الدور السعودي تجاه ملف أعمار قطاع غزة...!

بقلم: د.كمال الشاعر


في الفترة الأخيرة برزت بعض المشاريع الممولة من المملكة العربية السعودية إلى واجهة الأحداث بعد غياب دام لأكثر من خمس سنوات، مثل مشاريع الإسكان في محافظتي رفح والشمال.
فلقد أولت المملكة السعودية القضية الفلسطينية اهتماماً كبيراً باعتبارها قضية العرب والمسلمين الأولى، وعنصراً رئيسياً في سياستها الخارجية، فالسعودية شأنها شأن معظم الدول العربية التي تدافع عن القضية الفلسطينية في المحافل الدولية.
فلقد أضحت القضية الفلسطينية من أولويات السياسة الخارجية السعودية؛ لما للعامل الأيديولوجي من دور معين في اهتمام المملكة السعودية بالأحداث في فلسطين، والمقصود بالعامل الأيديولوجي هنا هو مقتضيات الإسلام والعروبة، والمهمات المنوط بالدولة التي تعتبر مهد الإسلام. ومع توقيع اتفاقية أوسلو 1993 قامت السعودية بدعم السلطة الوطنية الفلسطينية الوليدة ماديًا وسياسيًا.
ومع إعلان حركة حماس خوضها للانتخابات التشريعية الفلسطينية -2006م- ورفض إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي لذلك. أعربت المملكة السعودية عن حق الشعب الفلسطيني في ممارسة حقوقه الديمقراطية وبعد فوز حركة حماس بأغلبية المقاعد في المجلس التشريعي الفلسطيني في الانتخابات التي جرت في 25 يناير 2006 بنتائج تلك الانتخابات، معتبرة ذلك بأنه الخيار الديمقراطي للشعب الفلسطيني والذي يجب احترامه ولا ينبغي معاقبته عليه، والقضية الأخطر في هذا الموضوع هو الحصار المالي الذي فرضته الولايات المتحدة وإسرائيل والاتحاد الأوروبي على السلطة والشعب الفلسطيني، حيث رفضت تقديم المساعدات للسلطة والشعب الفلسطيني إلا بعد قيام حكومة حماس بالاعتراف بإسرائيل وبالاتفاقيات الموقعة بينها وبين منظمة التحرير، ونبذ الإرهاب.
فعلى أثر الدعوات الخليجية لتقديم المساعدات للحكومة الفلسطينية-حينها- طالبت الولايات المتحدة السعودية ودول المجلس الأخرى عدم إرسال أي مساعدات مالية للسلطة التي تتولاها حماس.
وكانت الولايات المتحدة – آنذاك- قد اتهمت السعودية بتقديم دعم مالي إلى حركة حماس فلقد قدرت الولايات المتحدة –حينها- ميزانية حركة حماس بعشرة ملايين دولار نصفها يأتي من السعودية فضلاً عن مئات الملايين من الدولارات تأتي من الجمعيات الخيرية السعودية وذلك وفقاً للتقديرات الأمريكية، ويأتي كل ذلك في سبيل الضغط على السعودية لإجراء إصلاحات بنكية لمنع وصول هذه الأموال إلى حركة حماس.
ومن أجل تدارك تلك الضغوط الدولية على المملكة السعودية قامت بدعم الهيئات والمؤسسات الدولية مثل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين (الأونروا) UNRWA وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائيUNDP في بناء مشاريع إسكانية بهدف إعادة الأعمار في قطاع غزة المحاصر منذ 2006.
فلقد وفرت المملكة السعودية حوالي 1485 وحدة سكنية وست مدارس وعيادة ومسجداً وروضة أطفال وسوقاً ومركزاً مجتمعياً إضافة إلى شبكة بنية تحتية متكاملة بالتزامن مع إنشاء مدارس في أماكن أُخرى في محافظة رفح وبعض الوحدات السكنية على النحو التالي(100 وحدة في محافظة الشمال و380 وحدة في محافظة رفح) تشرف عليها UNDP.
ولا شك أن مثل هذه المشاريع الضخمة التي تُقدر بمئات الملايين عكفت المملكة السعودية على عدم إعلانها في وسائل الإعلام لكي تتحرر من الضغط الأمريكي عليها وخاصة أنها تعتبر أكبر دولة خليجية وأمامها الكثير من التحديات الكبرى في المنطقة مثل (الملف النووي الإيراني – الملف العراقي – النفوذ الإيراني في المنطقة – الملف السوري – الملف اللبناني) وهي لا تريد أن تفتح على نفسها باباً في الإعلام الغربي وخاصة الولايات المتحدة التي تطالبها دائماً بإصلاحات سياسية واجتماعية داخلية، وفي خضم كل ذلك فهي لم تنس الدعم السياسي والمادي للشعب الفلسطيني على مختلف أطيافه ولكن بعيداً عن وسائل الإعلام.
رفح في 02/02/2013


الكاتب والمحلل السياسي
المحاضر في جامعتي الأمة وفلسطين
أ.د. كمال محمد الشاعر

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت