في ظل الاجواء الايجابية السائدة في فلسطين والتفاؤل عن قرب اتمام المصالحة، قام جهاز الامن الداخلي في حكومة غزة باعتقال واستدعاء عدد من الصحافيين المنتمين الى حركة فتح، هؤلاء يعملون في وسائل الاعلام المختلفة فضائيات ومحطات اذاعية و مواقع الكترونية، وسادت اجواء من التشاؤم اثرت على المناخ العام، وخلقت حملة من الادانة والاستنكار لاعتقالهم.
وعلى الرغم من الحديث عن اجواء المصالحة وتعزيز الجهود لجسر الهوة بين المتخاصمين، إلا ان بعض اطراف الانقسام لا تزال على موقفها، وانها لم تتخلص من حزبيتها بالرغم من ادعائها العمل على تهيئة الاجواء لتعزيز ثقافة المصالحة والتسامح وقبول الاخر، حيث قامت نقابة الصحافيين في رام الله ودائرة الثقافة والإعلام في منظمة التحرير الفلسطينية بإدانة واستنكار اعتقال الصحافيين، واعتبرته خطأ يجب التراجع عنه، ومحاولات لتكميم الأفواه والاعتداء الممنهج على الحريات انتهاك صارخ لمبادئ حقوق الإنسان، وله مدلول سياسي خطير في سياق المصالحة وأجوائها الايجابية السائدة.
من حق نقابة الصحافيين في رام الله وواجبها حماية الصحافيين والدفاع عنهم وفضح الانتهاكات الواقعة عليهم، لكن عندما تقوم الاجهزة الامنية في الضفة الغربية بالاعتداء على حرية الصحافة و الصحافيين خاصة من حماس لم نسمع أي ادانة او استنكار، أو حتى فضح هذه الانتهاكات والاعتداءات .
في المقابل لم نسمع أي كلمة من نقابة الصحافيين في غزة سواء ادانة او استنكار وحتى استفسار، وكأن مجال عملها في الضفة الغربية، وليس غزة وان الموضوع لا يعنيها، في حين انها اصدرت بيان استنكار حول خلاف شخصي وقع بين احد المواطنين ومصور صحافي خلال اعتصام سلمي نظمته الجبهة الشعبية في غزة الاسبوع الماضي تضامنا مع المناضل الاسير اللبناني في فرنسا جورج عبدالله، كما اصدرت بعض منظمات المجتمع المدني القريبة من حماس بيانات ادانة واستنكار على غرار بيان نقابة غزة، ولم نسمع منها شيئ عن اعتقال صحافيي فتح.
وبعد يوم من الانتظار وغياب المعلومات و الاسباب الحقيقية لاعتقال الصحافيين الخمسة، اصدرت وزارة الداخلية بيانا صحافيا، بعنوان "اعتقلنا مشبوهين خططوا لإفشال جهود المصالحة، ويوضح ان ما حدث هو استدعاء عدد من المواطنين يعملون بمهن مختلفة للتحقيق معهم حول بعض القضايا التي تهدد الامن المجتمعي، وان هؤلاء الاشخاص بالمجمل ليسوا صحافيين، وحتى من يعمل منهم في هذا المجال استغل ذلك كغطاء يتستر خلفه، ويمارس من خلاله الاعمال المشبوهة".
أياً كانت هوية الصحافيين السياسية او التهم الموجهة لهم، فالمتهم بريء حتى تثبت ادانته، فكان يجب على نقابة غزة التحرك للدفاع عن الصحافيين، و أياً كان هؤلاء المعتقلون سواء كانوا صحافيين او مواطنين عاديين، فأولاً وأخيراً هم مواطنون، ولهم حقوق وعليهم واجبات، وعلى الأجهزة الأمنية احترام حقوقهم وضمان سلامتهم وسلامة الإجراءات القانونية المتعلقة بأعمال القبض والتفتيش والتزامها بالقوانين الفلسطينية، كما يجب احترام الحق في حرية الرأي والتعبير والحريات الإعلامية المكفولة بالقانون وعدم المساس بها.
وفي ظل المناخ السائد كنا نأمل أن يؤسس ذلك لمرحلة جديدة من أجواء الثقة، والتحرك السريع من النقابتين لبذل جهود حقيقية لتوحيد الجسم الصحافي المنقسم، والعمل على منح مزيد من الحريات العامة خاصة حرية الرأي والتعبير والحريات الصحافية، واحترام النظام الأساسي الفلسطيني الذي كفل صون وحماية حرية العمل الصحافي، وإعادة الاعتبار لحرية وهيبة الصحافة والصحافيين التي انتهكت حقوقهم خلال سنوات الانقسام، ومازالت من قبل أجهزة السلطة المختلفة، وفي مقدمتها الأجهزة الأمنية.
الاعتداءات والمضايقات بحق حرية التعبير والرأي والعمل الصحافي والصحافيين وإن خفت حدتها إلا انها مستمرة بطرق وأشكال مختلفة، ومع استمرار هذه الممارسات والانتهاكات والاتهامات والتشويه والتشهير بالصحافيين، الخشية أن تتفاقم أعمال الاعتداء على حرية الرأي والتعبير وحرية الصحافة والصحافيين، وعليه بات من الضروري وقف وإزالة كافة الانتهاكات والقيود المفروضة من قبل الأجهزة الأمنية على ممارسة الصحافيين لعملهم بحرية.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت