندمج بصورة مذهلة .
هذا الإنسان يحتاج إلى مَن يعترف به ويقدره ويقدم له المودة وأيضا أن تكون العلاقة معه واضحة وسليمة .. إن كثير من مشاكل الشباب وحتى كبار السن يمكن أن تجد طريقها إلى الحل الجذري إذا تفهمنا رغباتهم وطورنا أحاسيسهم وتفاعلنا مع مشاعرهم وألا نصدر الأحكام المسبقة عليهم .. فليس من المعقول أن نقول أن هذا لا يحب الفن ونحن نعلم أن كلمة الفن واسعة ، فالرسم فن والكاريكاتير فن وكتابة المقال فن وخاطبة الناس فن والاستماع إلى الأغاني فن وقيادة الناس أيضا فن ، فالإنسان نفسه في تكوينه هو في أجمل صورة .. والجمال هنا قمة الفنون .. ونقيس على ذلك ، فتقزيم حاجات الناس وأولوياتهم في قالب خاص بدوافعنا يعني أننا حولناهم إلى لا شيء أو تحولنا نحن في نظرهم إلى لا شيء .
إن من المفارقات أن تجد إنسانا ناجحا في محيطه وفي أسرته وفي علاقاته وفي عمله ويشار له بالبنان ،ولكنه حين يلتزم بمؤسسة خاصة حتى يتم التعامل معه كأنه طفل صغير غير ناضج ويحتاج إلى دورات تقوية في أدبيات الحفاظ على أسرار المؤسسة أو كيفية تفاعلها " كما تريد " مع الجمهور .. كثيرا ما اعترضت على الساعة التي تلزمك بتوقيع الحضور والانصراف وتقضي وقت طويل بعد انتهاء أعمالك في انتظار أن " يدق جرس المغادرة " وحينها تشعر بأن قيد ما قد تحررت منه .. نحن بحاجة إلى طريقة أخرى يمكن من خلالها أن لا نُلزم أنفسنا بهذا الجرس وألا نعلقه كمعيق لنا .
الإنسان الناجح والقيادي الناجح هو الذي يعرف معنى الكرامة الإنسانية لذاته ولمن هم حوله .. يحترم عقول من حوله ويحترم قدراته أيضا .. وهو أيضا من يعمل بكل جد لكي يعترف بحرية إرادة من يعملون معه ومن هم في محيطه وحتى المنافسون له ..
وفي المقابل يرغب الإنسان بأن يكون له تأثير على من حوله ، ويرغب كذلك بأن ينشر ويُظهر للعيان كل طاقاته الشخصية ، لذا يجب أن يحمله محيطه على محمل الجد والاحترام ، وأن يقابله بالقبول والتقدير .. لذا فإن التعرف على أحاسيس الناس ومشاعرهم يمكن أن يكون هذا دليلا لمعرفة أو توقع سلوكهم وتصرفاتهم ومقدرتهم على العمل في البيئات والظروف المختلفة .
لذلك تجد أن النجاح في اختيار الأشخاص لأداء مهام يعتمد على مقدرتنا على قراءة مقدرتهم وكيفية أن تتحول المهمة التي نوكلها له أساسا في أن يشعر بأن حياته ذات معنى وأنه يقوم بأعمال هامة .. الناس يرغبون بتحمل المسؤولية وبحرية حركة وتصرف في ما يؤدونه من أعمال ، طالما أن هذه الأعمال تلبي حاجته إلى أن يكون إنسان ذو معنى ، أي أن يكون شيئا مذكورا ، وهنا تجد أن لديهم القابلية والدافعية الذاتية لتكون صلات اجتماعية تواصل الى أعلى وأسفل طبق النظم المتعارف عليهم ويجتهدوا لإثبات وجودهم وأهميتهم وحضورهم وجدارتهم ويبغون في النهاية إلى الحصول على الاحترام والتقدير وتبادل الأفكار والتعاون ، وهنا تبرز دور قيادة هؤلاء في استخراج القدرات الكامنة فيهم وتحويلهم إلى مبدعين ومتميزين ومنافسين .
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت